نَعم نحن في زمن الاضطراب والتّناقُض والشُّعور المُستعار، لكن مع ذلك نَرغب في مُجرّد مُحاولة تستحضر لنا المشهد الحقيقي بمرآةٍ حياديةٍ، تنقل للعقول والوجدان السُّوداني الخرب حقيقة قُوّات الدعم السريع ودورها النبيل في تَرتيب المَشهد السُّوداني ضمن المنظومة الأمنية عبر تاريخها منذ تأسيسها وكل مراحل عَملها وحتى اليوم.
نحن نرغب في مرآةٍ صادقةٍ تنقل الأحداث والصور الحقيقيّة كما هي الصور والمَشاهد المُنيرة التي وضعت عمداً وجُحوداً على مرافئ النسيان، ومَع تَلاحُق الأزمنة وتَسارُع الأحداث نسيت واُستعيض عنها بصُورةٍ شائهةٍ مصنوعةٍ ومَقصودةٍ في حَدِّ ذاتها، وذلك لِتحقيق أهدافٍ بعضها مُعلنٌ وبعضها مَسكوتٌ عنها، بينما تاهت بل ضاعت كل الصور الجميلة والملاحم الوطنية لقوات الدعم السريع التي صَنَعَت الدّهشة والتّوازن في المُعادلة السِّياسيَّة، وأسهمت بشَكلٍ مُباشرٍ في استقرار الوطن والإقليم، بل العالم.
نَعم ضَاعَت الصُّور البهية وربما مَقصودة وسط الهتافات والأحلام المَحشودة بالحِقد والطَمع والنفوس الغَاضِبَة والشُّعور النّفسي البائس الذي يَعيشه الكَثيرون.
كلّما أجلس على زاوية مكان ما لاحتساء قهوتي، يتردّد في ذهني السؤال القديم المتجدد: لماذا اُستهدفت قوات الدعم السريع? وهي التي صنعت السلام جنباً إلى جنبٍ مع القوات المُسلحة، وكتفاً بكتفٍ مع جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وحافراٍ بحافرٍ مع قوات الشرطة، هي تعم كمنظومة أمنية مُتماسكة وليس وحدها، لكن هناك من تَعَمّد إغفال دورها واستبداله بصورة الكآبات القميئة التي ترد في وسائط الإعلام، بل السعي حثيثاً لإحداث الوقيعة بينها والقوات المُسلّحة والأجهزة الأُخـــــرى، وتَفتيتها بزرع الفتنة والشُّكوك فيما بينها، لَكنّها تَظل أحلاماً يَساريةً يُبدِّدها حَالَة التّماسُّك والانسجام الذي تَعيشه هذه المنظومة الأمنية وما تقوم به من عملٍ وأنشطةٍ مُشتركةٍ.
إنّ شباب الدعم السريع لم يشفع لهم بقاؤهم الطويل تحت الشمس والمطر والأتربة على مداخل المدن والكباري وحراسة المنشآت الوطنية الاستراتيجية، لم تشفع لهم حراسة أمن المدن التي لم يسلمون من ثرثرة قهاويها المُملة وهي تلوك سيرتهم بالباطل ويحدث كل ذلك، وإن الحس الوطني يملأ جوانح البعض، لكن العبرة تخنقهم ولا ينطقون، وتغيب بل تَهرب الرؤية منهم غضباً من حالة الظُلم التي يتعرّض لها ضباط وجنود الدعم السريع الذين يمثلون كل مُكوِّنات السودان الاجتماعي، ولا ينحدرون من مُكوِّن اجتماعي واحدٍ، فهي قوات قومية بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ.. وإنني استغرب لمن يُصمِّم حملة الإساءة ويُجنِّد لها الأفكار والأقلام والشاشات التلفزيونية ويُعامل كل قُوّات الدعم السريع منذ فكرتها وتكويناتها على أنها كتلة مُجرمة، لمُجرّد أن فرداً منها قد ارتكب جُرماً وعُرض للمحاكمة، فهو في النهاية بَشرٌ مُعرّضٌ للخطأ وحظ النفس وغير مَعصومٍ.
إنّ قُوّات الدعم السريع هي شقيقة أختها الكبرى القوات المسلحة، ومولود وطني أصيل، وحتماً هي ليس ملاكاً طالما أنها تجربة بشرية، لكن هناك من يُحاول تصويرها شيطاناً لئيماً يضم على جنبيه الهلع والخوف والموت والخراب.
هناك من يُخَطِّط لعزلها عن المُعادلة والتّسوية السودانية ويجعلها مُجرّد حارس وحامٍ لأحلامه وتطلُّعاته، بل أنّها جسم تائهٌ في فضاء غير مُستقرٍ وبلا هدفٍ استراتيجي.
حاول البعض أن يفهموا حتى بائع البطاطس والبارد وعامل الورنيش بأنّ قُوّات الدعم السريع هم العدو فاحذرهم، هؤلاء الذين يُهاجمون الدعم السريع، ويُصمِّمون الحملات الإعلامية ضدها، نجدهم يحكون ويصنعون الحكي والقصص ويُصدِّقونها في نفس الوقت برغم أنّها مَوقوتة بضباب الحَقيقة والتّاريخ لا مزاجية الشخصيات والجهويين.
إنّ أحدهم يفتخر في قروبات الواتساب بأنّه قد استل سيفه ناقداً وناغماً على الدعم السريع، وهو لا يدرك أن الدعم السريع يدرك بأنّه قبض ثمرة فعله كما ظل يعمل عبر تاريخه، والدعم السريع لديه القُدرة للدفاع عن نفسه، بَل يَمتلك جُرأة إجبار أمثاله على إدخال سيوفهم في غمدها مُكرهين لا طائعين، لكن الدعم السريع لا يفعل ولا يدع معاركه الأصيلة ويترك سيوف رماته تتوه عن هدفها وتقتتل على خصلات شعر فرسه كسولة وبيدها أن تسعى بجد لتفكيك شفرة تعقيدات حقيقة عدوها الأصلي وليس المُتوهِّم ولا المُستأجر، ذلك هو ما يُحرِّك كل ما بداخل رجال الدعم السريع وإن غار منهم البعض ووضعوا على طريقهم الأشواك حتماً لا تحيدهم عن جادة مشروعهم وأن قيادة الدعم تفهم تلك الكمائن المصنوعة، لكنها تتغاضى عنها ولن تشغل بالها بها ولا بما يدور في عُقُول البعض من الذين يجحدون الجميل ولا يعرفون الفضل، وبذلك لهم العذر حين ينسبونه لغير أهله، لأنه لا يعرف الفضل إلا أهل الفضل.