وحيد علي عبد المجيد يكتب: الخليفة عبد الله التعايشي.. خليفة المهدي عليهما السلام
وحيد علي عبد المجيد يكتب: الخليفة عبد الله التعايشي.. خليفة المهدي عليهما السلام
ﻧﺸﺮ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ 113 ﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩﻩ ﺗﻮﺻﻠﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﺩﺅﻭﺑﺔ ﻫﻤﻬﺎ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﻠﺤﻖ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻔﺘﻪ. ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻓﻴﻔﻴﺎﻥ ﺃﻣﻴﻨﺔ ﻳﺎﺟﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻋﺘﻨﺎﻗﻬﺎ ﻟﻺﺳﻼﻡ دليلاً ﺁﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺮﺻﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﻟﻠﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺛﻮﻗﺔ.
ﻋﺮﺿﺖ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻳﺎﺟﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺻﺪﺭ ﻋﺎﻡ 2011 ﻗﺒﻴﻞ ﻭﻓﺎﺗﻬﺎ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻭﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺻﻞ بحث ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺍه ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺗﺄﻟﻔﺖ ﻣﻦ 700 ﺻﻔﺤﺔ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﻋﺎﻡ 1990 ﻣﻦ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻮﻧﺒﻠﻴﻴﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺑﻔﺮﻧﺴﺎ، ﻭﻗﺎﻡ ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﻜﻲ ﺑﺸﻴﺮ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺒﺪﺭﻱ ﻭﻫﻮ ﺃﺣﺪ ﻃﻼﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﺮﺟﻤﺘﻪ ﺳﻠﺴﺔ. ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﺣﺪ الأﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ والأكاديمية ﺍﻟﻌﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻠّﺖ المؤلفة ﺗﺘﺤﻒ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﻠﺼﺖ ﻟﻪ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻭﺍﻧﺪﻣﺠﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻣﻨﺬ ﺃﻥ ﻭﻃﺌﺖ ﻗﺪﻣﺎﻫﺎ ﺃﺭﺿﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1955 ﺯﻭﺟﺔ ﻟﻠﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻳﺎﺟﻲ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﺎﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﻷﻋﻠﻰ.
ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ إﻧﻬﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﻨﻘﻴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﻋﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﺪﻳﻘﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﻔﺠﺮ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﺿﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺑﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1881ﻡ، ﻓﺘﺴﺎﺀﻟﺖ ﻛﻴﻒ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺻﻮﺭﺓ ﺭﺟﻞ ﻗﺎﻭﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﺓ ﻵﺧﺮ ﻟﺤﻈﺔ؟ ﻓﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ، ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ ﻭﺃﺟﺎﻧﺐ، ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﮬﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺣﺎﻛﻢ ﻣﺘﺴﻠﻂ ﻭﻣﺘﻌﻄﺶ ﻟﻠﺪﻣﺎﺀ، ﻇﺎﻟﻢ، ﺷﻬﻮﺍﻧﻲ، ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، ﻛﺜﻴﺮ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﻐِﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻤﻪ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻏﺮﺽ ﺍلإﻧﺠﻠﻴﺰ ﻣﻦ ﻧﺸﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ هو ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺇﺛﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟﺠﻌﻠﻪ ﻳﺘﻘﺒﻞ ﻓﻜﺮﺓ ﺇﻋﺎﺩﺓ احتلال ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺗﺤﺖ ﻣﺰﺍﻋﻢ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻟﻤﻘﺘﻞ ﻏﺮﺩﻭﻥ، ﻭﺗﺤﺮﻳﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻭﺣﺸﻴﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻃﻐﻴﺎﻧﻪ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﻠﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻼﺋﻤﺔ ﻹﺑﻌﺎﺩﻩ ﺁﻝ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ، ﻭﺳﺠﻨﻬﻢ ﻭﻧﻔﻴﻬﻢ ﺃﻭ ﻗﺘﻠﻬﻢ.
ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻭﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺴﻘﻄﻮﻥ ﻣﻦ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺑﻤﺸﻬﺪ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ “ﺍﻟﻨﺴﺮ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ” ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻣﺮ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﺎﻥ ﺍﻟﻠﺬﺍﻥ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﻌﻠﻤﺎﻥ اﺑﻦ ﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺳﺮﻳﻌﺎً ﻓﺴﺄﻟﻬﻤﺎ ﻣُﺘﻌﺠِّﺒﺎً “ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺘﺮﺓ ﻏﺮﻳﺒﺔ، ﺃﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺧﻼﻟﻬﺎ؟”.
