تقرير: صلاح مختار
ضَيّقَ المجلس العسكري الانتقالي الخناق على حزب المؤتمر الوطني مُجَدّداً، وقام باعتقال عُضو المكتب القيادي بالحزب أمين الطلاب د. هشام التجاني، وتَمّ إطلاق سراحه بعد يومين من الاعتقال.
وفي ذات الاتجاه، صادر العسكري عشرات السيارات التابعة لقطاع الطلاب والشباب بالحزب، وذكرت المصادر أن بعض تلك السيارات فارهة تُقدّر ثمنها بمليارات الجنيهات, بحسب(آخر لحظة)، وأن السُّلطات وبناءً على توجيهٍ من المجلس العسكري، قامت بمُصادرة أصول كثيرة لقطاعي الشباب والطلاب بالحزب، إلى جانب مُصادرة سيارات قيادات الحزب، فيما أكدت ذات المصادر للصحيفة، أن السلطات وضعت يدها على شركة كبيرة تعمل في مجال الاستثمار والخدمات تتبع لقطاع الطلاب وذلك في مُحاولةٍ جادةٍ لشل حركة الحزب.
وكان العسكري قد أصدر قراراً قضى بحل الاتحاد الوطني للشباب والاتحاد العام للمرأة السودانية والاتحاد العام للطلاب السودانيين ومُصادرة كُل الأُصول والمنقولات، وبذلك تراجع العسكري عن قَـرارٍ أصــــدره في وَقتٍ سَابقٍ سَمَحَ للاتّحادات المَذكُورة باستئناف نشاطها.
مُحاكمة الناس
ويقول المُحلِّل السِّياسي د. ربيع عبد العاطي في حديثه لـ(الصيحة): لا يُمكن أصلاً أن يُؤاخذ أيِّ شخصٍ بتاريخه أو عقيدته الفكرية، ولا يُمكن أن تُحاكم الناس بمُوجب أدوارهم، ولا يُمكننا أن نقول هذا شيوعي أو من الحُرية والتّغيير أو أنه إسلامي حتى تتم بمُوجبه مُحاكمتهم أو مُحاسبتهم، وإذا كان ذلك كذلك لحاسبنا الناس جميعاً, بالتالي يجب أن تتم المُحاسبة على الأداء أو مَن أفسد أو سَرَقَ.
لا عُقُوبة إلا بنص
ويرى عبد العاطي أنّه لا عُقُوبة إلا بنصٍ قانوني، ولا جريمة ولا عُقوُبة إلا بنص، وحتى وإن أردنا عزل أيِّ شخصٍ أو حزبٍ لا بُدّ من قانون للعزل السِّياسي، ولفت إلى أنّ الحالة الثّوريّة لا يُمكن أن تَستمر طَويلاً وبالتالي لا بُدّ من شَرعنة الأمور.. وقال: حتى الآن قِوى إعلان الحُرية والتُغيير يتحدثون عن العسكري بسلبية، ولذلك ليست هي الحالة التي تستقيم فيها الأمور، وأكد أن الوطني الآن غير موجود فعلياً في الساحة، ومن الصعب التّهكُّن بماذا يفعل خَاصّةً خلال الفترة الانتقالية التي ليس له فيه أيِّ دُورٍ.
كامل الدسم
وأكد مُحلِّلٌ سِياسيٌّ مقربٌ من حزب المؤتمر الوطني اشترط عدم ذكر اسمه لـ(الصيحة)، أنّ الذي حدث في السودان انقلابٌ كامل الدسم، وعبّر عن أسفه لخروج الإسلاميين من المشهد، ورسم صُورةً مُظلمةً لأوضاع الإسلاميين وخَاصّةً المؤتمر الوطني في ظل أيِّ تَقارُب بين طرفي التفاوُض الآن، مُبيِّناً أنّ المحاور الخارجية ستلعب دوراً كبيراً في عملية التضييق على الإسلاميين في أنفسهم ومُمتلكاتهم ودورهم، رغم أنه قال: لن يكون هنالك تقارُبٌ أو زواجٌ (كاثلوكي) بين الحُرية والتّغيير والمجلس العسكري.
