خلال الأيام الماضية، وبعد الإعلان عن اتفاق المجلس العسكري مع قوى التغيير برزت من جديد ومع رفع الحظر عن الانترنت ضجة مواقع التواصل الاجتماعي كالعادة بالفيديوهات التي تشوش على المجلس العسكري وعلى قوات الدعم السريع، قرأنا عن قوائم بترشيحات عديدة لمسؤولين من طرف الحرية والتفيير في الحكومة المقبلة، وتابعنا أيضاً الهجمة على جهاز الأمن والمخابرات والمحاولات والمساعي التي تقوم بها قوى الحرية والتغيير للتفاوض مع الحركات المسلحة، هذه وغيرها أشياء تفقد الناس ثقتهم في قوى التغيير على اعتبار أن قضايا التفاوض مع الحركات هي قضية من صميم عمل الحكومة، وفي الوقت الحالي هذا الدور هو دور المجلس العسكري وسيصبح دور الحكومة بعد تشكيلها، ولذلك فإن أي مساعٍ للتفاوض مع الحركات من جانب الحرية والتغيير يعتبر عملاً غير مسؤول، ويهدف لزعزعة الثقة بين الحركات والمجلس، لأن أي اتفاق مع الحركات لا تصنعه الحكومة لن يجد حظه من التأييد والتنفيذ وقادة الحركات أنفسهم يعون هذه النقطة تماماً. إذن لا معنى من إهدار وقت في الفارغة، إن أولويات المرحلة كثيرة وتحدياتها عديدة ولو ركزت قوى التغيير مع المجلس في مصفوفة قضايا المرحلة الانتقالية في أطرها الطبيعية لكان أنفع للممارسة السياسية من غيره ومن الأشياء غير المفهومة كذلك الترويج المتعمد لإضعاف جهاز الأمن والمخابرات والعمل الجاري لتقليل صلاحياته ومحاصرته ليبقى دوره محدوداً فقط في جمع المعلومات.
وفي رأيي جهاز الأمن يجب أن يتمتع بكل صلاحياته في محاربة الجريمة العابرة وغيرها، ومن المهم عدم الزج بجهاز الأمن في الصراع السياسي، ونقدر أن زيارة نائب رئيس المجلس العسكري لجهاز الأمن كانت في إطار التأكيد والدعم للجهاز ليواصل مسيرته القوية من أجل حفظ أمن وسيادة الدولة السودانية، إن التشكيك في جهاز الأمن يجعل السودان صيداً سهلًا للمخابرات الأجنبية ويباعد الخطى بين الحكومة وجهاز الأمن في التنسيق المشترك.
عليه، نأمل أن يستشعر الكل مسؤوليته تجاه الأمن في البلاد لنزيل معاً المتاريس التي يحاول البعض تطويق منظومتنا الأمنية بها، ونرى أيضًا من الضروري في هذه المرحلة أن تلتزم القوى السياسية وقوى الحرية والتغيير على وجه التحديد بعدم الخوض في ترشيحات صارخة للفترة الانتقالية، لأننا لا نريد للوضع المأزوم أصلاً أن تتضاعف عليه الأزمات، ولهذا ليس هناك ما يبرر ترشيح عمر الدقير لرئاسة الفترة الانتقالية لكون الرجل أولاً شخصية حزبية صارخة، وثانياً لأن نسبة تأييده بين المواطنين تراجعت في العام 2019 إلى 3:6 وهذه نسبة ضعيفة لا تقدم سياسياً في بلد مثل السودان لرئاسة الوزراء في ظل تحول نحو الديمقراطية.
إن تعزيز فرص الشخصيات المستقلة لترشيحها في الوزارة المقبلة هو المخرج والأهم هو إدراك الوقت حتى لا نلتفت ونجد أن الزمن قد تسرب من بين أيدينا.