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻃﻼع الباحثة ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﻭﻣﻜﺎﺗﺒﺎﺕ ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﺗﺄﻛﺪﺕ ﺃﻥ ﻣﺆﻟﻔﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮ ﻣن ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺘﻘﺮ ﻟﻠﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻭﺳﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻗﺮّﺭﺕ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﺱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺩﻭﻥ ﺗﺤﻴﺰ، ﻭﺃﻥ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻟﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺗﺒﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺗﻬﻢ ﺯﺍﺋﻔﺔ، ﺃﻭ ﺗﺒﻴﻦ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﻗﺮﺍﺭﺍﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﺊ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ. ﻭﺑﺬﻟﺖ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺫﻟﻚ ﺟﻬﺪﺍً ﻣﻀﻨﻴﺎً، ﺣﻴﺚ ﺍﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ، ﻭﻗﺎﺑﻠﺖ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﻣﻤﻦ ﻟﻬﻢ ﺻﻠﺔ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ، ﻭﺍﺳﺘﻤﻌﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺷﻔﻬﻴﺔ ﺳﻤﻌﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﻼﻓﻬﻢ، ﻭﺯﺍﺭﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﺜﻞ ﻣﻮﻗﻌﻲ ﻣﻌﺮﻛﺘﻲ ﻛﺮﺭﻱ ﻭﺃﻡ ﺩﺑﻴﻜﺮﺍﺕ. ﺛﻢ ﺻﺎﻏﺖ ﻣﺎ ﺗﻮﺻّﻠﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻓﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺒﻞ ﻭﺑﻌﺪ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ، ﻭﻓﺘﺮﺓ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻋﻘﺐ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻋﺎﻡ 1885ﻡ ﻟﻤﺪﺓ 13 ﻋﺎﻣﺎً ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺎﺕ، ﺣﺘﻰ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﻋﺎﻡ 1898ﻡ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻐﺎﺯﻳﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻫﻴﺮﺑﺮﺕ ﻛﺘﺸﻨﺮ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻟﻤﺪﺓ ﺳﻨﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﻗُﺘﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﻼﺣﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺑﺄﻡ ﺩﺑﻴﻜﺮﺍﺕ ﻗُﺮﺏ ﻛﻮﺳﺘﻲ ﺑﺎﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺑﻴﺾ، ﻣﻊ ﺍﺳﺘﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤُﺤﻴﻄﺔ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ.
ﻭﺧﻠﺼﺖ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻔﻨﻴﺪ ﺍﻻﺗّﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺟﻬﺖ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ:
ﻛﺎﻥ ﻗﺎﺳﻴﺎً ﻭﺑﻼ ﺭﺣﻤﺔ ﺇﺯﺍﺀ ﻣﻌﺎﺭﺿﻴﻪ: ﻣُﻘﺎﺭﻧﺔً ﺑﺎﻟﻄُﻐﺎﺓ ﺃﻭ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻩ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺜﺮﮬﻢ ﻗﺴﻮﺓً، ﻟﻘﺪ ﺍﺿﻄﺮ ﻟﻠﻘﺴﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻋﺎﺭﺿﻮﻩ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﻣﺨﻠﺼﺎً ﺑﺎﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً ﻟﺪﻳﻪ. ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻋﻨﺪ ﻓﺘﺢ ﺍﻷﺑﻴﺾ “ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻭ ﺑﺈﺫﻥ ﻣﻨﺎ ﻻ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍﺟﺘﻬﺎﺩ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﻋﻦ ﻫﻮﻯ” ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻌﺮ أﻧﻪ ﻣﻮﺟﻪ شأﻧﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺷﺄﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻘﺪﻭﻥ أﻧﻬﻢ ﻣﺴﺨﺮﻭﻥ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻣﺸﻴﺌﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻭﻓﻘﺎً ﻟﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺍﻧﻪ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﺭﺑﺎﻧﻲ. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻘﺘﻞ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺳﻠﻄﺘﻪ. ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻻ ﻳﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻮﺗﻪ ﺗﺠﺎﻩ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺤﻘﺖ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻹﺩﺍﻧﺘﻬﺎ ﺑﺠﺮﻳﻤﺘﻴﻦ كبيرتين ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺍﻟﻤﺪﻧﻲ. ﻓﻘﺪ ﻓﺮ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﻴﺶ ﻭﺩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ، ﻓﺄﺻﺒﺤﻮﺍ ﺑﺬﻟﻚ ﻣُﺪﺍﻧﻴﻦ ﺑﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ. ﻭﻟﺪﻯ ﻋﻮﺩﺗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺩﻳﺎﺭﮬﻢ، ﺍﺳﺘﺄﻧﻔﻮﺍ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﺐ ﻭﺍﻟﻨﻬﺐ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻘﻮﺑﺘﻲ ﺍلإﻋﺪﺍﻡ ﻭﺍﻟﻘﻄﻊ ﻣﻦ ﺧﻼﻑ. ﻓﻌﻘﺎﺑﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻳﻄﺒﻖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ. ﻛﻤﺎ أﻥ ﺇﺣﺴﺎﻧﻪ ﻷﺳﺮﺍﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺭﻭﺑﻴﻴﻦ ﻭﻋﺪﻡ ﻗﺘﻞ ﺃيٍّ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮ دليلاً ﻋﻠﻰ ﺭﺣﻤﺘﻪ.
