هل فُتحت الأبواب أمام المؤتمر الوطني؟
الخرطوم- الطيب محمد خير
أعلن رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول بروف إبراهيم غندور، عن تحولهم من خانة المعارضة المساندة إلى خانة المعارضة التي سيعملون من خلالها لتصحيح المسار بالطريقة التي يرونها للمحافظة على البلاد، وطالب قيادات حزبه الذين في السجون بالصبر وطمأنهم بأن النصر قريب.
ومضى غندور خلال مخاطبته تدشين حملة التضمان لإطلاق سراح نافع علي نافع، شارحاً نهج المعارضة المساندة الذي اتبعوه منذ سقوط نظام حكمهم في الحادي عشر من أبريل (2019م) حدَّدها في ثلاث نقاط، أولها: المحافظة على البلاد والشعب وأبنائه والعرض والدماء، والنقطة الثانية أنهم راضون بحكم الشعب فيهم عبر انتخابات حرة ونزيهة، والثالثة ليسوا ضد محاكمة كل من أجرم في حق البلاد، واستدرك لكنا ضد كل ظلم يجري في حقنا، مشيراً إلى أن المؤتمر الوطني ظل منذ سقوطه معارضة عاقلة لا تخريبية تصلح ولا تفرِّق تبني ولا تكسِّر.
وقال غندور: من يقولون إن المؤتمر الوطني عاد لحكم السودان أقول لهم إننا لم نمُت ولم نعُد لحكم السودان، في إشارة إلى تحذيرات أطلقها القيادي بقوى الحرية والتغيير ونائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان من عودة المؤتمر الوطني واقترابه للحكم .
وكذَّب غندور بسخرية واضحة الحديث الذي يتردَّد في الساحة السياسية السودانية بأن المؤتمر الوطني مات وأن الحركة الإسلامية قد دفنت عطفاً على ما انتهى إليه مصير الاتحاد الاشتراكي، وقال إنهم لم يستمعوا لرسالتنا بموكب الزحف الأخضر الذي تم في ٣٠ يونيو، وقلنا لهم إننا موجودين في قلوب هذا الشعب وأن الفكرة لا تموت لكنهم لم يعوها بصورة واضحة، وأشار إلى أن ما يشغلهم الآن كيف يخرجون البلاد والشعب مما هو فيه الآن من مسغبة وفقر وضياع.
ولم يغفل غندور المجتمع الدولي الذي بث له رسائل تحذيرية قائلاً: لقد بلغ السيل الذبى بالتدخلات الخارجية التي تزداد كل يوم سفراء يجوبون بلادنا عرضاً وطولاً يحاولون التحكم في مصيرها بالتدخلات الاستخباراتية والدولية.
وقال القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر، لـ(الصيحة): إن حديث غندور فيه استغلال واضح لحالة الانقلاب الذي التفت حوله كل القوى التي تساند وتدعم العمل الانقلابي، مشيراً إلى أن مجموعة المؤتمر الوطني ظلت تصف التغيير الذي أطاح بهم في 11 أبريل، بالثورة العظيمة هذه بأنه انقلاب ويصفون ما حدث في 25 أكتوبر، بأنه ليس انقلاباً وإنما تصحيح مسار، وبالتالي حديث غندور يؤكد ما ظللنا نحذِّر منه بأن الانقلابيين من اتباع العسكر والمؤتمر الوطني يتحدون والآن وضح أن كل مؤيدي الانقلابات قد اجتمعوا في صعيد في مواجهة الثورة .
وأضاف كمال من حديث غندور واضح أن المؤتمر الوطني لم يستفد من درس سقوط نظامه ولم يقم بمراجعات لتجربته التي كانت ظاهرة للعيان، وهناك معطيات أساسية لابد من توفرها حتى تندمج في الساحة السياسية كضرورة وهي الإيمان بالحريات بالتنظيم والتعبير وغيرها، فالسؤال هل المؤتمر الوطني لديه قناعة بهذه الثوابت الديموقراطية لا أعتقد من تجربتنا معه فبورقة الحريات التي قدَّمناها في حواره الوطني الذي دعا إليه رفضها وقبلها نكوصه عن تنفيذ اتفاقية نيفاشا التي أدت لفصل الجنوب وكل الاتفاقيات كان يخرقها.
