خروج الحركات المسلحة من قوي اعلان الحرية التغيير و رفضها للاتفاق بين المجلس العسكري و حلفائها الذين خرجت عليهم ، سيجعل أمر الاتفاق والاستقرار خلال الفترة الانتقالية صعباً للغاية ، بل لا قيمة لاي اتفاقية لتقاسم السلطة خلال الفترة الانتقالية اذا كانت الحركات ليست طرفاً فيها واذا كان الاتفاق لن يجلب سلاماً ولا يشمل الجميع ، ومن الافضل لطرفي الاتفاق وشريكي الفترة الانتقالية ان يتحركا بسرعة لضم هذه الحركات واقناعها بالاتفاقية قبل ان يوقعا عليها ، فمن الضروري ان تكون الحركات المسلحة جزءاً من ترتيبات الفترة الانتقالية وعنصراً مهما في كيمياء التركيبة السياسية التي ستدير البلاد خلال هذه المرحلة .
هناك نقاط جوهرية وتحفظات محددة لا تزال محل نقاش وجدال بين السودانيين حول هذا الاتفاق بين شريكي الحكم المجبرين بحكم الضرورة والواقع علي السير معاً ، وينظر الكثيرون الي عناصر اختلاف وتعارض ستكون سبباً في تعقيد التعايش والتعاون بين الجانبين ، ولعل اكبر اختبار لهما هو كيفية التعامل مع الجهات والاطراف التي اقصيت وابعدت من المشاركة او التفاوض حول اسس ادارة الفترة الانتقالية ، وليس المقصود هنا المؤتمر الوطني الذي اختار بطوعه ان يبقي بعيداً كما ان شريكي الحكم لا يرغبان في وجوده ، لكن القوي السياسية الاخري التي تنظر بنوع من الريبة والشك في الاتفاق و تشعر بغبن لا حد لابعادها من المشاركة فيه ، لن تقف مكتوفة الايدي ستناهض الاتفاق وربما يتحالف بعضها مع الحركات للمناهضة السياسية للاتفاق .
ليس هناك خيار الا جعل الاتفاق شاملاً للجميع وليس محتكراً بين طرفين ، فالحكومة التي ستؤول اليها ادارة الفترة الانتقالية اذا ما قصرت وحصرت علي قوي اعلان الحرية والتغيير ستواجه بمعارضة سياسية شرسة من مكونات العمل السياسي الاخري ، كما انها لن تحقق شيئا ابداً اذا كان السلام هو الضلع المفقود في البلاد ، لان موقف الحركات المسلحة وخروجها من قوي اعلان الحرية والتغيير يعني شيء واحد هو عدم انخراطها في مشروع سلام لوقف الحرب وانهاء الاقتتال ، اذا ظلت الامور غير واضحة وليست محسومة بالنسبة لها كحركات تقاتل من سنوات ولم تضع السلاح حتي اليوم ، فأي حكومة قادمة إن لم يكن السلام من اولوياتها فلن تنجح وتكون عاقبتها خسران مبين .
لعل التعجيل بطي ملف الخلاف داخل قوي اعلان الحرية والتغيير ، و ضم الحركات المسلحة للاتفاق باي صيغة كانت ، اهم بكثير وافضل من توقيع الاتفاق بدون هذه الاطراف المهمة ، فما الذي سيفعله حزب الامة القومي والمؤتمر و بقية مجموعة نداء السودان داخل قوي اعلان الحرية والتغيير اذا خرجت الحركات واتخذت موقفاً مغايراً وهي من اهم عناصر نداء السودان ..؟ فهل سيضطر حزب الامة للبقاء ام سيخرج هو ايضاً وماذا يفعل بقية اعضاء نداء السودان ..؟
تصبح الحقيقة الواضحة اذا فقدت قوي اعلان الحرية والتغيير هذه الركائز الاساسية ، تكون فقدت قيمتها كتحالف سياسي ولا فائدة للمجلس العسكري في التحالف معها خلال الفترة الانتقالية لتحولها من حليف يضم عدة جهات سياسية وعسكرية الي مجموعة سياسية تتىالف من الاحزاب الصغيرة والناشطين فقط ، وهنا تكمن الازمة التي طالما تم التحذير منها ، ان اي اتفاق يجب ان يكون مع الجميع دون استثناء ، وعلي الاتفاق ان يعبر عن الجميع وليس الحرية والتغيير فقط ، ونخشي من هذا الطريق اللزج الزلِق الذي يسير فيه اطراف هذا الاتفاق ، اذا وقعوا اتفاقهم وتمت الشراكة سيحتاجون الي عديد من الاتفاقيات مع حملة السلاح والقوي السياسية الاخري حتي يضمنوا الاستقرار والسلام ويلجموا خيل التوترات الداخلية والصراعات والمنازعات السياسية التي لن تنتهي قط الا باتفاق يتراضي حوله الجميع .
وموقف اخلاقي اخر يجب ان تكون عنده قوي اعلان الحرية والتغيير ، لديها حليف مهم هو الحركات المسلحة بدا غير راض عن الاتفاق وعن وضعه في المرحلة المقبلة ، فعلي قيادات الحرية والتغيير ان لا يذهبوا للاتفاق لتقاسم السلطة من دون حلفائهم ، فلو تخلوا عنهم بهذه الكيفية وآثروا بريق وصولجان السلطان ، سيواجهون حلفائهم الغاضبين في حلبة السياسة معارضين لهم وفي الميدان ، وتلك محنة اخري .. علي المجلس العسكري وشريكه ان يتجنبا مثلها و مثل هذه النتائج …