الحرية والتغيير والإسلاميين.. صراع في الخفاء والعلن
الخرطوم: صلاح مختار
معركة حقيقية تدور في السر والعلن مابين الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين التيار الإسلامي المحسوب على المؤتمر الوطني النظام البائد، حيث تلوح معطيات تلك المعركة بين الفينة والأخرى من خلال كثير من التصريحات التي تنطلق من هنا وهنالك، وتعتقد الحرية والتغيير أن إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2021م، التي اتخذها الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أعادت الإسلاميين إلى الواجهة وقطعت الخطوات التي قامت بها لأجل تفكيك قبضتهم وإنهاء سيطرتهم على البلاد.
واعتبر التيجاني مصطفى، رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي أن تبرئة عدد كبير من الإسلاميين من قبل المحكمة العليا وفك حساباتهم دليل واضح على أنهم عادوا للواجهة من جديد، مشيراً في تصريح لـ(الصيحة) إلى أن الثورة قامت ضد حكومة المؤتمر الوطني وأن الشارع لن يرضى أبداً بعودتهم من جديد، وأشار إلى أن الإسلاميين حكموا ثلاثين عاماً، ولا يزالوا يطمعون في العودة إلى الحكم من جديد بعد تلك الإجراءات، وأوضح أنهم في الحرية والتغيير لهم رأي واضح في مسألة عودة النظام البائد من جديد، مبيِّناً أنهم متمسكون بأن لا يكون لهم أي وجود في الفترة الانتقالية ويعلمون ما يقومون به من أعمال تستهدف قتل الثورة من خلال التحرُّكات التي يقومون بها بعد أن وجدوا السانحة للعودة للمشهد بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م.
وأوضح أن الصراع الآن أصبح علناً بين الحرية والتغيير وعناصر النظام البائد.
وقال: إن كثيراً من الإجراءات التي اتخذت مؤخراً مثل إعادة منظماتهم للعمل مرة أخرى وفك حساباتهم التي كانت مجمَّدة وإعادتهم للعمل مرة أخرى عبر المحكمة العليا تشير إلى أنهم شعروا أن بإمكانهم فعل شئ لصالحهم.
وقال المحلِّل السياسي عمار سيد أحمد، لـ(الصيحة): إن مطالب ثورة ديسمبر بمدنية الدولة لا تتوافق مع رؤية الإسلاميين الذين يعتبرونها ضد الإسلام، ولهذا سيحرصون لشن حرب شعواء ضدها بشتى السبل.
وأثار حديث القيادي في التيار الإسلامي العريض محمد علي الجزولي، في لقاء بثته قناة “طيبة” الفضائية، جدل واسع حول وجود صراع بين تيارين في السودان. ويقول الجزولي: إن مسودة الدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، عبارة عن مشروع علماني عنصري متطرِّف يمثل وجهة نظر قوى إعلان الحرية والتغيير ولا يعبِّر عن توجهات غالبية أهل السودان. وأوضح الجزولي وفقاً لصحيفة “سودان تربيون”، أن ميدان معركة الدستور مفتوح ويمثل صراع بين معسكرين وتدافع بين مشروعين “أصيل ودخيل”. وأضاف عن تنفيذ مشروع الدستور “لن يتم في أرض السودان طالما نحن أحياء”، وهدَّد بمواجهتهم كتيارات إسلامية للمشروع بقوة عبر المظاهرات أو على ظهر دبابات.
مدنية الدولة
وفي نفس السياق السابق سخر القيادي البارز بالنظام السابق، أمين حسن عمر، من مطالبة حزب الأمة القومي بمدنية الدولة، وقال إنّ قوى الحرية والتغيير مشروع استبداد مات خديجًا ولن يسمحوا له بالعودة. وأورد أمين بحسب صحيفة (السوداني) الصادرة” نريد دردقة بشيش بغير زعل، بيد أنه يقول: كيف أصدق مطالبة حزب اللواء برمة ناصر بمدنية الحكومة، وهو لا يطبِّق مدنية الحزب”.
