إضراب الأطباء.. أزمة جديدة في وجه الدولة
الخرطوم: عوضية سليمان 13 سبتمبر 2022م
نفذ آلاف الأطباء في السودان إضراباً عن العمل لمدة ثلاثة أيام، في نحو (30) مستشفًى، حكومياً، احتجاجاً على توقف أجورهم لفترة قاربت على العام إلى جانب مطالب خدمية أخرى, وقال المتحدث باسم لجنة أطباء الامتياز مؤيد علي، أن آلاف من أطباء الامتياز في ثلاثين مستشفًى، حكومياً، في جميع أنحاء السودان نفَّذوا إضراباً فاقت نسبة نجاحه (90%)، وأشار إلى أن الأطباء في المستشفيات أخطروا الإدارات بأن إضرابهم يستمر لمدة ثلاثة أيام، وأكدوا على أن مطالبهم تتمثل في صرف الرواتب والاستحقاقات المالية التي تأخرت لثمانية أشهر، إضافة إلى التعجيل في استكمال إجراءات استيعاب الأطباء المنتظرين .
وسيلة ضغط
واعتبر اختصاصي الجراحة بمستشفى حكومي عريق الدكتور مستر محمد الفاتح لـ(الصيحة)، أن الإضراب والتوقف عن العمل في المستشفيات الحكومية يعتبر مشكلة بالنسبة للمرضى, باعتبار أن أي مستشفى حكومي يستقبل حالات طوارئ وأي نقص في الكادر الطبي في استقبالات الطوارئ سيكون له تأثير سلبي على المرضى، وأردف من الممكن أن لا يجد المرضى من يهتم بهم أو يكون هنالك تأخير في علاجهم أو تصبح حالتهم حرجة ومستعجلة لا تستحمل التأخير، موضحاً بأن بعض المستشفيات أغلقت أبوابها في وجه المرضى عند الإعلان عن الإضراب، مشيراً إلى أن الحوادث سوف تكون متوقفة تماماً عن العمل واستقبال الحالات, وأضاف: في هذه الحالة قد يلجأ المريض للبحث عن علاج بالمستشفيات الأخرى الخاصة ذات التكاليف الغالية الباهظة, وفي رحلة بحثه عن مستشفيات أخرى قد تتأخر حالة المريض الصحية دون وجود أبسط الإسعافات التي يجدها في حوادث المستشفيات الحكومية.
تأثيرات الإضراب
وقال: إن الأطباء لم يتركوا العمل في المستشفيات الخاصة التي يعملون بها ولذلك يتكبَّد المرضى أموال باهظة وقد يتركون مرضاهم دون علاج إذا كانوا لا يملكون فاتورة المستشفى الخاص.
وأضاف قائلاً: هذه هي أبرز التأثيرات على إضراب الأطباء في المشافي الحكومية، وزاد بقوله: إن التأثير يقع على المريض بالدرجة الأولى .
وعلَّق على كون مهنة الطب مهنة إنسانية بقوله: إن الطب ليس المهنة الوحيدة التي يمكن أن نطلق عليها مهنة إنسانية، لأن إضراب عمال الكهرباء، قد يؤدي إلى موت مريض يستخدم أوكسجين في حالة قطع الكهرباء بسبب إضرابهم، وقال: إن المسألة مشتركة وأي إضراب يولد ضرراً كبيراً جداً، لذلك كل المهن إنسانية.
آثار جانبية
واستنكر الفاتح بالقول: (ليس الإضراب هو الحل الجذري لأخذ الحقوق وإنما هو وسيلة ضغط على المسؤولين), وتساءل هل الإضراب هو الوسيلة المناسبة؟ بالتالي فإن المسألة تحتاج إلى سؤال وجواب, مؤكداً أن آثارها الجانبية واضحة, وقال إن الإضربات في الحقل الطبي ليست بالجديدة، حيث كانت هنالك إضرابات، ولكن بطريقة مقننة بمعنى أن هنالك استثناءات لمن يضرب ولا يكون هنالك إضراب على الطوارئ ولا في الحالات الحرجة أو على حوادث النساء والتوليد والعناية المكثفة وغسيل الكلى, كان هنالك تنظيم في حالة الإضراب, بوجود مناطق لا يشملها الإضراب .ونوَّه إلى وجود حالات يكون الطبيب فيها مضرب، لكن يعمل في الطوارئ في ديباجة لتغطية الخلل. لذلك كان الإضراب مقنن. الآن التنظيم غائب تماماً عن المشهد كل من يريد الإضراب ينفذ ويشمل الكل حتى الطوارئ. وقال إذا كان الإضراب بنسبة (90 %) هنالك أطباء يعملون لأنهم يرون أن الإضراب غير إنساني, وهم يؤدون شرف المهنة, مبيِّناً أن الإضراب سوف يكون متدرِّجاً في العادة أسبوعياً مع تحديد تاريخ معيَّن ومن الممكن أن يكون مفتوحاً وهذا ما يحصل في الإضربات, وكشف عن أن الإضراب حدَّد (30) مستشفًى، حكومياً، عن العمل ولكن قبل الإضراب ليس جميع المستشفيات كان تعمل بصورة جيِّدة دائماً, حيث نجد الحوادث متوقفة مستشفى إبراهيم مالك والتميُّز وبحري وأم درمان حيث تفتح وتغلق ويقل فيها العمل, وهنالك نواب ليس مضربين وهم جزء من الأطباء الذين يعملون في الحوادث .
أجندة سياسية
لا يخلو الإضراب كما يراه بعض المراقبين من أجندات سياسية، كما قال المحلِّل السياسي عبد الرحمن أبو خريس، لـ(الصيحة) بأن أي إضراب مهني له دوافع سياسية بخلاف دوافعه المهنية, مؤكداً بأنه بسبب توفيق أوضاع العاملين في كل المؤسسات ومن الممكن أن نفصل في هذا الشأن ما بين المنظمات الدولية والأحزاب السياسية، مؤكداً إذا الحكومة حسَّنت أوضاع العاملين بالدولة لا يوجد إضراب لأنه هذه أجندة سياسية وأجندة مطلبية، وقال: أي احتجاج أو مطالب يُفسَّر الآن أن العاملين والموظفين هم ضد الحكومة الحالية. وبالتالي إذا الحكومة لديها معارضة من الطبيعي أن تستقل الوضع عبر الإضراب عن العمل. لذلك لابد من فصل الحقوق المهنية والحقوق السياسية إذا الحكومة قصَّرت في حق العاملين لعدم توفيق أوضاعهم بالتالي الرأي العام سيكون لديه رأي سلبي تجاه الحكومة لأنها لم تستطع تحسين الوضع الاقتصادي في أجور العاملين, لذلك هذه هي الأشياء التي جلبت للحكومة العداء والنقد الذي يولِّد الإضرابات، لذلك لابد من الفصل ما بين المطالب السياسية ومابين تحسين أوضاع العاملين في الدولة.