المدنيون والعسكريون.. مستقبل العلاقة!!
المدنيون والعسكريون.. مستقبل العلاقة!!
الخرطوم: عوضية سليمان
يا ترى كيف ينظر الفرقاء السودانيين لمستقبل العلاقة مابين المكوِّنين العسكري والمدني؟ وهل سيدخلون في شراكة جديدة أم سيجمعهما اتفاق ما، ينهي حالة الأزمة السودانية، أم ستعصف الأزمة المستعرة بأي مستقبل يجمعهما؟
إن مياه كثيرة مرت تحت جسر العلاقة السابقة التي جمعتهما، ففي الوقت الذي قطع فيه البعض بأن لا شراكة ستجمعهما مرة أخرى رأى آخرون أن نجاح الفترة الانتقالية مرهون بشراكة جديدة.
إن الذاكرة السياسية في السودان تذكر تصريح شهير لرئيس مجلس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، عقب توقيع الوثيقة الدستورية عام 2019 مابين المكوِّنين العسكري والمدني، حيث قال إنها شراكة أنموذجية يمكن أن تصدر للعالم غير أن التصريحات الحالية في معظمها تتنكَّر لتلك العلاقة خاصة من قبل المكوِّن المدني.
ولقد ذكر وزير المالية جبريل إبراهيم، في مؤتمر صحفي عقد بالخرطوم قبل يومين أن (قوى التوافق الوطني) ترى أن الشراكة بين القوى المدنية والعسكرية هي التي يمكن أن تحافظ على الاستقرار في الفترة الانتقالية، مذكراً بأن هذه الشراكة في الأصل هي فكرة قوى الحرية والتغيير التي اتفقت عليها مع المكوِّن العسكري في عام 2019م.
وتسـاءل عن إمكانية قيام حكومة مدنية انتقالية كاملة الدسم، وقال إنهم يرون أنه ليس من السهل القول للجيش اذهب إلى الثكنات في الوقت الحالي.
وقال: “إذا كان بالإمكان تحقيق ذلك واختار الجيش أن يذهب إلى الثكنات فإن ذلك أمر جيِّد. ولكن قراءتي للبيان الذي أصدره البرهان أنه لا يقول إنهم يذهبون إلى الثكنات، بل أعلن انسحابهم من الحوار وإذا اتفقت القوى السياسية سيسمحون بتكوين حكومة مدنية ومن جانبهم سيشكِّلون مجلس عسكري أعلى له سلطات أكبر من سلطات مجلس السيادة.
وشدَّد جبريل على أنهم في قوى التوافق الوطني يعتقدون عدم مشاركة الجيش في السلطة تحت ظل مثل هذا السيناريو سوف يشكِّل عائقاً في تحقيق التحوُّل الديموقراطي.
غير أن عضو المجلس الانتقالي السابق محمد الحسن التعايشي، رأى أن تقديراتهم بالتزام المكوِّن العسكري بالشراكة بأنه كان خطأً ساذجاً، وتحسَّر على عدم حل الأزمة وقتها، قائلاً:“ كنت أتمنى أن نبرز مقدراتنا لحل الأزمة وندرك حجم مخاطر الانتقال.
وشدَّدعلى ضرورة أن لا ينبني الدستور المقبل على شراكة، بل على تعريف علاقة الجيش بالسياسة وشؤون الحكم، وأوضح أن الحل يكمن في إنهاء الانقلاب ووضع البديل له .
فيما أكد القيادي بالحرية والتغيير عروة الصادق، حقيقة بعد الشقة وتزايد الخلافات بين المدنيين والعسكريين، وازدواج المواقف بينهما، وأرجع أسبابها إلى تحفيز جهات مدنية للمؤسسة العسكرية بعدم الإيفاء بالتزاماتها في انتقال السلطة للمدنيين في نوفمبر ٢٠٢١م، وحثتهم على الانقلاب في أكتوبر ٢٠٢١م، وقال عروة في تصريح لـ(الجريدة): انتهى بهم الأمر بدكتاتورية آحادية قابضة لا شريك لها سوى موظفي السلطة الانقلابية .
