الحارس مالنا ودمنا 1ــ2
استنكر خالد عمر الشهير بـ(خالد سلك) في مقابلة على قناة (سودانية 24) على النظام السابق الأدلجة التي مارسها في الجيش، وضرب لنا مثلاً وهو يحاورنا بمعايشة له إبان انخراطه في معسكر الخدمة الإلزامية، إذ لاحظ أن جلالات الجيش كانت تتحول حينما يأتي الضباط من جلالات الجيش القديمة المعروفة إلى:
(لا إله إلا الله)!
ولان خالد (جاري سلك) من (المنصة) وأحد (السانات) التي يُشار إليها بالبنان في المنتظر من أمر الثلاث سنوات المنتظرة، ولأن المبثوث من (التفاكير) والمقترحات من جانب (القوى التغييرية) بشأن تحول الدولة إلى (مدنياوووو) مبتسر ومتقطع، فإن تلقف مثل هذا الحديث ينبغي أن يكون على نحو مهم من الإصغاء والتمحيص والدراسة (وإذا قالت حذام فصدقوها).
إذن ستطل وعلى وجه ما في المقبل من سنوات الانتقال – ونصفها الثاني على أوجع الفروض- مسألة ولاء المؤسسة العسكرية وإزالة آثار الإنقاذ، الأمر الذي يستوجب المساهمة في هذا المنهمك لأهميته وحساسيته، والسؤال باكراً عن مدى تأثير برامج الإسلاميين على العسكرية السودانية؟! وهل استفحل الرتق بحيث يحتاج الأمر إلى تدخل جراحي، أم إن العساكر احتفظوا بولائهم لتقاليد المؤسسة العريقة وآثروا أن تبتعد عن دائرة الاستقطاب الحاد والتجاذب الحزبي ؟!
حزب المؤتمر حتى لحظاته الأخيرة ظل تنظيمياً هو المقابل الآخر للجيش، إذ لم يُعرّف له تدخلٌّ مباشر أو غير مباشر في الشأن العسكري، بل ومثل دخول اليونيفورم الميري إلى دوره من الغرائب التي لم تحصل وطوال الـ30 عاماً إلا في مرات نادرة مثّلت مثاراً للاستغراب (والدهشة هي الاتكلمت).
وغني عن الكلام أنه ومنذ المفاصلة انحشرت الأيدي العسكرية في أنف التنظيم الإسلامي المدني، ولم يعُد خافياً على الجميع أن عقيرة المدنية باتت ترزح تحت وطأة الأحذية الثقيلة وأن كل الأوراق التي كتبها الترابي مستعيناً بآراء بعض القيادات وعلى رأسهم دكتور غازي صلاح الدين حول مستقبل التحول من نظام عسكري شمولي إلى نظام مدني ديمقراطي عبر تنحي العسكريين واعتزالهم السلطة، قد بات طي العباب، ولم يعُد مطروحاً للتداول بعد أن عصفت به أنواء المجنزرات التي أحاطت بالمجلس الوطني وقلبت ظهر المجن على شهر العسل الطويل نسبياً بين التنظيم الإسلامي والعساكر..
قاد المشير عمر حسن أحمد البشير بعدها الحركة والحزب معاً قيادة صمدية له فيها الرأي والفعل بمشاركة مدنية رمزية متماهية مع ما يهم وما يشغل البشير من فتوحات وعبقريات بلا رأي ولا فعل أو تنقيح وزيادة، لترتد الحركة نفسها غير قادرة بفعل التدجين الممنهج على إدارة أمرها وأولوياتها، فكيف يتسنى لها التأثير على الثكنات!!؟…(نواصل).