رهان التغيير
وتوقّع المصدر نفسه، تضييقاً أكبر على المؤتمر الوطني في الفترة المقبلة خَاصّةً من المحور الإماراتي الذي يتبنى التضييق على الإسلاميين في كل الدول، وبالتالي لا استبعد أن يكون هنالك مزيدٌ من الاعتقالات وسط الإسلاميين وقيادات الوطني، ورغم أنه تَوقّعَ حزباً جديداً بقياداتٍ ووجوهٍ شبابيةٍ جديدةٍ وبشكلٍ سياسي جديدٍ وأكبر، إلا أن الرهان على ذلك بالابتعاد عن الوجوه القديمة وتغييره، وقال: ما عاد الحزب القديم الرهان عليه إلا بتغييرٍ حقيقي.
تغييرٌ حَقيقيٌّ
فيما طَالَب عدد من القِوى السِّياسيَّة بعدم حظر نشاط المُؤتمر الوطني عَقب نجاح الثورة والإبقاء عليها رغم مُطالبتهم بمُحاكمة المُفسدين فيه، بيد أنّ نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” دعا لدى مُخاطبته جماهير شرق النيل في منطقة ود أبرق أن لا يشارك المؤتمر الوطني في أول انتخابات إذا تمت بعد عامٍ، وقال إنّ نظام المؤتمر الوطني شهد تغييراً حقيقياً، وأكد بالقول: (سنجري انتخابات حرة ونزيهة تشمل كل الأحزاب باستثناء المؤتمر الوطني)، ولم يعترض رئيس حزب المؤتمر السوداني، عضو إعلان الحرية التغيير في وجود قيادات من المؤتمر الوطني ومُمارسة نشاطه، وقال خلال لقاءٍ بمنزل النفيدي أخيراً، إن أي قيادي من الوطني لم يُتّهم في قضية فساد يُمكن أن يمارس عمله السياسي.
تضييق الخناق
ورغم أنّ عدداً كبيراً من قيادات المؤتمر الوطني رفضت الحديث معي بحجّة الوضع السِّياسي الراهن مُفضِّلين الانزواء والابتعاد عن الأضواء والعمل في جوٍّ هَادئ إلا أنّ أحداً منهم فضّل حجب اسمه لحساسية الموقف، قلّل في حديثه لـ(الصيحة) من التّضييق الذي ظَلّت السُّلطات تضربه على حزبه في كلِّ مكانٍ، وقال: شيء طبيعي في ظل الثورة التي ترتفع سقف مطالبها أن تُبيِّن السلطات البيان بالعمل فيما يتعلّق بعمل الحزب وتضييق الخناق عليه، وقال: رغم أنّ المؤتمر الوطني لم يَصدر قراراً بحله إلا أنّ دوره أصبحت رهينة السُّلطات في المركز والولايات ودُون وُجُود مُحاكمات أو قرارٍ من المحكمة بذلك، وأكّد أنّ منسوبي الحزب خَاصّةً الكوادر البسيطة أصبحوا اليوم بلا عملٍ، وأشار إلى أنّ كثيراً من مُؤسّسات الحزب وواجهاته الآن مُعَطّلة عن العمل وتم وضع اليد عليها، ولا يعلم أحدٌ هل تمّ حلها أم تصفيتها أم هي مُجرّد رهينة لدى السُّلطات، وأكّد أنّ الحزب حتى الآن مُجمّدٌ نشاطه.
نمرة (2)
ويَصف القيادي بالمؤتمر الشعبي د. كمال عمر المجلس العسكري بأنّه المؤتمر الوطني نمرة (2) على حد تعبيره، وقال انّ المجلس العسكري انفتحت شهيته للسلطة من خلال النفرات والحشود التي يُنَظِّمها، ودعا الإسلاميين لإفساح الطريق لغيرهم من التكوينات الأخرى.
أصول الوطني
وأشار مصدر إلى أنّ الممتلكات والأصول المملوكة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي كان ينتمي إليه الرئيس السابق عمر البشير، تصل إلى نحو تريليون و500 مليون جنيه سوداني، وقال إنّ السُّلطات بدأت في حصر تلك الأُصول والتّحَفُّظ عليها، وأكّد أنّ الاتّجاه الغالب أن يتم الإبقاء عليها خلال الفترة الانتقالية لتقرِّر بشأنها الحكومة المُنتخبة مُستقبلاً، وقَطَعَ المصدر بأنّ أُصول الوطني لن يتم الإفراج عنها على الأقل الآن ورُبّما تمّت الاستفادة منها مُستقبلاً.