تقرير: القسم السياسي 17 سبتمبر 2022م
أزاح الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، الستار، عن اتفاق بينه ورئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، يقضي بتولي المدنيين حق اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنييْن، في تطور ربما أكد مصداقية تعهد الجيش السابق بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، والانصراف “لمهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون”.
فقد كشف حميدتي وبشكل مفاجئ، تفاصيل لقاء جمعه بالبرهان “الخميس” اتنهي “بالتعاهد” على تنفيذ التزامهم السابق بخروج المؤسسة العسكرية من السلطة وترك أمر الحكم للمدنيين.
إلتزام صارم
وقال بيان صادر عن دائرة إعلام قوات الدعم السريع، إن حميدتي، أعلن عن “التزامه الصارم بتعهداته السابقة بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، والانصراف تماماً لمهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون”.
وحسب البيان، أكد حميدتي تطلعه لتوافق “قوى الثورة” على تشكيل حكومة مدنية بالكامل لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، بما يؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي، داعيا للتنسيق والتعاون بين جميع السودانيين لإزالة المصاعب التي تواجه عملية الانتقال و “خلق البيئة المواتية للتقدم إلى الأمام تحقيقًا لتطلعات الشعب في بناء دولة ديمقراطية مستقرة”.
يذكر أن رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، كان قد أعلن في الرابع من شهر يوليو الماضي، عن انسحاب الجيش من العملية السياسية برعاية “الآلية الثلاثية” المكونة من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والايغاد بهدف “إفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكوّنات الوطنية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية قبل أن يتمّ حلّ مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع.”
خطوات ملموسة
لكن قوى المعارضة كانت قد تشككت في مصداقية التعهد، لجهة أن بيان البرهان لم يحدد مهام مجلس الأمن والدفاع الذي سيتولى القيادة العليا للقوات النظامية، وقال تحالف قوى الحرية والتغيير عقب الاعلان عن انسحاب الجيش من العملية السياسية “ننتظر من المؤسسة العسكرية، أن تتبع القول بالعمل، من خلال خطوات واضحة وملموسة، بشأن إبعاد العسكر عن السياسة، وتسليم السلطة للمدنيين”.
والشهر الماضي، أعاد حميدتي تأكيده بأن المكون العسكري صادق في قراره، بترك أمر الحكم للمدنيين، وتفرغ القوات النظامية لأداء مهامها الوطنية، وقال للبي بي سي “للأسف الشديد، نحن لم ننجح في التغيير، لأسباب لن أتحدث عنها الآن” في إشارة إلى الاجراءات التي اتخذت في 25 أكتوبر من العام الماضي وتم بموجبها حل الحكومة المدنية، ووقتها عدت المعارضة حديثه “إقراراً إيجابياً ببعض مطالب الحركة الجماهيرية”.
“خطوة إيجابية”
وفيما ينتظر ان تخرج مركزية قوى الحرية والتغيير بيان يحوي ردها على التعهد الجديد بتسليم السلطة للمدنيين، اعتبر عبد الجليل الباشا القيادي في حزب الأمة القومي، ما أعلنه حميدتي “خطوة إيجابية” في اتجاه تحقيق مطالب الثورة التي تتمثل في مدنية الحكم “لكنه سيظل أقوال ما لم تدعمه الأفعال”، مشيرا في حديث لـ”لصيحة” إلى أن قوى الثورة لها رؤية واضحة قائمة على انهاء الانقلاب وتحقيق التحول الديمقراطي، بيد انه تساءل عن ماهية القوى المدنية التي وردت في الاعلان ومن المنتظر ان تتولى الحكم وتختار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنييْن ” هل هي القوى التي فجرت الثورة والتي تضم الحرية والتغيير ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني أم كل القوى المدنية بما فيها من شاركوا الإنقاذ حتى لحظت سقوطها”.
أكثر من مرة
ويرصد محللون عدة تصريحات لنائب رئيس المجلس السيادي، تصب في خانة التزامه بتسليم السلطة للمدنيين، بذكرهم لتأييده لمشروع الدستور الانتقالي الذي انتجته لجنة المحاميين ووجد القبول من مركزية الحرية والتغيير في مقابل حملة ضارية من قبل منسوبين للنظام البائد، يقول الأكاديمي والخبير القانوني الدكتور اسماعيل علي اسحق، ان تأييد حميتي لمشروع الدستور الانتقالي كان مفاجئاً حتى للذين “وضعوا المشروع والذين رتبوا له وأيدوهو” مشيرا في حديث لــ(الصيحة)، إلى أن بيان الاتفاق بين البرهان وحميدتي بترك السلطة للمدنيين وبمنحهم حق اختيار مجلسي السيادة والوزراء، يضع الكرة في ملعب قوى الثورة بشكل لا يحتمل التأخير.
أفعال لا أقوال
اكتفى متحدث من مركزية قوى الحرية والتغيير في حديث لــ(الصيحة) بأن التحالف سيحدد رؤيته حول ما تضمنه بيان حميتي، منبها إلى أن التجربة علمتهم بأن الأقوال وحدها لا تكفي، وقال بعد الطلب بعدم ذكر اسمه سنرى ماذا تحمل الأيام المقبلة “لكن في كل الأحوال فإن قطار الثورة ماض في اتجاهه ولن يتوقف حتى يتم انهاء الانقلاب”.