لماذا يدخل المرء إلى السجن…
لماذا نعتقل الناس.. ما هو المبرر الموضوعي أخلاقياً لاعتقال الناس والزج بهم خلف القضبان..
نحتاج أن نضع بعض الناس في بعض أحوال الاشتباه أو الاتهام في السجون سلباً لحريتهم جراء جائحة مخالفتهم للقواعد القانونية وبالقانون وبالقاااانون..
والقانون ليس مطية تخدم واضعيه او مُغيّريه ليصنعوا لأنفسهم حصوناً تغل يد القانون، بينما تطلقها اعتسافاً على الآخرين تشفياً وقهراً سيرتد على مرتكبيه ومناصريه وإن طال الأمد، ومهما كانت منطلقاتهم خيّرة ونواياهم سليمة والفريق الملائكي الذي ينتمون إليه، فإن استخدام اللاقانون لن يجرهم إلى حيث الحرية والسلام والعدالة أبداً، وإن تراءى لهم ذلك، القصاص والعقاب الذي اشترعه المجتمعات إنما صاغته لأجل أن تحمي المجتمعات حرثها ونسلها ولتقاوم الشرور التي في النفوس ومنها (استخدام الباطل) و(التعسف في استخدام الحق).. اجتهاد المجتمعات ببذل العناية اللازمة وهي تنفذ القانون بصرامة وعدل مثالي ينبغي أن يكون معلناً ومُصرّحاً به ولا يجوز أن يتخلله (شق أو طق)، ولا يتأتى أن يجوسه (فش الغبائن) و(تخريب المدائن)، وليس لنا أن نحيك القانون وفق ما تهوى أحقادنا فتتوجّه (حرفنتنا) إلى تفصيل النصوص لـ(تركب) في (زيد) من الناس دون (عمرو) ..
وأقسى ما يمكن صناعته من ظلم هو التجاوز المتعمد للمبدأ القانوني العظيم:
(لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص).. بمعنى أن السلوك لا يشكل مخالفة إلا إذا أقررنا كونها مخالفة، وفي زمن سابق لصدور السلوك.. أنت لا تستطيع أن تعاقب ابنك على خطأه في الدخول إلى غرفتك الخاصة والعبث بمحتوياتها إن لم تكن قد علمته مسبقاً قواعد الخصوصية وآداب الاستئذان..
(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)..
نتفهم أن يحدث التجاوز عند التنفيذ من ناحية (لكن ظروفك أبت) وباعتبار أن المنفذين بشر وكلهم خطّاءون، ولكن ليس من المقبول أبداً ووفقاً لكل أخلاق كل الشرائع أن يتم التنظير علناً لـ(تسبيك) ذلك التجاوز حتى وإن كان جبراً لضرر أو درءاً لمفسدة، إلباس المظلوم ثوب الظالم سيفتح ذات الدورة الجهنمية المفرغة .
إخوتي في (مقاليد الأمور وبؤرة الشعور)، لديكم بعض من المعتقلين في سجن كوبر، بلا جريرة – حتى الآن- حالة بعضهم الصحية تتدهور كل لحظة ويستحق احتفالكم بالتوقيع على الاتفاق أن يعاملوا بآدمية..أو جرهم حالاً إلى ميدان عام وشنقهم حتى الموت ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الاقتراب من إنجاز أي شيء للشعب السوداني (ضلوا أو اهتدوا) للطريق (الشاقي الترام)، اقتلوهم بسرعة بدلاً من هذا الموت المزري والبطيء.