صلاح الدين عووضة يكتب: ميدو!!
صلاح الدين عووضة يكتب: ميدو!!
لقبه هكذا..
أو ربما هو اسم (الدلع) الخاص به..
أما اسمه الحقيقي فقد نسيته… ولكني لم أنس ترديده لهابط الغناء..
فالمطرب (الهابط) أحمد عدوية غنى زمان:
أجـي من هنا…. زحمة
أروح هـنا…….. زحمة
زحـمة يا دنيا…. زحمة
زحمة وتـاهوا الحـبائب
زحمة ولا عادش رحمة
مـولد وصاحبه غائـــب
وميدو هذا – في الجامعة – كان مكلفاً بترقية ذائقتنا الموسيقية..
ولكن ذائقتنا هذه (هبطت) بأغانيه..
أغانٍ من شاكلة زحمة… وسلامتها أم حسن… والسح الدح امبو..
والآن هنالك زحمة مولد هذه الأيام..
ثم صاحبه (غائب)… بما أنه ما كان ليقبل بمثل (الهبوط) هذا..
ما كان ليقبل – عليه صلاة وتسليم – بالذي يحدث هذا في ذكرى مولده كل عام..
فأنت (تجي من هنا) فتشاهد (تزاحماً) تحفه الشياطين..
و(تروح هنا) فترى (تمايلاً) كما في بيوت الزار..
وتجد نفسك وسط (زحمة)…. غابت عنها (الرحمة)..
وغابت عنها أرواح الذين لم يحتفلوا بالمولد من الصحابة..
ولا من التابعين – وتابع التابعين – كذلك..
وإنما (نوبات) الاحتفال هي بدعة ظهرت في أزمنة (الهبوط)..
بدعة فاطمية ازدادت هبوطاً… وزحاماً
ومع الطبول هذه دروشة… وجذب… ورقص..
ثم شيوخ يضفون على ذواتهم هالات قداسة كاذبة..
قداسة لم يحظ بمثلها أبوبكر… ولا عمر… ولا عثمان… ولا علي..
ولا – من قبلهم – حبيبنا المصطفى نفسه..
ولا الذين جاءوا من بعدهم من أمثال الغزالي… وابن تيمية… والشافعي..
فالذي يحب النبي يذكره في كل وقت؛ ثم يتبع تعاليمه..
وذلك امتثالاً لقوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)..
والمولد ليس من بين الذي دعا النبيُّ الناس إلى اتِّباعه فيه..
بل ولا يعلم أحد تاريخ مولده بالضبط..
وبصراحة فإن كثيراً مما نراه من مظاهر تديننا يعود إلى عشق التجسيد..
والتجسيد – ديناً… وفكراً… وفلسفة – عكس التجريد..
أي عدم القدرة على تخيل (مقدسٍ) مجرد..
فإما أن يكون في شكل صنم هو كما (هبل) عند مشركي قريش… ومن قبلهم..
وإما في شكل حيوان كما (البقرة) لدى الهندوس..
وإما في شكل (إنسان) كما هو حال كثير من بسطاء المسلمين في زماننا هذا..
وما رسالات السماء كلها إلا لنبذ مثل (محدودية العقل) هذه..
العقل الذي لا ينطلق كمالاً ليدرك (المطلق)..
فالإنسان بفطرته – التي فطره الله عليها – يعلم أن هنالك مدبراً أسمى..
وذلك مصداقاً لقوله تعالى:
(وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى)..
ولكن منا من تستهويه فكرة وجود شريك (محسوس)..
ولذلك تكثر بين الغافلين منا ظاهرة الاعتقاد في الشيوخ… حتى الأموات منهم..
وحبهم للنبي (الإنسان) يفوق حبهم لله..
والحج من أركانه المهمة – في نظرهم – زيارة المدينة..
والمولد – عندهم – طقس موسمي شعاره (زحمة يا دنيا زحمة)..
ثم نوبات… ورقصات… وشركيات..
زحمة لا ينقصها سوى عدوية..
وميدو!.