“الجيش لن ينتظر طويلاً”.. ثم ماذا بعد؟

الجيش لن ينتظر طويلاً”.. ثم ماذا بعد؟

الخرطوم- صلاح مختار

ظل رئيس المجلس الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، يكرِّر أن الجيش لن ينتظر طويلاً حتى يتفق المدنيين لتشكيل حكومة مدنية وقيادة المرحلة الانتقالية. وظل يدعو إلى ضرورة اتفاق القوى السياسية حتى يسلم السلطة لمدنيين. وباتت الكرة التي وضعها العسكريون في ملعب المدنيين بعد إجراءات الـ(25) من أكتوبر، وبعد خروج المكوِّن العسكري من الحوار السياسي باتت قريبة من إكمال أشواطها النهائية دون أن يشعر أحد بوجود ثمة اتفاق قريب المنال, وبالتالي الساحة الآن رغم الهدوء الذي يلفها تنذر بعاصفة قادمة كما يتوقع المراقبون  الذين  لا يستبعدون إجراءات جديدة وقرارات تسد الفراغ الكبير  في  الدولة والذي أثر في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.

وقت السودان

ولعل زيارة البرهان إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ومقابلته للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, وأخيراً التقى بقادة القوات المسلحة لا يخلوا من التطرُّق لقضية السودان ونظام الحكم فيه, ربما تطرَّق الحديث إلى بيان الأمين العام للأمم المتحدة بأن الوقت ليس في صالح السودان، ويدعو إلى التعجيل بتحقيق تطلعات السودانيين, بجانب تحذير ممثل الأمين العام، فولكر بيرتس، من تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني والأمني في السودان في ظل غياب اتفاق سياسي يفضي إلى العودة لمسار انتقالي مقبول. وقال: لا توجد حكومة في البلاد تؤدي وظائفها منذ إجراءات 25  أكتوبر 2021، وبالتالي، “منذ ذلك الوقت، لم يطرأ تحسُّن على الوضع في السودان. ويقول المحلِّل السياسي والمختص في الشؤون العسكرية د. أبوبكر آدم لـ(الصيحة): إن زيارة البرهان إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية منحته إشارات إيجابية ربما الضوء الأخضر فيما يتعلق بحسم الأمور الداخلية, خاصة بعد إمهال القوى السياسية الوقت الكافي للوصول إلى اتفاق أو توافق فيما بينها. وقال: البرهان ربما يريد بعد هذه المدة الطويلة من الانتظار أن يقطع الطريق أمام دعاة الفتنة الذين يروِّجون هذه الأيام إلى وجود خلاف بين الجيش والدعم السريع وهو ما يخشاه الكثيرون أن يقود إلى حمام دماء في البلاد. بجانب ذلك إحساسه بأن الأوضاع قد تفلت من بين يديه في ظل الضغط الاقتصادي والحركات المطلبية التي بدأت بإضرابات في بعض المؤسسات الحكومية الخدمية.

رؤية موحدة

وأكد آدم، كل القوى السياسية المدنية فشلت حتى الآن من فرض رؤية موحدة يمكن أن تطرح أمام المكوِّن العسكري كي يسلمها الحكومة, حتى التي تدعي أنها وصية على الشارع جانبها الصواب، لأنها لا تملك الشارع حتى تفرض رؤيتها للبرهان لتسليمها الحكومة, وفوق كل ذلك هنالك عدم توافق واتفاق واضح تجاه مبادرة أهل السودان, وحتى مشروع دستور الانتقالية بدأ معطوباً, خرجت عليه كثير من القوى السياسية وتنصلت منه قوى أخرى كبيرة. ولذلك كل الفرص المتاحة لإجماع القوى السياسية على قاعدة واحدة أو أدنى اتفاق رغم كثرة المبادرات المطروحة فإنها فشلت في ذلك. وبالتالي ليس أمام البرهان خيارات متاحة, في ظل التدهور الذي وصل مرحلة الخطورة وبات يهدِّد الأمن القومي للدولة, ولذلك ليس مستبعداً أو مستغرباً في ظل تلك الأوضاع أن يقدِّم قائد الجيش بإجراءات لحسم الفوضى, وفرض هيبة الدولة, ووقف التدهور الاقتصادي, والأمني بالبلاد. خاصة أن هنالك إشارات أكد عليها خلال زياراته الخارجية وعبَّر عنها الأمين العام للأمم المتحدة وممثله بالخرطوم فولكر بضرورة التحوُّل إلى حكومة مدنية, متفق عليها على الأقل بمعنى ضرورة اتفاق القوى السياسية على قواعد التحوُّل الديموقراطي حتى يتحقق ذلك. ولذلك من المتوقع أن يقوم البرهان بخطوات لكسر الجمود السياسي خاصة أنه ألمح بأن الجيش لن ينتظر طويلاً حتى تتفق القوى السياسية على مبادرة واحدة.