وأكد رئيس حزب الأمة القومي اللواء معاش برمة ناصر، أن العودة إلى المسار الديموقراطي يعد المخرج لأزمة السودان،
وأشار برمة في حديث لقناة الجزيرة مباشر السبت، أن الوضع في السودان يتطلب التغيير لما سببته إجراءات 25 أكتوبر من تعميق للأزمة.
وكشف برمة عن لقاء جمعه برئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي قبل أسبوعين استمر قرابة الساعتين، وأضاف برمة: طالبت فيه البرهان بتسليم السلطة للمدنيين، وقال: إن البرهان أخبره بأنه لن يسلِّم السلطة إلا لحكومة منتخبة خلافاً لما تعهَّد به في بيانه الأخير، وزاد برمة: لمست من حميدتي أنه على قناعة تامة بتسليم السلطة للمدنيين والعودة للثكنات.
وأضاق قائلاً: ما يفهم أن البرهان لا يريد شراكة وإنما الحكم حتى الوصول إلى مرحلة الانتخابات وتسليم السلطة لمن ينتخبه الشعب، أما حميدتي فيريد تسليم السلطة من دون الدخول في شراكة.
من جانبه قال القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار، في تصريح لـ”تسامح نيوز”: إذا أراد العسكر الابتعاد عن السياسة فعليهم حل مجلس السيادة فوراً والعودة للثكنات.
أما القيادي بالحرية والتغيير نورالدين صلاح الدين، فقد وصف
قول القادة العسكريين بالانسحاب من الساحة السياسية بأنه مجرَّد مناورات ومحاولات لكسب الوقت.
وقال لقناة “سكاي نيوز عربية”، لا يمكن الذهاب لانتخابات دون الوصول لتحديد أزمة السودان وتحديد وضع المؤسسة العسكرية التي لا ينبغي أن يكون لها دور سياسي .
وأشار إلى أن ما نصت عليه الوثيقة الدستورية من إشراك للعسكر في السلطة كان خطأً يجب تجنُّبه في المستقبل.
وكان رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قد أعلن انسحاب الجيش من العملية التفاوضية في السودان وطالب القوى السياسية بالاتفاق وتكوين حكومة مدنية ..الأمر الذي لم يتحقق.
حماية الدولة
فيما قال الوائق البرير، الأمين العام لحزب الأمة القومي لصحيفة “العربي”: إن القوى المدنية لديها قناعة أن القوات المسلحة جزء لا يتجزأ من الدولة وعليها واجب حمايتها، والمطالب برفع يد المكوِّن العسكري عن السلطة يقصد بها إتاحة المجال أمام مؤسسات الدولة المدنية لتكون في الواجهة خلال فترة انتقالية بحاجة إلى قدر من التوافق السياسي لحين الوصول إلى إجراء انتخابات حرة نزيهة يقرِّر فيها الشعب مستقبله وطريقة إدارة الحكم في البلاد.
ويرى المحلِّل السياسي عبد الرحمن أبو خريس، بأن أي شراكة مستقبلاً بين المكوِّنين المدني والعسكري لن يكتب لها النجاح، معتبراً الشراكة خصماً للجانب العسكري.
وقال أبو خريس لـ(الصيحة): في تقديري ابتعاد العسكر عن العمل السياسي يعتبر هو صمام الأمان لحكومة مدنية متوافق عليها خلاف ذلك من الممكن أن يكوِّن الجيش حكومة أمر واقع لتسيير العمل حتى قيام الانتخابات لذلك أي شراكة لن تنفع وعلى الجيش أن يبتعد عن العملية السياسية وفي تقديرنا بأن التجربة السابقة كانت خير دليل، موضحاً بأن أي حكومة مع العسكر ستنتج حكومة ضعيفة نختلف حولها، لذلك يا حكومة مدنية أو الجيش يفوَّض لاختيار حكومة مدنية للتسيير.