مساواة الجنسين.. جدلية فقهية مجتمعية لا تنتهي
الخرطوم: الطيب محمد خير
تجدَّدت الجدلية حول قوانين المساواة بين الجنسين بمنبر “طيبة برس” خلال مسودة إدماج قضايا النوع الاجتماعي في الدستور القادم للفترة الانتقالية التي وضعتها مجموعات نسوية.
ونصت المسودة التي جاءت بعنوان (النساء يضعن دستورهن) في مبادئها العامة على المساواة بين الرجال والنساء أمام القانون وأن تكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات لكل السودانيين.
وقالت عضو لجنة المرأة بالحرية والتغيير انتصار العقيلي، في حديثها في المنبر، إن التدابير الخاصة بالمسودة نادت بإنشاء مفوَّضية مستقلة للمرأة والمساواة النوعية لضمان أكبر مشاركة للمرأة في مستويات السلطة الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) ومطالبة الدولة بوضع سياسات تحقق المساواة بين الرجل والمرأة من خلال آلية مختصة ينص عليها الدستور، وشدَّدت الناشطة أماني إدريس، على ضرورة التزام الدولة بإلغاء جميع القوانين والتشريعات التي تنتهك أو تنقص من حقوق المرأة أن ألا يتم التمييز بين الأب والأم في استخراج الأوراق الثبوتية للأبناء، مشيرة إلى أن المسودة طالبت الدولة بتمكين المرأة من المشاركة السياسية وتولي المناصب القيادية في كل مؤسسات الدولة.
وكانت البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) قد أعلنت في بيان صحفي أنها نظمت سلسلة ورش عمل نقاشات حول الدستور بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على مدار أسبوعين لصياغة رؤية دستورية موحدة مستجيبة لقضايا النوع الاجتماعي بمشاركت (40) من النساء الفاعلات في منظمات المجتمع المدني والمجموعات النسوية والأحزاب السياسية والحركات المسلحة والجامعات.
وأشار (يونيتامس) في بيانها أن النساء المشاركات في الورشة قدَّمن وثيقة قمن بصياغتها متضمِّنة مجموعة من المبادئ العامة، ومقترحات لمواد دستورية لتضمينها في أي وثيقة دستورية قادمة اشتملت على المطالبة بالمساواة بين الجنسين وربطها بالديموقراطية، مشيرة إلى أن الوثيقة تم تسليمها إلى الآلية الثلاثية والدبلوماسيين الذين حضروا الورشة وأداروا ناقشاً مع المشاركات حول كيفية دعم مجهوداتهن القيادية في المطالبة بحقهن في المشاركة في أي عملية مستقبلية لكتابة الدستور وفي مستقبل السودان السياسي.
من جهته علَّق الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، على هذه المقترحات بالقول: لا نرى الكثير من النساء في قيادة الأحزاب والمجموعات السياسية والحركات المسلحة التي نعمل معها بشكل يومي.
وابتدر رئيس هيئة علماء السودان بروفيسور محمد عثمان صالح، حديثه لـ(الصيحة) متسائلاً هل هؤلاء النسوة اللائي قدَّمن هذه المطالبة على دين الإسلام أم على دين آخر؟ فإن كن على دين الإسلام نقول لهن: نعم الله سبحانه وتعالى كرَّم الإنسان عموماً رجلاً أو امرأة وحفظ للنساء حقوقهن بالتشريعات الإسلامية الواضحة المعلومة التي ساوت بين الرجل والمرأة لكنها حدَّدت، للرجل وظيفة وللمرأة وظيفة، وهذا تضمنته آية قرانية واحدة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وأضاف: لكن المساواة الكاملة في كل شئ تخالف حتى قوانين الطبيعة نفسها، وطالما هم على الدين الإسلامي نقول لهن: لا توجد مساواة كاملة لا في الوظائف ولا المهام، وأما الميراث وزعه الله بالصورة التي فيها العدالة بين الرجل والمرأة وهذا ردنا أن كان هؤلاء النسوة على دين الإسلام، أما أن كن على غير دين الإسلام عليهن أن يبحثن عن بلد آخر ليعشن فيها، فنحن كمسلمين لن نرضى بالجندرة أو مايعرف بالمساواة الكاملة.
وفيما يلي المطالبة بالمساواة في المناصب في الدولة، قال بروفيسور عثمان: الآن النساء في كثير من الوظائف يتقاضين ذات الرواتب التي يتقاضاها الرجال، أما مطالبتهن بالوظائف القيادية في الدولة هذه لا تأتي منحه وإنما بالكفاءة أو عبر انتخابات، فإن هي استوفت شروط الكفاءة أو فازت في انتخابات لا اعتراض على ذلك، لكن أي مطالبة تلوي عنق القانون أو القيم الإسلامية والمجتمعية هذا غير مقبول والمجتمع الغربي يختلف عن المجتمع المسلم .
من جانبه قال المحامي أبوبكر عبد الرازق لـ(الصيحة): في البدء لابد من الاتفاق على المفاهيم وكيفيتها، وهنا أعني مفهوم النوع وما المقصد من استخدام مثل هذه المصطلحات، وفي جانب آخر يجب التوافق على مفهوم المساواة وهي مسألة نسبية وليست مطلقة، وفي جانب المساواة بشكلها الحاد النساء الآن أكثر عدد في أجهزة الدولة من الرجال، وهذا مبعثه أن كل الدساتير السودانية لم تحدث مفارقة بين الرجال والنساء، والتزمت جانب إعطاء حق المواطنة المتساوية بين الرجال والنساء في التكاليف الشرعية والقانونية ومنح الفرص المتكافئة بين الرجل والمرأة، لدرجة أن عدد المستشارات النساء في وزارة العدل وصل لـ(75%).
وأضاف أبوبكر: إن المرحلة التي يطالبن فيها هي مرحلة انتقالية وهي مراحل واهنة وضعيفة وبالتالي كل طرف أو جهة تطرح سقف أعلى للتفاوض ليحقق أكبر قدر من المكاسب ودرجات أكبر، لكن مطالبة هؤلاء النسوة أن لم يحدِّدن المفاهيم التي أشرت إليها يصبح تحقيقها عسيراً، وبعد تحديد هذه المفاهيم يمكننا القول إنها مقبولة أو مرفوضة، لكن في ظل هذه الضابية التي تكتنف هذه المفاهيم لأن منطلقات المفاهيم الفكرية متخلفة، وواضح هذه المجموعات استغلن النسوة هشاشة المرحلة ويتحدث من منطلق مفاهيم غير سودانية وبالتالي فإن طرحن مطالبهن بصورة واضحة حتماً ستكون مرفوضة من المجتمع السوداني.