الدولة العميقة
بيد أن المحلِّل السياسي والأكاديمي د. صلاح الدومة أقر بوجود صراع بين الإسلاميين والحرية والتغيير في إطار تحقيق الدولة المدنية, وقال لـ(الصيحة): إن الصراع بينهما موجود منذ أول يوم ظهرت فيه الحرية والتغيير, واقتلعت فيه النظام السابق, بالتالي هذا ليس بجديد, ولكن تزيد وتيرته وتنخفض ولن تتوقف. غير أنه توقع حدوث حرب أهلية على خلفية تصريحات رئيس دولة القانون, وقال: سيكون هنالك حرب لاريب في ذلك. ولكنه استرجع وعاد, للقول يمكن للناس الاجتهاد لتضييق حدة النيران واحتوائها بشكل إيجابي لصالح الوطن والمواطن. ورأى استحالة الجمع بين الخطين المتوازين للتيارين, وأضاف: لا يمكن الجمع بينهما في أي نقطة من النقاط, وأضاف: هذا مستحيل, لأن هنالك خلل بنيوي ونفسي للدولة العميقة والمؤتمر الوطني, لإصرارهم بأن يحكموا أو يفنى السودان أو يحرق وليس لديهم مانع. وأكد الدومة أن التيار الإسلامي عاد للساحة. بيد أنه قال يمكن للناس أن تجتهد مرة أخرى واقتلاعهم. وقال: التغيير والثورات في تاريخ البشرية يمكن أن تستمر لعشر سنوات. والمعركة لم تنته بعد، نقول هي في بداياتها. وأكد استحالة إجراء الانتخابات في مثل هذه الظروف, وأكد وجود آليات كثيرة ولكنها تتغيَّر وتتجدَّد بالظروف, ولا يمكن إحصاء تلك الآليات لأنها كثيرة ومتعدِّدة لا يمكن حصرها .
ترميم العلاقة
مؤخراً اجتهدت قوى سياسية لترميم وتجسير العلاقة بين التيارين الإسلامي والعلماني، لكن جهدهم اصطدم بالرفض خاصة من قبل القوى اليسارية وتجمُّع المهنيين الذي اتهم أحزاب قوى الحرية والتغيير بالتحوُّل لثورة مضادة في إطار تسوية سياسية قادمة تحوي مصالحة بين الإسلاميين وأحزاب قحت التي أسماها القيادي بتجمع المهنيين حسن فاروق، بأحزاب التسوية المهدِّدة لعودة الإسلاميين، وقال حسب (الانتباهة): إن هذه التسوية يجرى الإعداد لها فيما ظلت لجان المقاومة وتجمُّع المهنيين تتمسَّك باللاءات الثلاث، وأشار فاروق، إلى تسوية سياسية موازية تقودها جهات دولية وإقليمية ستفضي لعودة الإسلاميين، وأضاف فاروق، إن ملامح سيناريو التسوية الخاصة بعودة الإسلاميين تظهر من خلال إطلاق سراح عدد من قيادات الإسلاميين المعتقلين وإعادة عدد من كوادرهم المفصولة لمواقعهم في الخدمة المدنية.
فيما قال وجدي صالح، في حوار له مع (الصيحة): إن قرارات البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، أعادت تمكين الكيزان من من الناحية الاقتصادية بإعادة أموال الدولة لهم وأعاد تمكينهم إلى الخدمة المدنية بإعادتهم إلى الخدمة وإلغاء كل القرارات التي اتخذتها لجنة إزالة التمكين، وأضاف قائلاً: أنا على يقين بأن هذه الثورة مستمرة ولن تتوقف وسنسقط هذا الانقلاب وسيعيد الشعب السوداني مهمة التفكيك وسيفكك بنية نظام الثلاثين من يونيو، وأيضاً البنية التي أعاد بناءها نظام 25 أكتوبر، لنبني مؤسسات دولة مدنية ديموقراطية كاملة.