عبد الله مسار يكتب : أزمة الحكم في السودان (2)
25 سبتمبر 2022م
قلنا في مقالنا أزمة الحكم في السودان، إنّ السودان رغم كبر مساحته وموقعه المُميّز، وغزارة موارده وعبق وقدم تاريخه، ولكن لديه أزمة حكم منذ ما قبل الاستقلال، مروراً بالفترة الوطنية وحتى الآن، حيث إنه قائمٌ على الثنائية، وتسيطر عليه زعامات في إطار الأحزاب أو الطرق الدينية أو القبائل أو الجهات، حتى الأحزاب غير ديمقراطية وسلطة الزعيم هي الطاغية، ولكن التدافع الديمقراطي فيه معدوم، وتضيق الأحزاب في ممارسة الديمقراطية والشورى في داخلها ومع غيرها، وكذلك تستعجل في دفع العساكر لاستلام السلطة.
العامل الآخر التنافس غير الشريف بين القوى السياسية والإقصاء المقصود والمتعمد وسيطرة الذات وشخصنة الأمور والصراع غير المبرر والخصومة، بدل التعاون والتنسيق والعمل المشترك، وهذا الموقف لا يستثني أحداً، يميناً أو يساراً، وتقليدياً أو حديثاً، وإسلامياً أو علمانياً.
ثم عدم طرح رؤى وأفكار تقود إلى وحدة وتنمية وتطوير السودان.
الآن نتحدّث عن بعض أوجه أخرى من أزمة الحكم في السودان.
أولاً لم يتفق ويتراضى أهل السودان على شكل ونظام الحكم في السودان منذ الاستقلال، هل هو رئاسي أم برلماني، وهل هو فدرالي أو مركزي أو كونفدرالي أو ملكي.. أو.. أو..
ثانياً لم يتراضَ أهل السودان على دستور يقوم على الديمومة والثبات ليؤسس على العقد الوطني والحقوق والواجبات وثوابت الدولة وشكلها.
ثالثاً عدم الاتفاق على عقد اجتماعي يتضمّن ثوابت الأمة، ويؤسس على الدولة الديمقراطية المدنية.
رابعاً قيام أحزاب ديمقراطية البناء والهياكل والممارسة ونخرج من الأحزاب الديمقراطية شكلاً وديكتاتورية وممارسة، وخروج الأحزاب من الأبوية وسيطرة الطائفة أو الجماعات الدينية أو القبلية أو غير ذلك من مسميات.
خامساً المواطنة تكون أساس الحقوق والواجبات، ويطبق القانون على الجميع حتى لا يحس فرد أو جماعة أو الإقليم أو الجهة أنّ هنالك جهات سودانية تتغول وتصادر حقوق الآخرين، ولا يشعر شخص بدونية أو هنالك صاحب حق أو فيتو على الآخرين.
سادساً وجود برنامج وطني يتضمن كافة احتياجات الإنسان السوداني ومستلزمات الوطن والحكم والدولة.
سابعاً تحديد العلاقات الخارجية بمعيار مصلحة الوطن، وتعلو مصالح الأمة السودانية على أي مصالح أخرى.
ثامناً أن نقيم نظاماً ديمقراطياً رئاسياً أو برلماني القاعدة الأساسية، فيه الشعب والوسيلة إليه انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة، يشارك فيها كل أهل السودان دون عزل أو إقصاء أو سيطرة جماعة بأي مسمى أو وضع.
تاسعاً أن تتعاون القوى السياسية فيما بينها ولصالح الوطن، لأن اختلاف الآراء والأفكار لا يعني العداء والقطيعة.
عاشراً تحرير القرار الوطني من التبعية الخارجية.
أعتقد أن أزمة الحكم في السودان الممتدة منذ زمان، يجب أن تحل وتزول حتى تقوم دولة سودانية حديثة تنتهي فيها كل المشاكل القديمة والموروثة، حتى تنطلق الدولة السودانية ويستفيد الكل من إمكانيات السودان، ويسعى الجميع لرفعة ونمو وتطوير هذه الدولة السودانية.
أخيراً لا بد من خدمة مدنية مؤهلة ومحترمة، ولا بد من وظيفة عامة مبرأة من المعائب.
أخيراً أي حاكم يجب أن يهتم بالعلم والبحث العلمي ليحدث التطوُّر الصناعي والتقني، تُخرج البلاد من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة وفق إصلاح آليات ووسائل الحكم.
إنّ أزمة حكم السودان يجب أن تنتهي ليكون السودان دولة عملاقة لصالح المواطن السوداني، ونخرج من عسكري ومدني وثورة وحرب واتفاقيات وتقسيم سلطة وثروة وترتيبات أمنية،
كل هذه تنتهي بحل أزمة الحكم في السودان مع بناء جيش قوي قومي وأجهزة أمنية مؤهلة وواعية ووطنية، تُؤمِّن هذه البلاد أرضاً ودولةً وشعباً.