الخرطوم: رشا التوم 10 سبتمبر 20222م
شهدت الخرطوم الأسبوع الماضي فعاليات الورشة التدريبية للإعلاميين التي عقدتها منظمة رعاية الطفولة العالمية والتي تناولت قضايا ختان الإناث وزواج القاصرات وحقوق الأطفال والانتهاكات التي تُمارس ضد الأطفال.
وضمت الورشة عدد من الإعلاميين من الصحافة الورقية والإذاعة والتلفزيون والقنوات الفضائية، وكان بينهم إعلاميين متخصصين ومهتمين بشأن قضايا الطفولة مما أضاف مزيداً من الاهتمام بما طرحته الورشة من مشكلات الختان والزواج المبكِّر وماينتج عنه من آثار كارثية تقود إلى تدمير المجتمع وضرورة تبصير الرأي العام بحقوق (الطفلات) ليعشن حياة سليمة معافاة والتعرُّف على أنجع الطرق لمكافحة ومناهضة الظواهر الاجتماعية السالبة ومراعاة حقوق الطفل.
نقطة الانطلاق
تحدَّث الخبير في التغيير الاجتماعي وتغيير السلوك والمشاركة المجتمعية عاطف محجوب البحر، عن مفهوم حقوق الطفل واتفاقية العام 1989م، وأوضح ضرورة الاهتمام بقضايا الأطفال لأنهم يمثلون أكثر من (50%) من المجتمع ويمرحلون بمراحل انتقالية من مرحلة الطفولة إلى الشباب خلال فترة تمتد إلى (18) عاماً، يحتاج فيها الطفل إلى المساندة والحماية.
مشيراً إلى أن اتفاقية حقوق الطفل ارتكزت على أربعة مبادئ تتمثل في أحقية الطفل في البقاء والنمو والتنمية والحماية والمشاركة.
منوِّهاً إلى صدور قوانين تجرِّم ختان الإناث ووضع استراتيجية في الفترة من 2021-2030م، لأهداف التنمية المستدامة، وكشف أن نسبة ممارسة الختان في كافة ولايات حوالي (86.6 %) مما يتتطلب التوعية بالمادة (141) في القانون الجنائي والتي تعاقب مرتكب جريمة ختان الإناث بالسجن (3) سنوات، والغرامة.
مفاهيم خاطئة ووصمة
وأضاف عاطف أن هناك مفاهيم خاطئة من بينها أن الختان يمثل العفة وتقليل الشهوة والاعتقاد بأن فرص الفتاة تقل في الزواج دون ختان، حيث يُعتقد أن الختان هو رمز للطهارة بإلاضافة إلى الوصمة والنظرة الاجتماعية السلبية لغير المختونات.
وقال: إن موضوع الختان ليس له علاقة بالدين وما هو إلا عادات وتقاليد ضارة تُمارس في مجتمعنا وتؤدي إلى مشاكل صحية تؤدي للوفاة بالإضافة إلى المشاكل النفسية والجنسية والاقتصادية.
وأشار إلى ضرورة تفعيل القوانين الرادعة وتطبيقها على أرض الواقع لتجريم ختان الإناث، مضيفاً أن هنالك عوامل أساسية لازمة للقضاء على ختان الإناث، تتمثل في التزام الدولة للقضاء عليها وتضمين قضية التخلي عن الختان في البرامج التنموية والتوعوية.
أما فيما يتعلق بزواج (الطفلات) قال عاطف بأنه وفقاً لتقرير نشره البنك الدولي والمركز الدولي لحقوق المرأة، بأن البلدان النامية ستخسر ترليونات الدولارات بحلول عام 2030م، بسبب الآثار الصحية والنفسية المترتبة على زواج القاصرات، وبالتالي فإن منعه سيكون له آثار إيجابية كبيرة يتيح للبنات الحصول على التعليم وبالتالي اكتساب الخبرات والمهارات ليكون لهن دور فعَّال في مجال الإنتاج وسوق العمل.
مكاسب وخسائر
وأوضح أن زواج (الطفلات) القاصرات يتسبب في زيادة تكاليف الرعاية الصحية نظراً للتبعات الصحية الخطرة المترتبه عليه.
