محمد سيف ديومة يكتب : ( الموت نقَّاد بين كفيه جواهر يختار منها الجياد)
13 سبتمبر 2022م
قالى تعالى (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلَكِ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) .
تلبَّدت سماء القوات المسلحة الخميس الماضي، بغيوم من الحزن لن تنقشع أبداً وأمطرت سحب الكلية الحربية شلالات من الدموع حزناً عندما وقع نبأ وفاة اثنين من أبرز معلمي أم الكلالي وأميز ضباط القوات المسلحة ضبطاً وربطاً وخيرة خيار الدفعة (٥٧) إثر حادث حركة بمنطقة الصلوعاب غرب مدينة شندي، أولهم البطل علي عبدالقادر علي (شقالوة) يعد من أكثر معلمي الكلية الحربية كفاءة وضع بصمته بكل ثبات وتجرُّد قدَّم أكثر من (١٣)عاماً، لخدمة الوطن وعرين الأسود الأم الرؤوم الكلية الحربية له مكانة خاصة عند روسائه لأن دائماً ما يجدون عمله بيان بالعمل كذلك له مكانة كبيرة وسط دفعته وزملائه الذين عمل معهم في مختلف وحدات الجيش الممتدة أيضاً مكانته عند مرؤوسيه محفوظة خصوصاً أبنائه في الدفعة (٦٥) دروع الوطن، كما يسمون، لأنه كان أحد أركان حربها لا يكل ولا يمل من خدمتهم أحبوهُ وأحبهم كحب الأب لابنه والابن لأبيه لأن ديدن الكلية الحربية يعتبر أركان حرب الدفعة والدها ودفعتك أخوك علَّمهم مع عدد من المعلمين كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالجندية من واحد اتنين إلى يمين انظر حتى أصبحوا أبطالاً يشار لهم بالدراية والعسكرية البحتة في مختلف الوحدات وفي الوقت نفسه ألمهم ليس انتقاماً، بل لإعدادهم جيِّداً لأن عرق التدريب يوفر مزيداً من دماء المعركة. كان لا يعرف الألفاظ الجارحة والخشنة والعبارات المسيئة كان الفقيد نهراً للبشاشة والسماحة والنبل والمروءة ومستودعاً للجندية نهلت منه كل الدفعات التي عاصرها من كواسر الدفعة (٦٤) إلى الدفعة (٦٨) كان مثل النسمة الباردة في عز الصيف أينما أطلت أسعدت، كان منشرحاً على الدوام عذب الحديث حلو المنطق لطيف المعشر متواضع لا ينظر إلى النجوم التي تتلألأ في كتفه كانت تربطني به علاقة أكثر من أخوية وخلال الأربع سنوات التي أمضيتها بجامعة كرري يحرص دائماً على توفير الشيتات والمراجع ويتصل بي قائلاً: الحجاري الشيتات جاهزة (اطاقش علي) أن مأساة رحيله هزت نفوس زملائه بالكلية الحربية أمثال دفعته حسام ورامي وأبوبكر عابدين وصافي وعطا وشانتو وكمال كيس وعم شلبي سيفتقدك أخوانك في (٥٧) سيبكيك أب كساوي والشافعي وأحمد فتح، ستفتقدك الكلية وثكنة الشهيد محمد الحسن الشرارة نيران سريتك وميدان عبدالله شرف الدين ومنطقة النهر والمنطقة الغربية والمسجد التي كنت ملازماً له حتى سميت بحمامة المسجد، بكت كل ولاية نهر النيل ومنطقتك الشقالوة سيظل مكانك فارغاً في قلوب كل من عملت معه أو زاملته، ولكن لست بكثير على ربك. والفقيد الثاني النقيب مقداد هاشم عبدالرحمن، فقد كان شامة بين دفعته كان بسيطاً إنساناً سيداً فخيم المعلى نبيل المسعى سهل الخليقة صبيح الوجه بسام المحيَّا إذا يلقاك يلقاك بشوشاً وحفياً. الفقيد مقداد ترك في نفوس أفراد القوات المسلحة ككل والكلية الحربية خاصة سيرة تنضح نبلاً ووفاءً وسيرة تعج بمكارم الأخلاق. عاش بين دفعته وزملائه بالكلية وطئ الأكناف، أخو أخوان باراً بالرتب الكبيرة والصغيرة وبالكبير والصغير بمنطقة المسيكتاب كان متجافياً عن الدنايا وعن مزالق السقوط حزنت عليه القوات المسلحة بمختلف وحداتها والكلية الحربية بمن فيها من قادة ومعلمين وطلبة حتى الدوبجية والصفرجية بكوا عليه كما بكى الزير سالم أخاهُ كليب في حرب البسوس. بموته فقدت القوات المسلحة والكلية الحربية شمعة مضئية ومعلماً فذاً تتلمذ على يده عدد من الطلبه الحربيين بمختلف دفعاتهم وخصوصاً أبنائه في الدفعة (٦٧) كان بمثابة الأب الأخ والخال والعم حتى بلغت به المحبة إلى أن يزور إخوان من يمرض منهم بالمستشفيات ويكون في الخطوط الأمامية تدهش الزائرين ظناً منهم أنه من أقرباء المريض، بموتك مقداد فقدتك دفعتك وسريتك الشرارة نيران وشموس الفلاح في الدفعة (٦٧) وبكاك صديقك المقرَّب أبوبكر عابدين وحسام وقائد الكلية وكل اصطاف لواء الطلبة الحربيين بمن فيهم كبير المعلمين العقيد. وداعاً الحبيب المقداد ولا نقول إلا مايرضي الله.
(إنا لله وإنا إليه راجعون)
آخر السطور
حوض لين الخضار الشالكم الهدام
عليكن حزني الطويل طول العمر ما دام
إن موت النخلة يختلف عن موت أشجار الحراز والسلم والهجليج والسيال.
طبتم وطاب مقامكم علي ومقداد