ناطق باسم العسكري و”قحت”
*يكون عملاً موفقاً إذا استطاع المجلس العسكري إقناع قوى الحرية والتغيير (قحت) بتسمية ناطق رسمي (Spokseperson) يضبط إيقاع التصريحات باسمهما كشريكين في حكم الفترة الانتقالية. ذلك خير من أن يذهب صديق يوسف ويبث تطرفه السياسي عبر صحيفة عالمية مدعياً أن الاتفاق بينهم والمجلس العسكري الانتقالي قد أقصى العسكر وإلى الأبد من المشهد السياسي في السودان.
* ومع تمنياتنا أن يتفرغ العسكر لمهامهم الأساسية ويتركوا السياسية إذا (نضج) الساسة، لكن هذا لن يتأتى إلا إذا تمكن السودان من إقامة دولته المدنية بعيداً عن التطرف الآيدولجي أياً كان مصدره. غير أن الواقع يقول إن صديق يوسف وأمثاله من المتطرفين آيدولوجياً إنما يخادعون الناس بشعار الحكومة المدنية وهم في الواقع يسعون لإقامة ديكتاتورية مدنية أسوأ من الديكتاتورية العسكرية، مما يجعل العسكر يجدون المبرر للإطلالة كل مرة من خلال شاشة المشهد السياسي والبقاء فيه كـ(حَجَّاز) بين النُخَب السياسية المتقاتلة حول الكرسي.
* سيضطر العسكر للبقاء في المشهد السياسي بأمر قوى اليسار نفسها؛ فالثورة التي ينشدها اليساريون لم تصل إلى مبتغاها المتمثل في تصفية المؤسسات العسكرية والإحلال والإبدال وقبل ذلك ذبح (الكيزان) لمجرد الانتماء لأنهم حجر عثرة أمام صياغة الشعب السوداني وفقاً لمشروع (السودان الجديد) الذي ينادي به ثوار النضال المدني وثوار النضال المسلح من قبائل اليسار، وكأن الشعب السوداني مزرعة فئران تُجَرَّب فيها الآيدلولجيا التي سقطت حتى في معاقلها! بينما صراع الآيدلولجيا في السودان فتنة يترقبها أعداء الوطن من القوى الداعمة للتطرف الآيدلولجي. ومن قبلُ قال الرفيق صديق يوسف: (إن قرارنا ومجلس السلم والأمن الأفريقي والمجتمع الدولي؛ تسليم السلطة كاملة للمدنيين)، والشاهد هنا هو القرار الواحد الموحَّد الذي يتخذه اليسار وهذه القوى الإقليمية والدولية في الشأن السوداني.
* فحتى الآن الدولة السودانية متماسكة ولو بالحد الأدنى، وهذا ليس مطلوباً لدى قوى إقليمية ودولية لا تريد للسودان استقراراً إلا بقدر ما يخدم مصالحها. وبعضها ينتظر الانفلات وانهيار السلطة المركزية ثم التقسيم ثم تدشين مرحلة جديدة من الاقتتال بين دويلات سودانية ضعيفة متناحرة لتتمكن هذه القوى من نهب المزيد من ثروات البلاد، وفتح سوق أكبر بغرض إفراغ مخازنها من موديلات السلاح القديمة، وتمويل مصانع السلاح لديها لإنتاج الموديلات الجديدة! كما أن وجود دولة في المنطقة يُحْتَمَل أن تصبح قوية غير مرغوب حسب أمن إسرائيل ومصالح الغرب في الشرق الأوسط.
* والمتوقع بعد تسمية الناطق الرسمي باسم (العسكري) وقحت وحَسَب شهوة القَحَّاتة للتصريحات والكلام أننا إذا لم نسمع قحت تكلمت، فقد نسمعها (قَحَّتْ).