ﻛﺎﻥ ﺑﻐﻴﻀﺎً ﻟﺸﻌﺒﻪ: ﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻓﻴﻔﻴﺎﻥ إﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﺒﻐﻮﺿﺎً ﻣﻦ ﺷﻌﺒﻪ ﻻﻧﺘﻬﺰﻭﺍ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠُّﺺ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﺍﺭﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺑﻬﺰﻳﻤﺔ ﻛﺮﺭﻱ، ﺑﻴﺪ أﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﻗﺪ ﺃﺩﻫﺶ ﺗﺸﺮﺷﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ إﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻣﻦ ﺟﻴﺸﻪ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻡ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺮﺭﻱ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺒﻘﻮﺍ ﻣﻦ ﺟﻴﺸﻪ ﻣُﺼﺎﺑﻴﻦ ﺑﺨﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﻌﻪ ﺃﻥ ﻳﺤﻤﻮﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺴﻠﺤﺎً، ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺪﻯ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻭﺟﻴﻬﺔ ﺗﺒﺮِﺭ ﺫﺑﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺎﻧﻮﻩ ﻣﻦ ﻋﺬﺍﺏ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺪٌ، ﺑﻞ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺣﻴﺐ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﻮﺩﻩ ﻭﺍﻟﺘﻒ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺠﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ.
ﻭﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ أﻥ ﺍﻟﻐﺰﺍﺓ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻡ ﺩﺑﻴﻜﺮﺍﺕ ﺃﺣﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺠﻤﻌﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﻋﻦ ﺑﻴﻌﺘﻬﻢ ﻟﻪ ﻭﻋﺪﺩﻫﻢ 5 ﺁﻻﻑ ﻣﻌﻠﻨﺎً ﻟﻬﻢ أﻧﻪ ﻗﺮﺭ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﺍﻻﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﻓﺮﻓﻀﻮﺍ ﺍﻏﺘﻨﺎﻡ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﻗﺎﺗﻠﻮﺍ ﻣﻌﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ. ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1899ﻡ ﺃﺻﺒﺢ ﻗﺒﺮﻩ ﻣﺰﺍﺭﺍً ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﻤﺎ ﺃﻗﻠﻖ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻗﻠﻘﺎً ﺑﺎﻟﻐﺎً ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﻣﻔﺘﺶ ﻛﻮﺳﺘﻲ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺣﺎﻛﻢ ﻣُﺤﺎﻓﻈﺔ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﮬﺪﻡ ﻗﺒﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ. ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻗﺒﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺃﻡ ﺩﺑﻴﻜﺮﺍﺕ ﻣﺰﺍﺭﺍً بارزاً.
ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺣُﺐ ﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻐﻴﺮ: ﮬﻨﺎﻙ ﺣﺎﺩﺛﺘﺎﻥ ﺗﺆﻛﺪﺍﻥ ﺣﺮﺻﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺗﻜﺬﺑﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻬﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻢ. ﺭﻭﻯ ﺇﺣﺪﺍﮬﻤﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺬﻭﺏ ﻣﺪﺛﺮ ﺇﺑﺮﺍﮬﻴﻢ ﺍﻟﺤﺠﺎﺯ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺭﻭﺍﻫﺎ ﻳﻮﺳﻒ ﻣﻴﺨﺎﺋﻴﻞ. ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺠﺬﻭﺏ إﻥّ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﮬﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﺳﻴﺪﻫﺎ ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻭﺍﺣﺘﻤﺖ ﻭﺳﻂ ﻧﺴﺎﺋﻪ، ﻓﻘﺪﻡ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﺨﺎﺩﻣﺔ ﺷﻜﻮﻯ ﺿﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺤﺠﺎﺯ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ. ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﻜﻤﺘﻪ ﻭﺃﻭﻗﻔﻪ ﻫﻮ ﻭﺧﺼﻤﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ إﻧّﻪ ﻗﺪ ﺃﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻭﺃﻛﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﺨﺎﺩﻣﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻩ ﺑﻌﺪ أﻥ ﺍﺳﺘﻔﺴﺮ ﻋﻨﻬﺎ، ﻓﺄﻋﻠﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﻭﻫﻮ ﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻴﺪﻫﺎ، ﻭﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ. ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺣﻜﻤﻪ ﻏﺎﺩﺭ ﻣﻘﻌﺪﻩ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ “ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ. ﺍﻵﻥ ﺍﺟﻠﺲ ﺃﻧﺖ، ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ، ﻭﻧﺤﻦ ﺭﻋﻴﺘﻚ”، ﻭﺃﺛﻨﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻴﻌﻪ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ.
ﻭﻛﺎﻥ ﻟﺪﻯ ﺯﻋﻴﻢ ﺍﻟﻌﺒﺪﻻﺏ، ﻧﺎﺻﺮ ﻭﺩ ﺟﻤﻌﺔ، سيف ﺷﻬﻴﺮ ﺑﺼﺮﺍﻣﺘﻪ ﻭﺣﺪﺗﻪ. ﻭﺳﻤﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﻪ ﻭﺃﺛﺎﺭ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﺴﺎﺩ ﺣﻔﻴﻈﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺻﺮ. ﻓﺎﺳﺘﺪﻋﺎﻩ ﻭﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺳﻴﻔﻪ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻩ ﻧﺎﺻﺮ ﺇﻳﺎﻩ. ﻓﺘﻔﺤﺼﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺳﻴﻒ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﺜﻞ ﺃﻱ ﺳﻴﻒ ﺁﺧﺮ ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ إﻧﻪ ﺻﺎﺭﻡ ﻭﻓﺮﻳﺪ. ﻓﺮﺩّ ﻋﻠﻴﻪ ﻧﺎﺻﺮ بأﻥ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻳﺨﺺ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﻭﻭﺭﺛﻪ ﻣﻦ ﺃﺑﻴﻪ ﻭﻗﺘﻞ ﺑﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺷﺨﺼﺎً ﻓﻲ ﺣﺮﺏ ﺃﺑﻲ ﺭﻭﻑ، ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﺤﺪﺗﻪ ﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﻭﺣﺎﻣﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﺼﻔﻴﻦ، ﻭﻳﺸﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺀ. ﻓﺄﻋﺎﺩ إﻟﻴﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺳﻴﻔﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ: ﺧﺬ ﺳﻴﻔﻚ ﻳﺎ ﻧﺎﺻﺮ ﻷﻧﻚ ﺭﺟﻞ ﺃﻣﻴﻦ ﻭﻣﺴﺘﻘﻴﻢ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻇﺎﻟﻤﺎً ﻛﻴﻒ ﻳﺠﺮﺅ ﺭﺟﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺷﻜﻮﻯ ﺿﺪﻩ ﻭﻛﻴﻒ ﺗﺆﺍﺗﻲ ﻗﺎﺿﻴﺎً ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﺭ ﺣﻜﻤﺎً ﺑﺤﻘﻪ ﻭﻳﺪﻳﻨﻪ ﺁﻣﺮﺍً ﺇﻳﺎﻩ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ؟ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﻗﺼﺔ ﺳﻴﻒ ﻧﺎﺻﺮ ﺟﻤﻌﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺟﻌﻪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﺭﻏﻢ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻪ.
ﺃﻣﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺰﺍﻛﻲ ﻃﻤﻞ، ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﻘﻠﻪ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺴﺠﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺪﺭﺱ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤُﻮﺟّﻬﺔ ﺿﺪﻩ. ﻏﻴﺮ أﻥ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﺗﻢ ﺗﺠﺎﻭﺯﻫﺎ. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﻤﻮﺕ ﺍﻟﺰﺍﻛﻲ، ﺃﻣﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺤﻞ ﻗﺎﺿﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻠﻲ، ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﻭﺃﻥ ﻳُﻌﺎﻣﻞ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺰﺍﻛﻲ ﻃﻤﻞ. ﻭﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻭﻏﻴﺮﮬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤُﻮﻇّﻔﻴﻦ ﺍﻟﻤُﻜﻠّﻔﻴﻦ ﻳﺴﻴﺌﻮﻥ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻄﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻳﺼﻞ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﻳﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ.
