الخرطوم: صبري جبور 14 سبتمبر2022م
شهدت منطقة أبوزبد بولاية غرب كردفان، أحداث مأساوية بين مسلحين من قبيلتي المسيرية والحَمَر، أودت بحياة (5) أشخاص وإصابة (8) آخرين، إثر نصب مجموعة لافتة تشير إلى أن منطقة أبو زبد، تابعة لهم، لتقوم المجموعة الأخرى بنزع اللافتة، وتبادل الطرفان إطلاق النار، فيما حظرت لجنة أمن الولاية التجوال بمدينة أبوزبد اعتباراً من الساعة الخامسة مساء أمس، وحتى السادسة صباحاً.
وفي مطلع سبتمبر الجاري، قرَّر مجلس السيادة تجميد ترسيم الحدود بين محليتي النهود والسنوط بولاية غرب كردفان، إلى حين عقد مؤتمراً للحدود والتوصل إلى توافق سياسي، وكانت قبيلة الحمر نظمت احتجاجات ضخمة وأغلقت الطرق الرئيسة و(6) محليات، في غرب كردفان وأوقفت عمل مؤسسات الدولة فيها، مما دعا مجلس السيادة إلى تجميد ترسيم الحدود.
وفي 30 يونيو 2021م، وقع نزاع مسلح بين قبيلتي المسيرية والحَمَر بمنطقة المحفورة وامتد إلى مناطق عديدة من بينها أبو زبد، بسبب خلاف حول ملكية قطعة أرض زراعية.
(الصلح خير)
خلال الفترة الماضية شهدت ولايتي غرب درافور والنيل الأزرق أحداثاً قبلية دامية أسفرت عن مئات القتلى والجرحي، الأمر الذي أدى إلى تدخل الحكومة والمجلس السيادة لإنهاء فتيل الأزمة بين المجموعات المتصارعة، حيث أفلح نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، في تحقيق صلح لعدد كبير من القبائل.
فلاش باك
عضو التنسيقية العليا لاتحاد المسيرية صالح جمعة، قال: إن الاشتباكات بين الطرفين أودت بحياة (5) أفراد، وإصابة (13) آخرين.
وأشار إلى أن أعمال العنف اندلعت نتيجة لقرار سيادي بتجميد ترسيم الحدود، ونزع أفراد تابعين لقبيلة الحمر، لافتة نُصبت في مدخل مدينة أبو زبد تتحدث عن تبعيتها للمسيرية.
وقال صالح: إن حكومة الولاية أرسلت تعزيزات عسكرية وشرطية إلى منطقة الأحداث للسيطرة على الوضع الأمني.
وتوقع جمعة لـ(سودان تربيون)، تفاقم أعمال العنف في منطقة أبو زبد التي تُبعد نحو (60) كيلو، من عاصمة ولاية غرب كردفان الفولة، بسبب طبيعة المنطقة التي يقطنها نحو (85%) من المسيرية والبقية من الحَمَر.
قرارات حاسمة
وأوضح مدير شرطة ولاية غرب كردفان مقرر لجنة الأمن اللواء شرطة دكتور إيهاب عبد الحميد عبد العال، إن الأحداث جاءت نتيجة لتداعيات قرار تجميد ترسيم الحدود بين محليتي السنوط والنهود، واصفاً الأحداث التي وقعت بين قبيلتي حمر والمسيرية بالمؤسفة. وقال: إن لجنة الأمن في حالة انعقاد دائم متابعة للأحداث وتعمل بالتنسيق مع لجنة أمن محلية أبوزبد، وقد اتخذت قرارات حاسمة لوقف الأحداث وإزالة الاحتقان بحظر التجوُّل ومنع التجمعات داخل مدينة أبوزبد وما حولها ومحاربة الظواهر السالبة وطمأن الجميع بأن الأوضاع تحت السيطرة، مبيِّناً أن القوات المشتركة قد وصلت المنطقة وبسطت سيطرتها. وأشاد مقرر لجنة الأمن بالإداراة الأهلية في الطرفين ونزولها إلى الأرض لتدارك الأحداث، داعياً الجميع لتجاوز الأزمة وتحكيم صوت العقل ومحاربة المتفلتين.
أحداث قديمة جديدة
أدان الأستاذ الجامعي والمحلِّل السياسي، البروفيسور صلاح الدين الدومة، أحداث أبوزبد، وأشار إلى أن الأحداث قديمة جديدة، متهماً السلطات بإشعال الفتنة بين القبائل من أجل تفتيت المكوِّنات المجتمعية.
ودعا الدومة في تصريح لـ(الصيحة) المجموعات القبلية في غرب دارفور إلى إعلاء صوت الحكمة من أجل تحقيق التعايش السلمي في الولاية.
