الاتحاد الأوروبي.. مصالح حرب الهجرة في السودان
الخرطوم: القسم السياسي
عقب الإعلان مع فجر الجمعة عن التوصل لاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير تدافعت الدول والحكومات لإعلان مباركتها وإشادتها بالخطوة، إذ سارعت دولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر بالمباركة دون الخوض في التفاصيل مكتفية بالتوافق على دعم ما أسمته خيارات الشعب السوداني ومساندتها له في بسط السلام وتثبيت دعائم الديمقراطية، وهو ذات ما ذهب إليه بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الأثيوبي د. آبي أحمد والرئيس الأوغندي يوري موسفيني الذي استقبل الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الذي هبط ظهر الجمعة بمقر إقامة الرئيس الأوغندي في زيارة خاطفة استمرت ساعات؛ لكن كان لافتاً في أن الاتحاد الأوروبي وخلافاً لغيره أرسل رسالة تأييد حوت إشارات مفصلة بما يشي أنها رسائل في بريد الطرفين وبالتحديد قوى إعلان الحرية والتغيير.
الاتحاد الأوروبي الذي كان يتهم بكونه ذا صلات عميقة بقوى الحرية والتغيير، وأنه رتب اتصالات مع بعض الناشطين في الاحتجاجات التي انتهت بالتغيير الذي تم في 11 أبريل الماضي، وهي الاتهامات التي طالت تلميحات رسمية تجاه بعض السفراء الذين ينتمون للاتحاد، ليأتي بيانه بشأن الاتفاق بين العسكري و(قحت) شاملاً تلميحات حول تحذيرات أوروبية بشأن أي عملية لممارسة إقصاء أي مكون سياسي أو الاستعانة في التشكيل الوزاري لأي شخصيات حزبية أو منتمية ، وهو ما يناقض توجهات إصرار إعلان قوى الحرية والتغيير بأن التشكيل الوزاري من رئيس الوزراء إلى بقية الطاقم من أختيار قوى الإعلان.
ويقول الدكتور حبيب الله نصر الدين، أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي فيما يبدو يتلمس توجهات جديدة لمحاصرة أي عملية انفلات لمقوده السياسي لحلفائه، ونوه نصر الدين أن الأوروبيين ربما استشعروا مخاطر وقوع عمليات إقصاء وانفراد مكون حزبي سياسي عن بقية القوى الأخرى بما في ذلك القريبة من حواضن ودوائر إسلامية بعيدة عن النظام السابق.
ويضيف نصر الدين أن الاتحاد الأوروبي سبق أن تعهد حال نقل السلطة للمدنيين بتوفير دعم وتمويل مشروعات للعون السياسي والاقتصادي، ولا يرغب في التورط في دعم تجربة سياسية حولها اختلاف، وهو ما دفعه ــ حسب نصر الدين ــ لإصدار بيان بدت لغته أشد مباشرة من بقية الكيانات الدولية والإقليمية تجاه التطورات بالسودان.
الخبير الإستراتيجي والباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية، د. عطا الهميم، يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي مهتم بتسوية تفضي لاستقرار الأحوال السياسية والأمنية بالسودان لجهة تعويل أوروبا على الأخير في مشروعها الهادف لمحاربة الهجرة غير الشرعية عبر قطع طرق العبور على المهاجرين الذين يعتبر السودان بالنسبة لهم دولة ممر، وينوه العطا إلى أن السودان لعب أدواراً كبيرة بواسطة قوات الدعم السريع في محاربة الهجرة غير الشرعية، وحقق نجاحات كبيرة في الحد من التدفقات على الصحارى والشواطئ الليبية في طريق المهاجرين الأفارقة خاصة من شرق أفريقيا نحو أوروبا، وهو ما يحتاج استمراره وتحققه إلى استقرار سياسي لشكل الحكم وتركيز للمؤسسات الأمنية والعسكرية بالسودان والتي قال إنها شريكة للاتحاد الأوروبي في مشروع حيوي يبدو ـنه سيظل موجهاً لمواقف الأوروبيين من القضايا السودانية.
في السياق نفسه، تقول د. نادرة عبد العظيم، الباحثة بمركز الأبحاث الأفريقية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي رغم علو صوته في المشهد السياسي السوداني، إلا أنه وبخلاف مشروع مكافحة الهجرة غير الشرعية فلا دعومات له تذكر سوى مشروعات بالنيل الأزرق وجنوب كردفان، لكن بخلاف ذلك لا يوجد دعم مؤثر في الجوانب الفنية والاقتصادية، لكنها توقعت حال التوصل إلى تسوية خاصة وشاملة لكل الأطراف وغير مهددة بالانهيار، فإنه قد يضاعف دعمه لتشمل مجالات أوسع، ولهذا ربما يهتم الآن بمواصافات الحكومة السودانية في المرحلة المقبلة من حيث الحياد وعدم الانتماء السياسي، وكذلك في كل المسرح السياسي ليشمل منح الجميع فرصهم كاملة في التعبير والممارسة.