ﺃﻣﺎ ﺍﺗﻬﺎﻣﻪ بأﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻏﻴﻮﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻭﻣﻜّﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﺘﺮﺟﻌﻪ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﻻﺿﻄﺮﺍﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺮﻳﺐ ﺃﻫﻠﻪ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﺃﻫﻞ ﺛﻘﺘﻪ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺷﺆﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﺗﺘﺮﺑّﺺ ﺃﻋﺪﺍﺅﻩ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺜﻖ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﻫﻤّﻬﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺑﺪﺭﺟﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﺃﻥ ﺗﻨﺘﻘﻞ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﺃﻗﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ، ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﻳﻨﺴﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ أﻧﻪ ﺧﻼﻝ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ، ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﻇﺎﺋﻒ المهمة ﻳﺤﺘﻠﻬﺎ ﺃﻗﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﻣﺨﺘﻠﻒ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ، ﻭﻻ ﻳﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺷﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ، ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ، ﻭﺃﺧﻴﻪ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﻭﺣﻤﺪﺍﻥ ﺃﺑﻲ ﻋﻨﺠﺔ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﺩﻗﻨﺔ. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻮﺳﻊ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻥ ﻳﻌﻮّﻝ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺭﺍﻋﻮﺍ ﺁﺧﺮ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺍﻋﺘﻘﺪﻭﺍ ﺑﺼﺪﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺧﻠﻴﻔﺘﻪ ﺣﻘﺎً ﻣﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ. ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻨﺴﺎﻩ ﻛﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥّ ﺍﻟﺴُّﻠﻄﺔ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺗﺆﻭﻝ ﺇﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺷﺮﻳﻒ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﻭﻳﻨﺴﻮﻥ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺃﻥّ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﻗﺪ ﺗﺨﻠﻰ ﻋﻠﻨﺎً ﻋﻦ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﻭﺗﺒﺮﺃ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﻤﺎﻣﺎً. ﻛﻤﺎ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻮﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﻠﻬﺎ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ. ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺁﻣﻦ ﺑﺎﻟﻤﻬﺪﻱ، ﻭﻣﻨﺬ ﺳُﻘﻮﻁ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺷﺪﺩ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ، ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﻴﻨﻪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎءﻭﺍ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ: “ﺃﻧﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻣﻨﻲ” ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﺘﺤﺪﺛﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ: “ﻫﻮ ﻣﻨﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﻣﻨﻪ”، ﻭﺃﺿﺎﻑ “ﻣﻦ ﻋﺼﺎﻩ ﻓﻘﺪ ﻋﺼﺎﻧﻲ”، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺆﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺮﺽ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺳﻴﺪﻧﺎ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻋﻨﺪ ﻣﺮﺽ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ. ﺃﻣﺎ ﻣُﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻷﻣﺮ بأﻧﻪ ﺻﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻏﺮﺏ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻨﻴﻠﻴﺔ ﻭﺃﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﺴﻘﻮﻁ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻓﺘﻌﺘﺒﺮﻩ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻳﺎﺟﻲ تبسيطاً مخلاً ﻭﺗﻮﺭﺩ ﺃﺩﻟﺔ بأﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻗﺪ ﻳﺤﺪﺙ أﻳﻀﺎً ﺑﻴﻦ ﺃﻣﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻭ ﺗﺤﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ أﻧﻪ ﺗﻨﺎﻓﺲ ﻭﻃﻤﻮﺡ ﺷﺨﺼﻲ للقياﺩﺓ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺣﻤﻠﺔ ﻣﺼﺮ، ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮّﺽ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ ﻟﺸﺘﻰ أﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤُﻀﺎﻳﻘﺎﺕ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﻞ ﺑﺮﺑﺮ ﻭﺩﻧﻘﻼ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻮﺟﻠﻲ، ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻥ ﻛﻠﻴﻬﻤﺎ ﻳﻨﺘﻤﻴﺎﻥ ﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻳﻨﻀﻮﻳﺎن ﺗﺤﺖ ﺭﺍﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻫﻲ ﺭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺷﺮﻳﻒ، ﻓﺎﺿﻄﺮ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺘﺪﺧﻞ ﻟﻔﺾ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻓﻔﺼﻞ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺘﻴﻦ ﻭﺟﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﺑﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﻋﻠﻰ ﺩﻧﻘﻼ ﻭﺩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻣﻲ. ﻭﺣﺪﺙ ﺍﻷﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻴﻦ ﺃﻣﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﻳﺔ ﺍﻟﺰﺭﻗﺎﺀ ﻫﻤﺎ ﻳﻮﻧﺲ ﺍﻟﺪﻛﻴﻢ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ، ﻭﻣﺴﺎﻋﺪ ﻗﻴﺪﻭﻡ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﺁﺧﺮ ﻭﺛﻼﺛﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺣﻴﺚ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺍﻷﻭﻻﻥ ﻟﻠﺘﻌﺎﻳﺸﺔ ﻭﺍﻟﺜﺎلث ﻟﻠﻬﺒﺎﻧﻴﺔ ﻓﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻭﻓﺼﻞ ﺃﻣﺎﻛﻨﻬﻢ.
ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻳﻀﻄﺮ ﻓﻲ ﺃﺣﻴﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻟﻔﺾ ﺍﻻﺷﺘﺒﺎﻙ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺍﻷﻣﻴﺮ للعاﺻﻤﺔ ﺃﻡ ﺩﺭﻣﺎﻥ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﺍﻵﺧﺮ ﻣﻦ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﻤُﻮﻛﻠﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪﺙ ﻣﻊ ﻳﻮﻧﺲ ﺍﻟﺪﻛﻴﻢ ﻭﻣﺤﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﻗﺮﺟﺔ، ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﺪﻋﻰ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻴﺘﻤﻜّﻦ ﺣﻤﺪﺍﻥ ﺃﺑﻮ ﻋﻨﺠﺔ ﻣﻦ ﺍﻹﻋﺪﺍﺩ ﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻭﺍﺳﺘﺪﻋﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜّﻦ ﺍﻷﻣﻴﺮ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺩﻗﻨﺔ ﻣﻦ ﺷﻦ ﻫﺠﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺍﻛﻦ. ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻳﻌﺼﻮﻥ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ، ﻣﻤﺎ ﺍﺿﻄﺮ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺩ ﺑﺸﺎﺭﺓ ﻣﺜﻼً ﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺩﻧﻘﻼ ﻟﻺﻧﺠﻠﻴﺰ. ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﻟﻔﺔ إﻥّ ﻫﺬﻩ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺍﺙ ﻋﺪﻳﺪﺓ.
ﻭﻳﺘّﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺭﻓﺎﻫﻴﺔ: ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺗﻬﻤﻮﺍ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺤﺐ ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺴﺎﻭﺳﺔ ﺃﻭ ﺭﺟﺎﻻً ﺫﻭﻱ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ، ﺃﻭ ﻓﻜﺘﻮﺭﻳﺔ ﻳﺮﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ﻫﻮ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻞ ﻭﺍﻟﻔﺠﻮﺭ. ﻏﻴﺮ أﻥ ﺯﻳﺠﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻌﻲ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻪ للامتياز وﻟﻠﺘﺒﺮﻙ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﻘﺪ ﺯﻳﺠﺎﺕ ﻣﻌﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﺼﺪﺭﺍً ﻟﻠﺒﺮﻛﺔ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ. ﻭﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻭﺗﻌﻀﻴﺪ ﺳﻠﻄﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﻭﺳﺎﻁ ﺷﺘﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ. ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻘﺘﺪﻱ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ﻇﻞ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﻓﻲ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﺑﺤﺐ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ، ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ، ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﺍﻣﺘﺪ ﻟﻴﺸﻤﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻛﻠﻪ ﻭﻳﻨﺴﻮﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻗﺪ ﺧﻔﺾ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺑﻊ ﺯﻭﺟﺎﺕ ﺷﺮﻋﻴﺎﺕ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩﻫﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻼ ﺣﺪﻭﺩ.