وأكد كمال عمر، أن المؤتمر الوطني غير مقتنع بالثورة الشعبية التي أطاحت به وقدمت أرواح ولا تزال تقدم، فكيف يقفز على كل هذه الحقائق بكل هذا التحدي، والسؤال الأهم من الذي سمح للمؤتمر الوطني أن يتجمع ويعود بهذه الصورة المستفزة وهو حزب محظور بالقانون؟ وعلى المؤتمر الوطني أن كان يريد حقيقة أن يكون جزءاً من منظومة الشعب السوداني السياسية عليه أن ينتقد تجربته فبدلاً من ذلك ذهب لتحدي الثورة عبر أبواقه في الإعلام عبر نقد مساوئ الحرية والتغيير وهي جزء من مؤيدي الثورة وكانوا سبب فيها، ولكنها ليست كل مكونات الثورة التي هي كل الشعب السوداني الذي اقتلع نظامهم .
وقطع كمال بأن الشعب السوداني لن يقبل بعودة المؤتمر الوطني مرة أخرى حتى أن مات من الجوع ونحن لسنا ضد حرية التعبير ولا حرية المؤتمر الوطني أن يكون تنظيم في الساحة السياسية، لكن لن نقبل أن يعود بالعقلية السابقة التي كانت سبباً في سقوط آلاف الشهداء .
من جانبه قال المحلِّل السياسي أحمد يوسف التاي لـ(الصيحة): إن حكمنا على المؤتمر الوطني بتجربته في الثلاثين سنة التي قضاها في الحكم انتهى وليس من الحكمة والمنطق والعقل أن يفكِّر في العودة لحكم البلاد مرة أخرى من واقع الفساد الذي شهد به حتى مؤسسي حاضنته الحركة الإسلامية .
وأضاف التاي رغم كل الوقائع واعتراف حتى كتاب المؤتمر الوطني باستحالة عودته لكن عدم وجود حكومة رشيدة وضعف القوى السياسية التي تمثل الحراك الثوري وعدم خبرتها فتح ثغرة للمؤتمر الوطني أن يتنفس وتعود إليه الحياة بعد عامين من سقوط نظامه بثورة أذهلت العالم، وهذا واضح أن الوطني يتمدَّد في مفاصل الدولة بعد 25 أكتوبر، وبالتالي حديث غندور يمكن أن يتحقق وحديثه لا يصنَّف في خانة التهديد لأنه على رأس حزب منظَّم وله تجربة في مقابل أحزاب ضعيفة وليست لها تجربة ومتفرِّقة ومتشظية وليس لديها برنامج حد أدنى، فالوطني استغل كل هذه الثغرات رغم تجربته الفاشلة في الحكم يحاول أن يتمدَّد في الساحة وأصبح مهدَّداً حقيقياً وقد يعود بأي وسيلة للحكم مرة أخرى وأتوقع أن يسلك طريق الانتخابات وقادر على حسمها من خلال وجوده في الحكم خلال الثلاثين سنة الماضية.
وفي تفسير لتلويح الوطني بالتحوُّل للمعارضة قال التاي: إن الوطني لجأ للتحالفات وهي ظاهرة للعيان من خلال التيار الإسلامي العريض، وأضاف الساحة مهيأة الآن لتشكيلها حتى التيارات التي كانت في الحراك الثوري ضدهم لديهم أرضية لضمهم إليهم وهذا يظهر أنهم وضعوا استراتيجية جديدة للاستقطاب والذهاب للانتخابات وهذا مايفسِّر به حديث غندور عن تحولهم لخانة المعارضة.