الصيحة: الأبيض – ناصر بابكر 10 أكتوبر 2022م
1
العودة إلى السودان من “ذات شيكان” كان العنوان الأبرز لموقعة المريخ أمام الأهلي طرابلس التي جرت عصر الجمعة بحاضرة ولاية شمال كردفان “الأبيض”، فتلك المدينة كانت شاهدةً على آخر ظهور أفريقي عانق من خلاله المريخ جماهيره المنتشرة في كل أنحاء السودان، وكان هدف التأهل الثمين للدور الأول من نسخة الأبطال الماضية الذي سجله “التش” في شباك المنافس الأوغندي “الاكسبريس” بتاريخ “19 / 9 / 2021” الفرحة الأخيرة التي يشاركها النادي الكبير مع جماهيره التي وجدت نفسها بعدها مُضطرةً لمتابعة معشوقها من على البُعد لمدة زادت عن العام، خاض خلالها المريخ عشر مباريات منها في أراضي الخصوم وأراضيه الافتراضية ما بين القاهرة وبحر دار، ومن المفارقات أن عودة المريخ إلى السودان كانت من “ذات شيكان”.
2
في واقع الحال الذي وثّقته (الصيحة) على مدى أربعة أيام متتالية، لم يكن اللعب بالسودان، العودة الوحيدة للمريخ والتي كانت من أرض “الكردافة”، بل إن المريخ أعاد من “كردفان الغرة” إلى الأذهان وإلى أرض الواقع قيمة النادي الاجتماعي الثقافي قبل أن يكون الرياضي، النادي الذي يصنع الحدث ويحدث الحِراك ويُحرِّك التفاعل في كافة أطياف المجتمع كجزء لا يتجزأ من رسالة الأندية بشكل عام والجماهيرية على وجه الخصوص، فكان الاستقبال التاريخي للمريخ بمطار الأبيض والتلاحم الكبير بين الجماهير القادمة من الخرطوم مع أهل ولاية شمال كردفان والروح التي أضفاها تواجد النادي الكبير وسط شعبه ومحبيه انتصاراً لا يُقدّر بثمن دون إغفال ما صنعته ليلة القطاع الثقافي للمريخ التي كانت ليلة للتاريخ بكل ما تحمله الكلمة من معنى عاش خلالها مجتمع المدينة المعطاء ساعات من المتعة بفواصل من الغناء والشعر والنثر مع مساحات الوفاء في تكريم من أجزلوا العطاء، فكان أن نثر المريخ من الفرح أطنانا لكل الألوان، معيداً دوره الريادي في الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي لا ينبغي أن تنفصل بأي حال عن الرياضية.
3
الحشود التي كانت في استقبال المريخ عند وصوله بالأربعاء، ثم الوفود التي جعلت اللون الأحمر يطغى على طريق “بارا” الذي يربط بين الخرطوم والأبيض الذي كان في الأيام القليلة الماضية شاهداً على مئات السيارات وآلاف الناس الذين تنقلوا ليعيشوا فرحة عودة المريخ إلى السودان، والحشود التي تابعت ليلة القطاع الثقافي والفعاليات التي نظمتها الجماهير على مدار أيام، وعودة المياه إلى مجاريها بين المريخ الأب ومريخ الأبيض، الموافقة على بث اللقاء بالمجان لتقديم خدمة للجماهير داخل وخارج السودان، كل تلك المشاهد تؤكد أن موقعة المريخ أمام الليبي كانت حافلة بالانتصارات، انتصارات لم تبدأ بمعانقة يسارية كمبالي ورأسية نوح لشباك المخضرم نشنوش، ولم تصنع بتكتيكات الغرايري فحسب، وإنما بدأت من قرار العودة للعب في السودان وصنعت بمشاركة الكثير من الشخصيات من مختلف القطاعات، فكان الانتصار في “شيكان” انتصارا للكيان.. وكان الانتصار في أرض الكردافة انتصارا لرسالة المريخ في المجتمع والرياضة والثقافة.