الشّـــــو !
لَفَتَ نظري خبرٌ عن سفر وفد من قوى الحرية والتغيير إلى (النيجر)، حيث تنعقد قمة أفريقية عادية للحكومات والرؤساء، وقَبلَها جَرَى تداوُل خبرٍ مماثلٍ عن ابتعاث وفدٍ من ذات الجماعة إلى اجتماعات مجلس السّلم والأمن الأفريقي بأديس أبابا ! هذا فَضْلاً عن تصريحاتٍ تلفزيونية لأحد قياداتهم عن (توجيه) قِوى الإعـــــلان، دعوات لقادة الإيقاد والاتحاد الأفريقي بشأن المُشاركة في احتفالات التوقيع النهائي على الاتّفاق مع المجلس العسكري، والذي حتى الأمس كان تحت عمليات التدقيق اللغوي والاصطلاحي ! وقطعاً فإنّ هذا كلّه هِرَاءٌ وشغل (شو)، لأنّ تلك المؤسسات لا تتعامل مع أفراد وأحزاب، بل إنّ حتى مُقابلة الوفد السابق لرئيس المفوضية الأفريقية كان سُلُوكاً فيه جانب مُجاملة من موسى فكي المفوِّض وربما المجلس العسكري وهو سَابقةٌ في جدول أعمال المُفوِّض المُحترم.
اجتماعات مجلس السلم الأفريقي، معروف اختصاص عقدها من حيث الأجندة وبروتوكول المُشاركة وحتى للدول يتم فيه استبعاد الدولة موضوع الملف والنقاش فلا يحضرها مُمثلها بالاتحاد أو بلد التمثيل، وهو مجلس حين ينعقد لا يستضيف جماعة ثائرة أو فصيلاً ضد دولة، غض النظر عن صوابية قضيته من عدمها ومثله، بل أشد القمم الأفريقية المُخَصّصَة لرؤساء الحكومات والدول، ولا أظن أنّ هذا تقليدٌ يُمكن أن يبدّل أو يكسر لقحت أو غيرها وحتى لأصحاب نضالات أعظم مثل الفلسطينيين وغيرهم، فالشاهد إنّ القائد والفصيل الذي حَازَ استثناء كَانَت مُنظّمَة فتح وياسر عرفات في قمة إفريقية في منتصف السبعينيات بأوغندا وبضغط ودعوة من الرئيس الأوغندي عيدي أمين.
مجلس السلم والأمن الأفريقي لم يستقبل هو أو المُستوى المُوازي له قبل تكوينه الحركة الشعبية في ذَروة شُيُوع قِصّتها ولم يفعل مع حركات وثُوّار وسَاسة مُعارضين لأنظمتهم من غرب أفريقيا الى جُنُوبها، بل أظن أنّ مانديلا بكل إرثه لم يَدخل الاتّحاد الأفريقي أو منظّمة الوحدة إلا رئيساً لجنوب أفريقيا بعد التّحرُّر وانهيار نظام الفصل العُنصري، ممثلاً لحكومتها كرئيس دولة عضو، فكيف يمكن لقِوى الحُرية تسويق مثل هذه الخزعبلات وإقناع الناس بها؟!
إلى أن يُعلن ويُسمى رئيس الوزراء وتُشكّل حكومته، سيظل المجلس العسكري وربما المجلس السيادي حتى في وجود مجلس الوزراء هو من يحُدِّد السفراء والمناديب ويوفدهم إلى الخارج ويَعتمد القادمين، لأنه الحاكم وممثل الدولة وحتى اتفاقات السودان القادمة والسابقة هو من يُحَدِّدها ويقطع فيها بما فيها أيِّ شراكات سياسية أو عسكرية أو أيِّ التزامات تجاه المُجتمع الإقليمي والدولي ومُؤسّساته، وبذا هو من ينيب عنه، مَن يُشارك في القِمم الآن، ومن يتحدّث، وتبعاً له هو من يدعو لمُناسبات الداخل أو يُوفّد المُلبِّين لدعوات الخارج وأيِّ فعلٍ من حزبٍ أو تنظيم قوى الحرية أو غيرها يتجاوز هذا فهو شغلٌ فطيرٌ وسلوكٌ مُضحكٌ فقط.
الآن وكيل الخارجية وبتوجيهٍ من المجلس العسكري هو الذي سيُوجِّه الدعوة لحُضُور الاتّفاق ويُسمِّي المُشاركين وليس قوى الحرية والتغيير؛ هذه هي الحقيقة والأصول وهو الصحيح والأصح.