10 أكتوبر 2022 م
والجهنمية أيقونة..
نعم؛ حتى الجهنمية – كشجرة – يمكن أن تكون أيقونة..
وذلك كما ذكرنا في كلمةٍ لنا – قديمة – تحكي عن فتاة حلمت بفارس أحلامها..
حلمت به يقظةً… ومناماً… وحلم يقظة..
كانت ترى وجهه – في أحلامها – يطل عليها عبر حُجب المكان والزمان..
ثم تراه – عياناً – يطل عليها عبر أغصان جهنمية بيتها..
وباختصار؛ رأته حقيقةً بعد ذلك… وأفضى بهما الأمر إلى الارتباط زواجاً..
وجعلت من الجهنمية أيقونةً لها..
ويُفسر الزوج هذا حكاية ظهوره الغريب لها بأنه كان دائم التفكير فيها..
كان يفكر فيها تفكيراً جنونياً؛ من حيث لا تدري هي..
ومن ثم فقد يكون ما حدث – يقول – ضرباً من ضروب التخاطر عن بعد..
والعقاد كانت أيقونته بومة..
اختار طائراً ينعته كثيرٌ من الناس بالشؤم ليكون له أيقونةً يحتفي بها..
كان يضع مجسماً لها أمامه وهو يكتب..
وربما لو حضر زماننا هذا لجعل منها – أي البومة – أيقونةً أسفيرية..
ومانديلا صار أيقونة داخل – وخارج – بلده..
فقد لبث في سجن مستعمري وطنه من عمره سنين؛ بل وأحلى سني عمره..
فكان من الطبيعي أن يصبح أيقونة نضال… وصبرٍ… وتحدٍّ..
وحمدوك – عندنا هنا – بات أيقونةً؛ في غرابة شديدة..
أيقونة لثورة لم يكن له فيها سهم نضال..
وذلك كما وصفه بعض المروجين لعودته المتوهمة أمس حين انتشر الوهم..
وهمُ رجوعه رئيساً للوزراء مرة أخرى..
ولكن إن سألنا من أين يستمد مقومات أن يضحى أيقونة لما وجدنا جواباً..
أو – على الأقل – لما وجدنا جواباً منطقياً مقنعاً..
فإن غاب المنطق حلت محله العاطفة؛ فهو أيقونة (بالعاطفة كده وخلاص)..
بينما المنطق يقول إنه لم يناضل من الداخل..
بل ولم يناضل – ضد نظام البشير – حتى من الخارج؛ طيلة ثلاثين عاماً..
وإبان الثورة لم نسمع له حتى همساً داعماً لها..
فمنذ أن أحالته الإنقاذ هذه للصالح العام هاجر… وانزوى… وتجنس..
ولولا (الكوزة) أميرة الفاضل لما سمعنا به..
ولا سمع به الذين جعلوا منه أيقونةً الآن؛ وقد (صدقوا) إشاعة مقدمه..
وذلك حين رشحته وزيراً لمالية الإنقاذ..
لم يعارض… ولم يتعذّب مع الناس بالداخل… ولم يعان شظف العيش مثلهم..
وحتى كرئيس للوزراء كان فاشلاً..
ولم يختر سوى الفاشلين – مثله – من بين الذين رشحتهم له (ق ح ت)..
اختارهم وزراء… ومدراء… ومستشارين..
فكانت أفشل – وأسوأ – حقبةً سياسية في تاريخ السودان منذ نيله استقلاله..
وكان هو أفشل – وأسوأ – رئيس وزراء..
وأحد أبرز وجوه فشله ضعفه… وتردده… وبروده… وانفصامه عن الواقع..
وانفصامه عن شعبه أيضاً..
فما الذي يجعل منه أيقونةً إذن؟… لا شيء… لا شيء… لا شيء مطلقاً..
أو بالأحرى؛ لا شيء منطقي..
ولكن من قال إن من تغنوا باسمه أيقونةً للثورة ينطلقون من منطلقات منطقية؟..
إن هياج العاطفة الجمعي هو الذي يسيطر عليهم..
تماماً كما سيطر على من تغنوا باسم ناصر… وصدام… والبشير..
وصاحبة أيقونة الجهنمية يمكن أن نعذرها..
بل ربما كان اختيارها لأيقونتها هذه منطقياً؛ رغم دوافعه العاطفية البحتة..
ولكن حمدوك هذا كل منطق الأشياء ضده..
وما من سببٍ واحد – منطقي – يجعله يعود رئيساً للوزراء..
أو حتى وزيرٍ للمالية رغم فشل (الباسم)..
وما من سببٍ واحد – بعيداً عن غوغائية العواطف – يجعل منه أيقونة..
أيقونة قال!.