ﺣﺎﺷﻴﺔ: ﺫﻛﺮ ﻣﻬﺪﻱ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺣﻔﻴﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺻﺤﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ أﻥ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺎﻗﺒﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺄم دﺭﻣﺎﻥ، ﺍﻟﺬﻱ ﺻﺎﺭ ﻣﺘﺤﻔﺎً ﺍﻵﻥ، ﺃﺿﺎﻓﻮﺍ ﻟﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺜﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻄﻮﺍﺑﻖ وﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﻭﻥ ﻟﻢ ﻳﺸﻴﺮﻭﺍ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺷُﻴِّﺪﺕ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ، ﻭﻟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﻗﺼﺪ ﻣﻨﻪ أﻳﻀﺎً ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻴﺸﻪ ﻓﻲ ﺭﻓﺎﻫﻴﺔ.
ﻭﻳﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻬﻞ: ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺑﻨﺎؤﻩ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺩﻭﻣﺎً، ﻓﻬﻲ ﻻ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺔ. ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﺎﻟﻤﺎً ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻬﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺃﻣﻴﺎً، ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺑﻴﺖ ﻋﻠﻢ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺃﺳﻼﻓﻪ ﻟﻌﺪﺓ ﺃﺟﻴﺎﻝ ﺷﻴﻮﺧﺎً ﻣﻌﺮﻭﻓﻴﻦ ﺑﻌﻠﻤﻬﻢ ﻭﻭﺭﻋﻬﻢ. ﻭﻗﺪ ﺃﺳﺲ ﺟﺪﻩ ﻭﻭﺍﻟﺪﻩ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﺣﻼ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ الكريم، ﻭﻣﺴﺎﺟﺪ ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺑﻴﻦ ﻇﻬﺮﺍﻧﻴﻬﻢ ﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻬﻢ. ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻳﻬﻲ ﺃﻥ ﻃﻔﻼً ﻳﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﺟﺎﻫﻼً، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻳﺘﺮﺩّﺩ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﺣﺮﻳﺼﺎً ﻋﻠﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺃﻭﻻﺩﻩ ﻟﺤﻔﻆ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻷﺳﺮﺓ. ﻭﻳﺼﺪﻕ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻭﻫﻲ أﻥّ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻛﻠﻒ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ بتعليم ﻧﺴﺎﺋﻪ ﻭﺑﻨﺎﺗﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻗﺪ ﺃﻛﺪ ﺍﺑﻨﻪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﺘﺐ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻭﺭﺵ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﻓﻜﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻛﺎﻥ ﺃﻣﻴﺎً ﻫﻮ أﻧﻪ “ﻟﻢ ﺗﺼﻠﻨﺎ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﺨﻂ ﻳﺪﻩ ﻭأﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﻋﺪﺩﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ” ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﺿﻌﻴﻒ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ، ﺣﻴﺚ إﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻮﺛﺎﺋﻖ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﺘﻨﺎ ﻛﻤﺎ أﻥ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺭﺅﺳﺎﺀ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﻭﺇﻣﻼﺀ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﺊ مأﻟﻮﻑ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻻ ﻳﺪﻝ ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻴﺘﻬﻢ.
ﻭﺍﺗﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎﻕ: ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺆﻣﻨﺎً ﻣﺘﺤﻤﺴﺎً ﻭﻣﺨﻠﺼﺎً، ﻛﺎﻥ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻤﻮﺭ ﺑﺎﻋﺘﻘﺎﺩ ﻋﻤﻴﻖ ﻭﺍﻗﺘﻨﺎﻉ ﺑﺼﺤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺪﻳﻪ ﺃﻱ ﺷﻚ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﻌﺪﻝ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣُﻘﺘﻨﻌﺎً ﺑﺎﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻟﺨﻼﻓﺘﻪ ﻭﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﺧﺘﺎﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻧﺒﻴﻪ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﻬﺪﻱ. ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺻﻞ ﺇﻛﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻭﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻠﻢ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ. ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺍﺛﻘﺎً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﺷﺮﻗﺎً ﻭﻏﺮﺑﺎً ﺳﺘﺘﺒﻊ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻭﺗﺆﻣﻦ ﺑﺪﻋﻮﺗﻪ. ﻭﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺪﻑ، ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻌﺴﻜﺮﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻨﻪ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﺔ ﺑﺘﻄﻬﻴﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﺎﺋﻪ ﺍﻷﻭﻝ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩ ﻛﻞ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻜﻤﻦ ﮬﻨﺎ ﺳﺒﺐ ﻓﺸﻠﻪ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ. ﻓﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﺳﻼﺡ ﺫﻭ ﺣﺪﻳﻦ، ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺎﺟﺒﺎً ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺻﻢ ﺍﻵﺫﺍﻥ ﻋﻦ ﺳﻤﺎﻉ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﻘﻞ. ﻭﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺛﻘﺎً ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣﻦ أﻧﻪ ﻳﻄﻴﻊ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻬﻤﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ. ﻭﻗﺪ ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻭﺽ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼﻡ ﺑﻘﻮﻟﻪ: ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﻠﻢ ﺃﻭﻻً ﻭﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻤﻬﺪﻳﺔ، ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺪّﺙ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺳﻤﺔ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺗﺠﺎﻩ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻪ. ﻭﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ أﻳﻀﺎً ﻋﻠﻰ أﻥ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﻛﺎﻥ ﻛﻞ ﻫﻤّﻪ ﺃﻣﺮﻩ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﺤﻘﻮﺍ ﺑﻪ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻛﺮﺭﻱ ﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﻢ ﻭﻣُﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻨﻄﻔﺊ ﻧﻮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ. ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻘﺘﻨﻌﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺨﺎﻃﺒﻪ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﺍﻟﺨﻀﺮ ﻭﺍﻟﻤﻬﺪﻱ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻚ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻧﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻤﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ. ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﺸﺒﻊ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ بأﻧﻪ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻧﻴﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻳﺘﺼﺮﻑ ﻭﻓﻘﺎً ﻷﻭﺍﻣﺮﻩ ﻫﻮ ﻋﻤﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﻨﺎﻓﻖ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﺗﺤﺖ ﺭﺩﺍﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻟﺒﻠﻮﻍ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﻓﺮﺩﻳﺔ ﺃﻭ ﻧﻴﻞ ﺛﺄﺭﺍﺕ ﺷﺨﺼﻴﺔ.
ﻭﺗﺨﺘﻢ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭﺓ ﻓﻴﻔﻴﺎﻥ ﻳﺎﺟﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺬﻛﺮ ﺻﻔﺎﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻋﺘﺮﻑ بها ﺣﺘﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻪ، ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺘﻔﻘﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺩ ﺍﻟﺬﻛﺎﺀ ﺫﺍ ﻋﻘﻞ ﺭﺍﺟﺢ، ﻭﻃﺎﻗﺔ ﻻ ﺗﻨﻔﺪ ﻭﺷﺠﺎﻋﺔ ﻻ ﺗﻘﻬﺮ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺻﺒﺮ ﻗﻮﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ، ﺃﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﻄﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﻤُﺴﻠﻢ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻠﺪﺍً ﻣﻮﺣﺪﺍً ﻭﻗﻮﻳﺎً، ﻓﺎﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻠﺪﺍً ﺷﺎﺳﻌﺎً، ﺗﺴﻜﻨﻪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﻕ ﺍﻟﻤُﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺗﺎﻣﺔ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻟﻮ ﺃﻣﻬﻠﻪ ﺍﻟﺰﻣﻦ.
ﻭﻣﻊ أﻥ ﺍﻟﺠﺬﻭﺓ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻟﻠﻤﻬﺪﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻲ ﻣﺼﺪﺭ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻗﺪ ﺍﻧﻄﻔﺄﺕ ﺑﺎﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺃﻡ ﺩﺑﻴﻜﺮﺍﺕ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﻇﻠﺖ ﺣﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﻇﻞ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﺑﺎﻗﻴﺎً ﻃﻮﺍﻝ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻱ ﻭﺃﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺖ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ أﻧﻪ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻋﺮﺍﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺃﻥ ﺗﺘﺠﻤّﻊ ﺧﻠﻒ ﺭﺍﻳﺔ ﻳﺤﺮﻛﻬﺎ ﻫﺪﻑ ﺳﺎﻡ ﻭﺍﺣﺪ، ﻧﺎﺳﻴﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﺮﻗﻬﻢ ﺃﻭ ﻳﻘﺴﻤﻬﻢ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺣﻀﺮﺍً ﻭﺑﺪﻭﺍً، ﻣﻤﺜﻠﻴﻦ ﺑﻌﺪﺩ ﻗﻞ أﻭ ﻛﺜﺮ ﻓﻲ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ. ﻛﻤﺎ ﺃﺧﺬﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﺗﻨﺒﺜﻖ ﻓﻲ ﻋﻘﻮﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﻴﻦ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎً، ﻭﻧﺎﺿﻞ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺷﻴّﺪﻭﺍ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﻳﺔ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﺳﺘﻘﻼﻝ ﺑﻼﺩﻫﻢ.