الخرطوم: رشا التوم 11 سبتمبر2022م
أقرت حكومة ولاية الخرطوم بضعف الخدمات المقدَّمة للمواطن بسبب التزايد المستمر للسكان وارتفاع تكلفة توفير الخدمات.
ووصف والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة، في فاتحة أعمال ورشة تنفيذ مشروعات البُنى التحتية عبر تقنية أنظمة نقل الملكية (البوت) أن الواقع في العاصمة مرير في كل الجوانب، مشيراً إلى تكليفه بالمنصب في ظل مرحلة حساسة وتداعيات وأوضاع حرجة، وكشف عن فجوة كبيرة في الخدمات ومعاش الناس والأمن للمواطن، وشكا من مواجهة إشكالات حقيقية في الخدمات اليومية للمواطن، وجزم بأن قطاع البُنى التحتية شبه منهار، فضلاً عن خدمات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء والصرف الصحي الذي يؤرق حكومة الولاية نتيجة تهالك الشبكات، وأعرب عن استيائه، وقال: الوضع مزري وكان لا بد كحكومة ولاية من التدخل لتنفيذ مشروعات تلبي الطموحات، وتابع بأن الميزانيات لا تغطي تكلفة المشروعات القائمة ومنها مطار الخرطوم الجديد وإكمال منحدر كبري المك نمر من نواحي القصر لذلك اتجهت الولاية للشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع حيوية عبر قانون الشراكة، ولفت إلى قيود فنية مالية وقانونية حالت دون إكمال المشروعات وإشكاليات الضمانات، وأشار إلى وجود مشروعات موقعة عقب الثورة تسبب التضخم وسعر الصرف في إعاقتها وطالب الشركاء فيها بجبر الضرر واعترف بأن وضع الطرق في العاصمة كان أفضل في الفترة السابقة، وأردف: لا نريد غش أنفسنا ولن نستطيع العمل لوحدنا وهي مسؤولية على عاتقنا، منوهاً إلى معاناة المواطن من قطاع المواصلات وارتفاع تذكرة التنقل عقب توقف شركة خطوط مواصلات الولاية وتعطل (300) بص، والعامل منها (60) بصاً، فقط، فضلاً عن رداءة الطرق وارتفاع تكلفة الصيانة مما عمَّق أزمة المواصلات، وأقر بأن تكلفة تشغيل البصات تتجاوز ميزانية الولاية كاملة، ورهن إصلاح قطاع المواصلات بتأهيل شركات مقتدرة، وأردف لا ننسى النفايات وهي قضية مؤرقة بجانب شبكات الصرف الصحي المهترئة، ونادى بالدخول في شراكات عبر البوت لتنفيذ عدد كبير من المشروعات في قطاعات مختلفة بالولاية.
من ناحيتها شدَّدت وزيرة العمل والإصلاح الإداري، سعاد الطيب، على إيجابية طرح حكومة الولاية، تمويل مشاريع البُنى التحتية عبر نظام البوت، وأن دراسات الجدوى محكمة، وقالت: إن مسؤولية الوزارة تبرز في حل النزاعات العمالية وعقودات العمل، للعلاقة بين القطاعين العام والخاص، وأبدت الاستعداد على مراجعة كل عقودات تشغيل المشاريع البوت، لضمان استقرار العمل بمشاركة واسعة من القطاعين العام والخاص.
وأكد الأمين العام لحكومة الولاية رابح أحمد حامد، أهمية الخدمات باعتبارها مصدر استقرار الشعوب وتزداد الطلبات مع ارتفاع تكلفة توفيرها وإدارتها باهظة.
وقال إن الدول تتجه إلى التمويل العالمي والشراكات مع القطاع الخاص لتوفير الخدمات.
وأشار إلى أن نقص الموارد والظروف الاقتصادية حالت دون تقديمها بصورة كبيرة، مشيراً إلى زيادة طلب الخدمات بالولاية بسبب الهجرة المتزايدة، وقال: إن الولاية سعت لإيجاد حلول لتوفيرها عبر الدخول في شراكات مع القطاع الخاص بطرح مشروعات بغرض تنفيذها.
وشدَّد وزير مالية ولاية الخرطوم، إبراهيم محي الدين، على مساعي النهوض بالولاية عبر مشاريع تنموية مختلفة، وقال: إن البُنى التحتية المحور الرئيس في التنمية ومشاريعها تحتاج لتمويل ورأس مال كبيرين، وأضاف: الحكومات عموماً لا تستطيع توفير هذه الموارد لذلك اتجهت للشراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحاً أن هنالك تجارب محدودة لهذه الشراكات بالولاية تمثلت في مشروعات محطة المنارة والصرف الصحي ببحري، كذلك الولاية لن تتمكن من تلبية حاجة مواطنيها من الخدمات إلا بخلق شراكات مع القطاع الخاص الوطني والأجنبي، لافتاً إلى وجود موارد بشرية وطبيعة، ولكن هنالك مشكلات في القوانين وبيئة الاستثمار، متعهداً على معالجة المشكلات وتذليل كل الصعاب، وإحكام التنسيق لخلق شراكات عبر نظام البوت.
