ماذا تريد واشنطن؟
لازالت الولايات المتحدة الأمريكية، تلعب سياسياً مع السودان لعبتها القديمة، دون أن تغيير تكنيك الملعب، فهي ذات العبارات، والمواقف، وقد يكون ذات الشخوص الذين تستخدمهم لأداء مهامها.
أمس الأول خرج علينا القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم ستيفن كوتيسيس بقوله إن رفع العقوبات على السودان بات وشيكاً، مخالفًا لحديث المبعوث الأمريكي الخاص للسودان دونالد بوث، الذي أكد أن رفع العقوبات عن السودان مرهون بتحقيق السلام في المنطقتين ودارفور.
هي ذات اللغة التي استخدمتها واشنطن أثناء مفاوضات نيفاشا، إلى أن وقّعت الحكومة والحركة الشعبية اتفاق السلام، وضغطت لينفصل الجنوب، حتى يتم إعفاء ديون السودان، ولم تختش أو تستحي، وكرّرت ذات السيناريو مع حركات دارفور في مفاوضات أبوجا، حينما صرّح مبعوثها روبرت زوليك آنذاك والذي شهد توقيع اتفاق الحكومة وحركة مناوي، وقال إنه سيضغط على الحركات التي لم توقع على الاتفاق، وسيتم فرض عقوبات على قادتها، لكن سرعان ما عادت واشنطن وأعلنت دعمها لحركتي جبريل وعبد الواحد.
السودان لم يقصر مع واشنطن في كثير من الملفات خاصة المتعلقة بالإرهاب، فهناك كثير من الأحاديث تدور على أن الاستخبارات السودانية سلّمت كثيراً من المشتَبه بهم أو موضوعين في لائحة الإرهاب إلى واشنطن، وأن تعاوناً وتنسيقاً تامًا كان يجري بين الطرفين، وصل إلى مرحلة أن أرسلت من قبل واشنطن طائرة خاصة إلى مدير الأمن السابق الفريق صلاح قوش، والذي وصل إلى واشنطن في مهمة خاصة لم تُعرَف بعد.
فماذا تريد واشنطن بعد ما قامت به الخرطوم؟
في الطرف الآخر ظلّت روسيا والصين حلفاء السودان يرجحان الكفة حيال أي قوانين أو عقوبات صادرة من مجلس الأمن، فقد استخدمت الدولتان “الفيتو” أكثر من مرة في مواجهة واشنطن، لكنهما فشلا في كسر الحصار الدولي المفروض على الخرطوم من واشنطن.
معظم المراقبين كانوا يتوقعون أنه بسقوط نظام البشير، فإن واشنطن ستًغيّر سياساتها تجاه الخرطوم وترفع اسمها من لائحة الإرهاب، وتُمارس ذات البروقراطية القديمة، وهذا يعني أن واشنطن لا يهمها أي نظام حكم في السودان سواء إسلامي أو علماني، وإنما مستهدفة السودان كدولة، ربما لأطماع تراها في موارده البكر، ولا تريد له أان يستغلها.
على الحكومة القادمة الاستعانة بحلفائها الجُدُد لتحديد العلاقة بين الخرطوم وواشنطن، وأن يتم تحديد مدىً زمنيٍّ لذلك، فإن لم تنجح فعليها ــــ الحكومة ـــــ إعادة علاقتها مع أصدقائها، والبحث عن حلفاء جُدد.