تأكيد الجيش

ويرى مراقبون أن تأكيد الجيش أمام العالم بالخروج من العملية السياسية وعدم المشاركة في حكومة كفاءات تشارك في تشكيلها كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني، بجانب  تنظيم الانتخابات، تمثل واقعاً جيداً إذا تم ذلك, وقال مصدر لـ(الصيحة): إن العالم لا يريد تكرار تجارب فاشلة في المنطقة ولا يرغبون في دعم سلطة في السودان غير متفق حولها, وذلك في ظل خطورة الوضع في السودان يبدو أن صبر البرهان قد نفد، بدليل نقده للآلية الثلاثية التي أضاعت الوقت حسب تعبيره. وقال: البرهان يرى التدهور الذي بدأ ينتشر في أوصال الدولة والفراغ و الفوضى وتردي الخدمات، وأضاف إذا صبر البرهان فإن الشعب السوداني لن يصبر عليه وبدلاً من الخروج عليه فإن عليه القيام بخطوات تعكس قدرته على إصلاح الأمور وإعادتها إلى نصابها الحقيقي.

صوت العقل

وكان القيادي بالحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل، محمد المعتصم حاكم، طالب قوى الحرية والتغيير بتحكيم صوت العقل والانخراط في الحوار السوداني لإنهاء الأزمة السياسية والوصول إلى توافق لإدارة الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات. وأكد أن خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد اعتراف الأمم المتحدة بالوضع الحالي المؤقت في السودان إلى حين تشكيل الحكومة الانتقالية المدنية المؤقتة والتي ستنحصر مهامها في معالجة الأزمة الاقتصادية وإجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت يتفق حوله بين كل المكوِّنات السياسية السودانية. وأكد حاكم، أن وداع الفريق محمد حمدان دقلو، إلى الفريق أول البرهان بالمطار يدحض كل الدعاوى، وينسف ما راج من  وجود خلاف وهمي بينهما قد يؤدي حسب أمنياتهم في نهاية الأمر إلى حرب أهلية تمكنهم من الاستيلاء على السلطة وتتحقق أمنياتهم بعد فتنة مدبَّرة تقود في نهاية المطاف إلى حرب أهلية تقضي على كل أحلام أهل السودان في الاستقرار والتحوُّل الديموقراطي.

خطوات خاصة

وقال حاكم: ربما تسهم زيارة البرهان إلى نيويورك وقبل ذلك بريطانيا، في تدعيم الخطوات التي يسير نحوها رئيس مجلس السيادة خاصة في تشكيل الحكومة المدنية الانتقالية إذا استمرت تلك المجموعات في التباطؤ وضغوطها من أجل إبعاد القوات المسلحة عن المشهد السياسي وعدم قبولهم للمبادرات الوطنية لمعالجة الأزمة والحوار السوداني سوداني المتفق حوله من الأغلبية والإدعاء بأن الأمم المتحدة تساندهم في أفكارهم عن طريق السيد فولكر إلى أن أصيبوا بخيبة الأمل بعد الإعلان الرسمي عن مخاطبة البرهان للجمعية العامة للأمم المتحدة بصفته رئيس الدولة السودانية المؤقت، كما فوجئوا بالقبول والترحاب الذي حظي به البرهان في بريطانيا ونيويورك وذلك البرنامج الحافل الذي واكب الزيارة خاصة في نيويورك ومخاطبته الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك البرنامج الحافل على هامش الزيارة بلقاء رؤساء بعض الدول وقيادات المنظمات الدولية في سبيل دعم السودان سياسياً واقتصادياً حتى ينهض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى