السودان اليوم.. هل تعثرت خطى الثورة؟
السودان اليوم.. هل تعثرت خطى الثورة؟
الخرطوم- صبري جبور
تسرَّب الإحباط داخل نفوس الشعب السوداني، لاسيما بعد فرحة عارمة بميلاد ثورة ديسمبر المجيدة، التي كانت الطريق إلى المدنية والتحوُّل الديموقراطي المنشود، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. حيث انقلبت الأوضاع رأساً على عقب، خاصة بعد الخلافات التي ضربت قوى الحرية والتغيير الائتلاف الحاكم آنذاك، بجانب الصراعات والخلافات المتكرِّرة مع المكوِّن العسكري. تلك الأزمات والمشاكل التي اعترضت طريق التحوُّل المدني قصمت ظهر الثورة التي مهَّرها الشباب بدمائهم، الذي يحلم بتحقيق المدنية، ويختار من يحكمه، بغية الخروج بالبلاد إلى بر الأمان عبر التوافق بين جميع المكوِّنات السودانية، حيث لازالت تتواصل الاحتجاجات المطالبة بحكم مدني، وتحسين الأوضاع المعيشية، لنحو ثلاثة أعوام بعد إنهاء حكم الإنقاذ، عبر الثورة الجميع كان ينتظر أن تقود المرحلة الانتقالية إلى حكم مدني ديموقراطي، إلا أنها اصطدمت بعدة عقبات وتحديات منها خلافات الشركاء، بجانب قرارات ٢٥ أكتوبر الماضي، التي أعادت عقارب الساعة إلى الوراء طبقاً لخبراء ومحلِّلون سياسيون، الأمر الذي أدى لتعقيد المشهد السياسي السوداني، ومن ثم بدأت عدد من الأجسام والواجهات المختلفة طرح مبادرات لتقريب وجهات النظر بين الأطراف، فضلًا عن الوسطاء من الخارج.
السلطة للمدنيين
وكرر رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ما ظل يردده عن رغبة الجيش في الانسحاب من الحياة السياسية، وترك السلطة، وإتاحة الفرصة كاملة للمدنيين للحوار والاتفاق على تشكيل حكومة مستقلة، بما في ذلك مجلسي السيادة والوزراء، علي الرغم من إشارته في تصريح نشرته وكالة انباء روتير الى أن قرار المكون العسكري اتُّخذ في الرابع من يوليو الماضي، وحتى الآن هم في انتظار حدوث اختراق يعبر بالبلاد إلى بر الأمان.
ونبه البرهان في تصريحاته إلى موافقته على تصريح أدلى به في الآونة الأخيرة نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو بأن المدنيين يجب أن يعينوا رئيس وزراء ورئيسا لمجلس السيادة، قائلا إن ذلك يتماشى مع ما قاله هو نفسه من قبل.
وفي وقت سابق قالت القيادة العسكرية إنها تولت زمام الأمور بسبب التناحر السياسي بين الأطراف المدنية، وأكد، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وقالت علي لسان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، أن الجيش سيظل وفياً للشعب وينحاز لخياراته الوطنية في جميع الأحوال، ودعا القوى السياسية لتحمل مسؤوليتها الوطنية وذلك بالتقدُّم في التوافق الوطني والجلوس للتحاور.
وفي الأسبوع المنصرم أكد نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أن المؤسسة العسكرية ملتزمة بترك السلطة ونقل الحكم للمدنيين، وأقر وبشكلٍ قاطع بترك أمر اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء للمدنيين، وأن القوات النظامية ستتفرَّغ لأداء مهامها الوطنية السامية المنصوص عليها في الدستور والقانون.
الشعب هو السلطة
قطع عضو مقاومة ولاية الخرطوم، مجدي تيراب، إن الثورة ماضية في تحقيق أهدافها، وقال أنها لم ولن تتعثر. مشيرًا إلى أن الثورة عمل تراكمي ومراحلي.
وقال تيراب في تصريحات لـ(الصيحة) أمس، إن الرهان هو على الشعب وجماهير الثورة، وأضاف ” الشعب هو السلطة “، فيما جزم أن برامج الثورة لم تتوقف، وتابع: ” شغالين في برنامج التصعيد الثوري من مواكب ومخاطبات” من أجل أحياء الثورة التي أشعل نيرانها الشباب.
وقلَّل تيراب من الاتهامات التي تطلق من قبل بعض العسكريين على كيانات الثورة والقوى الداعمة لها، بأنهم موالون لجهات خارجية، في الوقت نفسه أن العسكر هم يهرولون للخارج لإيجاد شرعية واعتراف، وقال تيراب: ” إذا الشعب السوداني رافض.. مافي اعتراف أو شرعية من بره”.
كما اتهم تيراب بعض الدول لديها مصالح قد تكون على حساب الشعب السوداني.
إقصاء وعدم توافق
ويرى القيادي بالحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل محمد المعتصم حاكم، أن الثورة حدث والحدث قد تحقق، وقال: لكن من المعوقات التي واجهت الثورة تكمن في عدم التوافق حول رؤية موحَّدة لمعالجة الأزمة، بجانب الإقصاء، منوِّهاً إلى أن هناك مجموعة محدَّدة قامت بإقصاء الآخرين، مشيراً إلى أن هذا المنهج أضعف قوة الثورة.
ودعا حاكم في تصريح لـ(الصيحة) أمس، إلى ضرورة إيجاد الحلول العاجلة للأزمة السياسية الحالية وذلك من خلال الجلوس في طاولة الحوار دون إقصاء من أجل تحقيق أهداف الثورة والوصول إلى توافق حول القضايا الوطنية .
وقطع حاكم أن وحدة الصف الوطني ضرورة من أجل مقابلة خطر تفكيك وتفتيت السودان إلى دويلات صغيرة.
داعياً أن تفضي المبادرات لتشكيل حكومة مدينة من تكنوقراط وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة.
استعادة المدنية
وشدّد رئيس حزب الأمة القومي المكلف فضل الله برمة ناصر، على أن حل الأزمة يتطلب إدارة عملية سياسية ذات مصداقية بضمانات دولية.
وأكد برمة بحسب بيان سابق عن الحزب، أوردته (الصيحة) أن حل الأزمة يكمن في استعادة الحكم المدني وإنهاء الوضع القائم عبر عملية سياسية بين كافة الأطراف السودانية المؤمِّنة بالتحوُّل الديموقراطي، وشدّد على أن الحزب قدَّم خارطة طريق واضحة المعالم لاستعادة الشرعية الدستورية واستكمال الفترة الانتقالية، مؤكداً أن الحزب يدعم خيارات الشعب السوداني وتطلعاته ويسعى لتحقيقها عبر كافة الوسائل السلمية.