هيبة الدولة في الولايات
وقال نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”: إن الأجهزة الأمنية لا تقوم بدورها في فرض الأمن في الولايات .
وأضاف في مقابلة مع الإذاعة السودانية يوليو الماضي، أن الاعتصامات والفوضى في العاصمة الخرطوم تؤثر على هيبة الدولة.
وفي مطلع الشهر الجاري تجدَّدت أحداث العنف القبلي بإقليم النيل الأزرق بين قبيلتين أسفر عن قتلى وجرحى.
مواجهة مثيري الفتنة
وأدانت قوى إعلان الحرية والتغيير-غرب كردفان، أحدأث أبوزبد، مشيرة إلى أن بمحلية أبوزبد كانت تمثل أنموذجاً نادراً للتعايش وقبول الآخر (خريف بقارة وصيف امسعين ) في إشارة واضحة لتعايش هاتين القبيلتين والقبائل الأخرى،في وقت حملت حكومة الولاية مسؤولية الأحداث.
وقالت في بيان تلقته (الصيحة) أمس: إن مثل هذه الأمور هي نتاج طبيعي لسياسات الحكومة، وهو امتداد لماحدث بالنيل الأزرق، داعية إلى ضبط النفس وتفويت الفرصة على المتربصين من أجل سلامة المواطنين والمراعاة لسكان القرى والفرقان. كما دعت شبان حمر والمسيرية بـ(أبوزبد) بالمحافظة على إرث التعايش السلمي من خلال نشر الوعي ومواجهة مثيري الفتنة والمروِّجين للشائعات.
وطالبت قوى إعلان الحرية والتغيير-غرب كردفان لإيجاد طريق ثالث لحل النزاع دون العنف والتراشق التحشيدي للأزمة.
تمزق داخلي
من جهته وجَّه بشير آدم رحمة، رسالة إلى ديار(حَمَر والمسيرية والنوبة) بشأن الأحداث المؤسفة، وقال: “من المعلوم أنه في حالة ضعف السلطان وانعدام حكم القانون يلجأ الناس للتكتل القبلي و الجهوي، ينحسر صوت العقل ويسود منطق القوة وحل الأمور بالعضل لا بالعقل”.
ونوَّه بشير إلى أن غرب كردفان منذ تأسيسها لم تنعم بالاستقرار: حرب في جنوبها وفي جبال النوبة وجماعات نهب مسلح في شمالها وغربها، إضافة لعدم استقرار إداري: تفكيكاً وتذويباً في ولايتي شمال وجنوب كردفان ثم إعادة مرة أخرى.
ولفت إلى أن بسبب انتشار السلاح دوخل الولاية في أتون تمزُّق داخلي بين مكوِّناتها التي عاشت متآلفة لمئات السنين.
ودعا بشير في رسالة إلى ديار (حَمَر والمسيرية والنوبة) تلقتها (الصيحة) أمس، إلى ضبط النفس وعدم المواجهات المميتة، لأن إزهاق النفس محرَّم، حسب التجمعات من مناطق النزاع، ضرورة تحرُّك قوات نظامية للفصل بين المتنازعين، ويجب عقد اجتماع عاجل للإدارات الأهلية (نظار وعمد وشراتي و شيوخ حلال) مع السلطات بالولاية لترسيم الحدود الإدارية.
ضبط النفس
حمّلت لجان مقاومة الفولة الحكومة مسؤولية أي انفلات أمني أو اقتتال قبلي في ولاية غرب كردفان.. ودعت اللجان في بيان لها مواطني الولاية إلى عدم الانجرار وراء التحشيد القبلي وإلى ضبط النفس.
وأوضحت لجان مقاومة الفولة بأن موضوع ترسيم الحدود شأن إداري وليس قبلي، وأضافت: “أي نزاع حول الأرض يحل بالطرق الإدارية والقانونية”، مشيرة إلى أن حفظ الأمن مسؤولية السلطة وليس مسؤولية المجتمعات.
ونوَّهت لجان الفولة إلى ضرورة المحافظة على النسيج الاجتماعي بين شعب الولاية والمحافظة على التعايش السلمي الذي قالت بأن عمره مئات السنين.
الحوار والتعايش
قال السكرتير السياسي للتحالف الديموقراطي للعدالة الاجتماعية، المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية مبارك أردول، إنّ النزاع الذي يدور في غرب كردفان بين الحَمَر والمسيرية يجب أنّ يتوقف، لجهة أنّه صراع الأخوة والخاسر فيه البيوت وصلات القربى.
وأوضح أردول، بحسب تدوينة على صفحته الرسمية، أمس (لا يجبّ أنّ نعلى فوق لغة الحوار والتعايش السلمي بين أهلنا، كلكم، مصالحكم وتاريخكم وحاضركم ومستقبلكم مرتبط مع بعض).