ووفقاً لنشرة أعدها البنك الدولي والمركز الدولي لبحوث المرأة بأن البلدان النامية سوف تخسر ترليونات الدولارات بحلول العام 2030م، بسبب زواج الأطفال وفي المقابل فإن منع زواج القاصرات ستكون له ىثار إيجابية كبيرة على التحصيل الأكاديمي والعلمي للبنات ويسهم في إنجاب المرأة عدداً أقل من الأطفال وكذلك زيادة دخلها المتوقع ومستوى رفاه أسرتها، بالإضافة إلى تقليص معدلات وفيات الأطفال دون الخامسة ومعدلات تأخر النمو البدني بسبب نقص التغذية.
وقال عاطف: على مستوى العالم تذهب التقديرات إلى ان مكاسب خفض الوفيات دون الخامسة ومعدلات سوء التغذية قد تتجاوز مبلغ (90) مليار دولار، سنوياً بحلول العام 2030م، وأن كل ثلاث حالات إنجاب في سن مبكرة من كل أربع حالات إنجاب امرأة يقل عمرها عن (18) عاماً، تعزى إلى زواج (الطفلات)
وذكر بأن استمرار الفتيات في الدراسة هو أحد أفضل السبل لتفادي زواج (الطفلات)، منوِّهاً إلى ظاهرة التسرُّب من المدارس قبل إكمال سنوات التعليم،
مشيراً إلى أن هناك مكاسب -أيضاً- مهمة لمنع زواج (الطفلات) من خلال زيادة الدخل للمرأة في سوق العمل، وتؤكد الدراسات فقدان ما قيمته (706) مليار دولار، سنوياً، من الدخول الإنتاجية للمتزوجات أقل من (18) عاماً.
وجزم عاطف بأن محاربة الختان تحتاج إلى وقت طويل للحصول على نتائج ملموسة ويجب أن تكون جزءاً من استراتيجية التغيير الاجتماعي.
وأعرب عن أسفه لعدم وجو أي جهة تملك استراتيجية واضحة وفعالة في محاربة الختان وحتى الجهات التي وضعت استراتيجيات تعمل دون خطط عمل وبرامج لتحقيق تلك الأهداف.
مبادئ توجيهية
ومن ناحيتها تطرَّقت اختصاصي حماية الأطفال بالمنظمة العالمية لرعاية الطفولة آلاء بشير، إلى أهم المبادئ التوجيهية لإجراء مقابلات صحفية مع الأطفال لضمان عدم إيذائهم.
وشدَّدت على ضرورة عدم طرح الأسئلة أو المواقف أو التعليقات التي تصدر أحكاماً ولا تراعي القيم الثقافية وبالتالي تعرض الطفل للخطر والإذلال أو التي تعيد تنشيط آلام الأحداث الصادمة.
مشكلة ميزانيات
وفي السياق نفسه كشفت أمين أمانة الحماية بالمجلس القومي لرعاية الطفولة د. أميرة أزهري فضل الله،
عن وضع المجلس استراتيجيات وخطط قومية لتغيير المفاهيم الخاطئة في المجتمع ،وأكدت أن بتر وتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى بلغت (٣١.٥ ٪) للفئة العمرية من صفر إلى (١٤) سنة، ( ٣٨ ٪) نسبة اللاتي يتزوَّجن قبل بلوغ سن الـ(١٨) عامًا ،
ودعت إلى تعزيز دورالمؤسسات ذات الصلة لوقف الممارسات السالبة،
ونوَّهت إلى أن ختان الإناث جريمة يعاقب عليها القانون.
ووصفت تلك الممارسات بأنها انتقاص من حقوق (الطفلات) وطالبت بضرورة التعريف ونشر المادة (١٤١) للمجتمعات والتي تجرِّم الممارسات المميتة وتحرم (الطفلات) من حقوقهن وتعزيز المساءلة وتشكيل الآليات المهتمة بمتابعة البرامج التي تغيِّر المفاهيم الخاصة بقضايا الختان.
وشدَّدت على إلزامية تطبيق عقوبات جنائية وإدارية على القابلات الممارسات للختان.
وأوضحت أن المجلس يولي اهتماماً خاصاً بفئة الأطفال وتشكيل الحماية لهم، ونادت بتسليط الضو والتركيز على أن بتر وتشوية الأعضاء التناسلية لـ(الطفلات) تحرمهن حقوقهن الجنسية، ونوَّهت إلى إنشاء مراكز لمبادرة (سليمة) في عدد من المدارس بنسب متفاوتة وأقرت بمواجهة مشكلة في الميزانيات الموجهة الطفولة في السودان.
