الخرطوم : الصيحة
بخت عيشة !
عيشة الجبل..
وبقية (القونات) من أمثال بنات عذاب ؛ عوضية…ونونة…وتوتة..
فالعذاب في بلدنا بات يلد حتى القونات..
وذلك من بعد المجانين…والتائهين…والمخروشين…والسائرين بلا هدى..
يا بخت عيشة ؛ ويا حظها..
فهي – ومثيلاتها – سيكن أسعد الناس بعودة إيلا ؛ على أمل عودة أخرى..
عودة إلى موقعٍ دستوري رفيع..
سيما إن كان موقع والٍ ؛ فحينئذٍ سوف يسخر ستاد ولايته للرقص والهجيج..
وسيدفع بسخاء لصاحبات (الهشك بشك)..
تماماً كما فعل في كلٍّ من بورتسودان – ومدني – على حساب أنديتهما..
وأعني أنديتهما الرياضية العريقة في كرة القدم..
فناديا هلال الساحل وحي العرب هبطا من دوري الأضواء في عهد إيلا..
ولم يرجعا إليه إلا بعد مغادرته إلى مدني..
وما أن وصل مدني هذه حتى بدأ ناديا الأهلي والاتحاد في الانزواء التدريجي..
أو في الانسحاب التكتيكي أمام هجوم القونات..
فكانت النتيجة أن خلا ستاد مدني – كحال أخيه ستاد بورتسودان – للمهججين..
ويا بخت محال (الانترلوك) كذلك..
فهو يهتم بمظاهر الانترلوك هذه بقدر اهتمامه بملوك – وملكات – الهجيج..
ولعله سعيد بالحشود التي استقبلته أمس..
وسوف ينسى – أو يتناسى – قوة تأثير العاطفة القبلية لدى السودانيين..
بل سوف ينسى – أو يتناسى – ما هو أهم من ذلك..
أن تحشيد الحشود الحاشدة – طوعاً أو كرهاً – لا قيمة سياسية له في بلادنا..
وإلا لما سقط نميري…ومن قبله عبود..
ومن بعدهما البشير ؛ فكل هؤلاء كانوا يحظون بحشود أثناء فترات حكمهم..
بل قبل سقوط البشير هذا بقليل حُشدت له الحشود..
ووقف على مسرح الساحة الخضراء يرقص كما ترقص عيشة على المسارح..
والقذافي قبل سقوطه حُشدت له الحشود أيضاً..
فاغتر بها – شأن كل طاغية – وطفق يتوعد أعداءه بالمطاردة في كل مكان..
مطاردتهم (زنقة زنقة…وحارة حارة…وبيت بيت)..
وعلي صالح حُشدت له الحشود في شارع الستين ؛ فتملكه غرورٌ بليد..
وأخذ يسخر من أعدائه صائحاً (فاتكم القطار)..
والأعداء هؤلاء – في غرابة شديدة – هم الشعوب ؛ وليسوا غزاة أجانب..
فكل فردٍ من الشعب عليه أن يطيع وإلا فهو عدو..
ولكن قيمة الحرية هذه أنى لمحمد طاهر إيلا أن يفهمها وهو الأمي سياسياً..
فهو لا يفهم إلا أن يهبط المسؤول على الناس من علٍ..
رئيساً كان…أم وزيراً…أم والياً ؛ ثم يجعل قراراته الفوقية تهبط على رؤوسهم..
ثم يهبط الهابطون – من مغنين ومغنيات – على المسارح..
أو على ملاعب ستادات كرة القدم ؛ وعلى الفرق الرياضية أن تفسح المجال..
ثم هنالك سؤالٌ مهم علينا توجيهه لطاهر إيلا..
من أين له كل الأموال هذه التي عاش بها عزيزاً – مكرماً – في منفاه؟..
ولماذا هرب بها – وبنفسه – أصلاً إلى الخارج؟..
فالواثق من نفسه – ومن مصادر ثرواته – لا يهرب ؛ ولا يخشى شيئا..
فرئيس حزبه غندور – مثلاً – لم يهرب..
ولم يهرب ربيع عبد العطي…ولا (بلادي حقول)…ولا جمال الوالي..
ولا كثيرٌ من رموز حزب المؤتمر الوطني..
وعلى كلٍّ نبشر إيلا بأنه لن يصبح (شيئاً) ذا شأنٍ سياسي مرة أخرى..
ولو حاولنا أن نشرح له فلن يفهم..
ولكن إن قُدر لذلك أن يحدث – ولن يحدث – فيا بخت قونات بلادي..
يا بخت بنات عذاب..
وبخت ولِّي…وحمادة…وندى…وإنصاف…والبعيو…ومروة..
وبخت عيشة !.
صلاح الدين عووضه