بعد دعوة البرهان.. هل ينجح المجتمع الدولي في إنجاز تسوية سياسية؟
بعد دعوة البرهان.. هل ينجح المجتمع الدولي في إنجاز تسوية سياسية؟
الخرطوم- آثار كامل
يشهد الوضع السياسي في السودان حالة تعقيد مستمر مع وجود فراغ دستوري وأزمة اقتصادية ونزاعات في الشرق والغرب وازدياد التباعد بين السياسيين والصراع حول الفترة الانتقالية كل ذلك أعاق إيجاد حل مرضي لكل الأطراف رغم المبادرات والمفاوضات .
دعوة البرهان
ودعا رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، بريطانيا والمجتمع الدولي لحث الأطراف على إنجاز التسوية السياسية والتعاون مع جميع الأطراف على حدٍ سواء.
وأكد البرهان، لدى لقائه المبعوث البريطاني الخاص للسودان وجنوب السودان، روبرت فيرويذر، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الإفريقي، أنيت ويبر، كلاً على حدة، على ضرورة إنجاز التوافق الوطني وتوسيع قاعدة المشاركة السياسية والعودة للمسار الانتقالي في ضوء الموقف المعلن من المكوِّن العسكري بالانسحاب من العملية السياسية، وشدَّد على ضرورة تحقيق التوافق بين القوى السياسية من أجل استقرار الفترة الانتقالية، مؤكداً انسحاب المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، وأن ينحصر عملها في قضايا الأمن القومي والدفاع، معرباً عن ثقته في الآلية الثلاثية كمنبر يتم فيه الإعلان عما يتوافق عليه السودانيون.
من جانبه أكد المبعوث البريطاني اهتمام بلاده بدعم عملية التوافق السياسي عبر الآليات المتفق عليها بين الأطراف، معرباً عن أمله في أن تتوصل الأطراف بأسرع ما يمكن لاتفاق يقود لتشكيل حكومة مدنية تقود المسار الانتقالي في البلاد إلى ذلك، وأكدت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي حرصها على التواصل مع جميع القوى السياسية لدفعها نحو التوافق، دون انحياز لأي طرف من الأطراف، وذلك بهدف الإسراع في التوصل لتوافق يقود لتشكيل حكومة مدنية لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية، والتحضير للانتخابات الحرة والنزيهة.
طريقة سلمية
ويرى بعض المحلِّلين السياسيين بأن التسوية هي طريقة سلمية وودية لحل أي نزاع بين الأطراف وتقديم تنازلات سياسية وإيجاد حل للمشكلة ومنع تفاقمها والخروج بالبلاد من النفق المظلم بجانب ذلك يرون بأن الجلوس وطرح القضايا بجدية يفتح الطريق نحو الحلول.
يرى أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية عثمان إبراهيم، بأن الدول الغربية سبق وأن سعت إلى تكثيف الضغوط الدولية على المكوِّن العسكري وتجميد برامج الدعم والتلويح بإجراءات أكثر تشدُّداً وسعت واشنطن عبر العديد من الدول للضغط ومارست ضغوطاً خلف الستار على أعضاء مجلس الأمن والسلم الإفريقي لإصدار قرار بتجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي ويضيف في حديثه لـ(الصيحة) بأن دعوة البرهان المجتمع الدولي لحث المدنيين لإنجاز تسوية سياسية لن تكون بالسهولة التي تراها العديد من الأحزاب السياسية المعارضة، ولكن مهما كان شكل التسويات للتوصل إلى صيغة مرضية نسبياً لأطراف الأزمة، باعتبار أن بعض القوى السياسية ترى بأن الجيش هو من يسيِّطر على المشهد السياسي من خلال ما يمارس على أرض الواقع من إجراءات أمنية وقمع متظاهرين، وأشار إلى أن أي ملامح تسوية سياسية قادمة ستحدِّد طبيعة الصراع في الفترة القادمة ومهما كانت صيغة التسوية في تهدئة الأوضاع فإنها ستكون موقتة، لأن الطرفين في حالة تربص وعداء، لذلك في كل فترة يتجدَّد الصراع وتندلع حرب التصريحات والبيانات في المشهد السياسي.
تصفية الثورة
وفي ظل تنامي المخاوف من انزلاق البلاد في أتون الفوضى، ارتفعت المطالبات بضرورة إنجاز تسوية سياسية بين المكوِّنات المختلفة لتجاوز الأزمة، إلا أن فرص الحل والقبول بها صعبة بسبب رفض قوى الثورة الحيَّة لها والمواصلة في الخروج للشارع رافعة شعاراتها بعدم الشراكة والتسوية والمساواة وهي ذات الشعارات التي تؤيدها بعض الأحزاب الأخرى منها الشيوعي الذي يرى بأن التسوية السياسية الحالية تهدف لتصفية الثورة وتكريس الدكتاتورية ونجد أن الشيوعي في 16 أبريل المنصرم 2022م، قال في بيان له: إن التسوية السياسية المطروحة حالياً، ستفاقم من تعقيدات الأزمة في البلاد، ودعا للتصدي لها بالطرق السلمية لهزيمة ما وصفه بـ “المخطط الهادف لتصفية الثورة وتكريس الدكتاتورية والتبعية”وأعتبر المكتب السياسي للحزب أن قوى الهبوط الناعم وحلفائها من اللجنة الأمنية وبعض القوى الإقليمية والدولية لا تزال تواصل مخططاتها التي تهدف إلى قطع الطريق أمام الثورة وتصفيتها في نهاية المطاف. وأكد البيان أن الحزب الشيوعي يرفض بكل وضوح مشاركة جهات وأحزاب رفضها الشعب السوداني وثار عليها من بينها المؤتمر الوطني والذين شاركوا معه حتى قيام الثورة، كما يرفض عدم وجود معايير واضحة وصريحة تحدِّد طبيعة وبرامج هذه القوى المعادية لأهداف الثورة وللمواثيق الدولية، إضافة إلى أن القضايا الواردة في برنامج الآلية المشتركة هي قضايا من صميم مهام المؤتمر الدستوري، ونوَّه إلى خلو برنامج التسوية من أي إشارة إلى ضرورة تطبيق العدالة ووقف الانتهاكات ومحاكمة المتورطين في الإبادة الجماعية وجرائم القتل.
الأوضاع لا تحتمل
فيما قال أستاذ العلوم السياسية شهاب الدين منصور، في حديثه لـ(الصيحة) بأن إنجاز تسوية سياسية في الوقت الراهن من الصعوبة بمكان، وأضاف بأن العديد من الجهات تنادي بضرورة إنجاز تسوية في أقرب فرصة. ونوَّه بأن التسوية في واقع السودان الراهن مابين الرغبة والرفض من قبل الفاعلين السياسيين، و أشار إلى أن زيارة البرهان الأخيرة إلى نيويورك وإلقاء كلمته التي أكد فيها خروجهم من العملية السياسية وترك المساحة للقوى المدنية إضافة إلى مناشدة القوى المدنية للتوصل إلى اتفاق لها علاقة وثيقة بالمناشدة التي طالب فيها المجتمع المدني بالتدخل، مضيفاً بأن المطلوب من القوى السياسية إعادة النظر بواقعية، مضيفاً بأن التسوية الآن هي الميزان بين أطراف الصراع والمطلوب الآن تحديد حقيقي للموازين مع الوضع في الاعتبار أن الأوضاع لا تحتمل استمرار النزاع.