ومن ناحيته أكد د. أزهري الطيب الفكي، في ورقته أنظمة نقل الملكية الدور والمفاهيم نظام التشييد والتشغيل ونقل الملكية، قال: إن الظروف الاقتصادية في دول العالم دعتها إلى الاتجاه لنظام البوت لتنفيذ مشاريعها في البُنى التحتية وهي عملية قيام مستثمر طبيعي أو معنوي من القطاع الخاص بعد الترخيص له من الدولة أو الجهة الحكومية المختصة بتولي تشييد وبناء أي من مشروعات البنية الأساسية كإنشاء طريق أو مخازن أو مطار أو محطة توليد كهرباء من موارده الخاصة على أن يتولى بنفسه تشغيله وإدارته لمدة امتياز تتراوح مابين (٣٠) إلى (٤٠) عاماً، حتى يتمكَّن من استرداد التكاليف، بالإضافة إلى تحقيق أرباح معقولة من خلال العوائد والرسوم التي يدفعها مستخدمو المشروع وبعد انتهاء المدة يتم نقل المشروع للدولة، ووصف النظام بأنه يخفف من الأعباء التمويلية ومخاطرها عن الدولة ولا شك النظام يساعد الدول التي تعاني من ضعف الاستثمارات وإقامة المشروعات التي تحتاج لأموال طائلة لا تتوافر لديها.
ومن مزايا نظام البوت الاستفادة من الخبرات الفنية وتحسين خدمات النقل وتوفير الأموال اللازمة للإنشاء وتحميل مخاطر التنفيذ على منفذي المشروع، وكشف عن عيوب النظام المتمثلة في مغالاة المستثمرين في تقدير التكاليف الاستثمارية للمشروعات قد تترتب على تشغيل بعض المشروعات أضرار بيئية وقد يقتضي هذا الأمر من جانب الحكومة وضع اشتراطات تتعلق بالتوازن البيئي.
وبعض المستثمرين قد يلجأون إلى استخدام معدات قديمة أو تكنولوجيا متأخرة نسبياً مما قد لا يوفر الجوانب الفنية اللازمة.
بعض المستثمرين تحت شعار عدم التدخل يحجمون عن الالتزام بحقوق العمال وإمكانية إهمال المستثمرين في صيانة المشروعات كلما قربت مدة انتهاء فترة الامتياز، وقال: إن هناك أسس لتسوية النزاعات التي تتضمَّن آليات تسوية المنازعات بين الدولة المانحة وصاحب الامتياز من خلال الوساطة والتوفيق والتحكيم في حالة حدوث نزاع بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ العقد أو مراحل التنفيذ أو مايتعلق بالحقوق والالتزامات وَموعد التسليم وغيرها، وفي العادة يتم الاتفاق على اللجوء إلى الهيئات القضائية سواءً على المستوى الداخلي أو الدولي.
وذكر أزهري أن الصعوبات والمخاطر التي تواجه مشروعات البوت تتمثل في السياسية مثل المصادرة والتأميم والحروب والاضطرابات، فضلاً عن المخاطر الاقتصادية المتمثلة في الأضرار التي تصيب المستثمر بسبب تطبيق التشريعات أو القرارات الحكومية سواءً أكانت على مستوى الاقتصاد القومي أو المستوى القطاعي أو مستوى المشروع بجانب مخاطر عدم السداد مقابل الانتفاع بخدمات المشروع أو تأجيل السداد ومخاطر متعلقة بالمنافسة وعدم فتح المجال أمام المشروعات الخاصة نتيجة وجود منافسة من المشروعات الحكومية أو السماح بتأسيس مشروعات متماثلة للمشروع قبل انقضاء مدة الامتياز ومخاطر نكوص الحكومات عن إتمام التعاقد أو إلغاء الامتياز أو تغيير شروطه وإعادة التفاوض بشأنه، وهناك صعوبات أخرى قد تعرقل مشاريع البوت منها الخبرة المحدودة للحكومة في التفاوض في وقت واحد مع أطراف متعدِّدة ويجب وضع إطار واحد للعقود منعاً للتضارب والتأثير على المشروعات ولمواجهة كافة المخاطر ظهرت الحاجة إلى توفير الضمانات المطلوبة.
وأكد الأمين العام للصندوق القومي للإسكان والتعمير د. الهادي إدريس أبو ضفائر، في تعقيب على الأوراق، استعداد الصندوق لتنفيذ كافة المشاريع المقدمة من حكومة الولاية وفقاً للأطر القانونية ودراسات الجدوى الاقتصادية.
وأضاف عمر شيخ الدين، من جامعة الخرطوم: إن المشاريع المنشأة عبر البوت يجب دراستها بصورة وافية قبل الدخول فيها ودعا إلى الاتجاه لتنفيذ مشروعات في المعابر والانفاق لتزايد الحاجة إليها في الولاية ومعالجة مشكلات نفق المك نمر وجزيرة توتي َوإقامة جسور في اتجاهين من بحري وأم درمان، منادياً بمشروعات لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية لتشغيل المصانع والزراعة ومشاريع المياه.