تفاسير مغلوطة
وأثارت أميرة محور التفسير الخاطئ لبعض النصوص الدينية والأعراف الاجتماعية والفقر والجهل وضعف فرص التعليم والتي تؤدي إلى تفشي ظاهرة زواج القاصرات، مشدِّدة على أهمية الإصلاح التشريعي فيما يتعلق بقضايا حماية الطفولة .
وتغيير المفاهيم المجتمعية وإدراك مخاطر ختان الإناث وزواج (الطفلات) ووضع ميزانية من الدولة لتدريب الكوادر ذات الصلة لتقوم بالدور التوعوي لحماية الأطفال وإصلاح التعليم وإدخال حقوق الطفل في المناهج التعليمية.
رسائل تحذيرية
وفي الإطار نفسه مضت مدير قسم صون الأطفال بمنظمة الطفولة العالمية رميساء الشيخ، للحديث عن موضوع الحماية وأن هنالك محاذير إعلامية يجب اتباعها عند التناول الإعلامي لحالات الاغتصاب أو الاعتداءات ضد الأطفال وهي عدم إظهار وجه الضحية، وعدم ذكر الاسم الحقيقي، والموقع الذي حدث فيه الاعتداء.
وأضافت أن هنالك إساءات تنتهك حق الطفل في الحماية، تتمثل في الإهمال والاستغلال بكافة أنواعه والإساءة الجنسية والجسدية.
وبعثت برسائل توعوية وتحذيرية للأسر في شأن مايبث على التلفزيون والقنوات الفضائية من برامج خاصة بالأطفال (كرتون) لا تتناسب مع أعمارهم وتحمل محتويات جنسية ومثلية.
حملات ومناصرة
وفيما يتعلق بشأن المناصرة والحملات حول حقوق الأطفال في السودان وكيف يمكن لوسائل الإعلام المناصرة لإنهاء الممارسات الضارة؟
أكد مدير قسم المناصرة والاتصال والحملات بالمنظمة أحمد كدودة، أن هناك مجموعة من الأنشطة المنظمة للتأثير على الحكومة وصناع القرار بشكل مباشر لوضع السياسات المؤسسية والموارد والممارسات لتحقيق تغييرات إيجابية لحياة الأطفال بناءً على الخبرة والمعرفة.
وأردف: إن الهدف الرئيس يتمثل في خفض عدد (الطفلات) المختونات بنسبة (50%) العام 2030م،
وجزم بأهمية اتباع الرسائل الموجهة في إطار الصحة والسلامة والجانب الاقتصادي والديني لتوضيح الحقوق،
وأضافت اختصاصي حوكمة حقوق الطفل رنا عوض، أن هناك أساليب خاطئة متبعة في إعداد وتأهيل الإناث والذكور منذ البداية، حيث يتم إلقاء أغلبية الأعباء المنزلية على الإناث مما يحرمهن من تكوين اكتساب المهارات الحياتية من العلم والإدارك والمعرفة وممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية وعدم إتاحة الفرصة لهن بتطوير أنفسهن مما يحد من مقدراتهن وفي المقابل يتمتع الذكور بحرية أكبر ومسؤوليات أقل تجعلهم متفوقين على الإناث في نواحي اكتساب خبرات ومهارات أوسع،
ودعت إلى أهمية تغيير أساليب التربية في المجتمع ليتمتع كلا الجنسين بالحقوق والواجبات معاً.
ومن جانبها أكدت المدير التنفيذي لمنظمة “إعلاميون” من أجل الأطفال إنعام محمد الطيب، أن الجمعية تعمل من أجل مناصرة قضايا الأطفال وتضم حوالي (600) إعلامي من كافة الأجهزة المختلفة ولديها شراكة مع الجهات الرسمية والمجتمع المدني والمنظمات العالمية والإقليمية.
ونوَّهت إلى الاهتمام بتدريب الإعلاميين عن كيفية مناصرة حقوق الأطفال
وانتقدت عدم إعطاء الأولوية لقضايا الأطفال في الأجهزة الإعلامية المختلفة
وذكرت أن ميثاق الشرف الإعلامي للجمعية يوقع عليه الإعلاميون طوعاً لضمان عدم المساس بحقوق الأطفال وانتهاكها، وأردفت بأن قضايا الأطفال متشعبة وتحتاج لمزيد من الطرق عليها بصورة دورية.