10 سبتمبر2022م
لا شباب امرأة..
فشباب امرأة هو اسم فيلمٍ يتحدث عن شابٍ قدم من الريف ليدرس بالقاهرة..
واستأجر غرفة علوية من (معلمة)..
أي امرأة أعمال – بالعامية المصرية – غير متزوجة رغم جمالها ومالها..
وهي تكبره سناً… فتُفتن بشبابه… ووسامته..
وبدلاً من أن يتعلم علمته (المعلمة) دروساً في الغواية… إلى أن ذبل شبابه..
وكاد أن يضيع منه كلا الشباب والتعليم..
كاد أن يفقد كل شيء… لولا أن أنقذته شابة من بلدته تربطه بها صلة قربى..
ويُفترض أن يُسمى الفيلم شباب رجل… لا امرأة..
فقد أوشك أن يفقد شبابه ليضحى كحال بطل كلمتنا هذه الذي فارقه شبابه..
فارقه بعامل السن… لا التبديد في أحضان الغواية..
وصار بعد أن وقع في حب شابة – أو أوقعته هي فيه – يتمثل بقول الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يوماً… فأخبره بما فعل المشيب
ومهنته طبيب أسنان… ورغم ذلك فباب فمه في حالة خلع… أي مخلوع..
وأعني أحد أسنان فمه الأمامية..
فشابه حاله حال النجار الذي يُضرب به المثل فيُقال (باب النجار مخلَّع)..
ضبطته – على حين صدفة – متلبساً بحالة حب..
فضحكت كما لم أضحك منذ حكايتي تلك مع شلة فوفو… قبل نحو عام..
ولمن لا يعرف حكايتي مع فوفو هذه نوجزها..
فهي كانت مع مجموعة شباب من الغاضبين جراء زوال سلطة قحت..
وحمَّلتني – الجماعة هذه – كبير ذنب في الذي حدث..
وقالوا إن تكفيري عن ذنبي هذا لا يكون إلا بدعوتي العسكر لتسليم الحكم..
تسليمه للمدنيين… والعودة إلى الثكنات..
طيب يسلموها لمن؟… تساءلت بصدقٍ وأنا أتفرس في عيونٍ تكاد تفترسني..
فقالت من كانت أشدهم غضباً (يسلموها وخلاص)..
واسمها فوفو؛ فقلت لها (خلاص يا فوفو… سوف أكلمهم كي يسلموها)..
فصرخت (نعم يسلموها بسرعة… بسرعة… بسرعة)..
وبسرعة – وقبل أن تنهي صراخها هذا – انفجرت أنا في ضحكٍ متسارع..
فكان هذا آخر ضحكٍ لي ذي إيقاعٍ سريع..
فما من شيءٍ يدعو للضحك الآن بما أن كل شيء – وكل أحدٍ – يبدو حزيناً..
إلا أن يكون ضحكاً من شاكلة شر البلية ما يُضحك..
أو أن يكون ضحكاً سببه قولٌ من شاكلة كلام فوفو… وهي على هذه الشاكلة..
أو أن يكون ضحكاً على مَن كان في شاكلة طبيبنا هذا..
وقد ضحكت عليه – ومنه… وفيه – ليس لأنه اقترف جرماً بعشقه لشابة..
ولكن لأن في قلبه متسعاً – في زماننا هذا – للحب..
وحب من؟…. من هي بعمر فوفو هذه… وعمره هو قد تجاوز السبعين..
تلك التي عشقت شاباً في عمر ابنها..
ولكن شيئاً واحداً قاله – تبريراً – حد من غلواء ضحكي الذي أغضبه..
وهو أن الشباب شباب القلب..
فتولّيت عنه – وقد سكت عني الضحك – وأنا أخشى عليه من مصير حسن..
أو فلنسمه هكذا… وما هو باسمه..
فقد أحب مثله شابة في الثلاثينات من عمرها… وهو على أعتاب الثمانين..
فقبلت به لأنه – كما قيل – ذو مال..
ثم كان مثله – كذلك – يبرر بعبارة (الشباب شباب القلب) رداً على المندهشين..
وسافر بها لقضاء شهر العسل..
ولكنهما عادا سريعاً إلى أرض الوطن؛ أحدهما حي… والثاني في صندوق..
ففي يومٍ شائب جرت معركة بين شائبٍ وشاب..
أي بين ما يُوصف به الشِيب – من الرجال – وما كان يصف به قلبه..
فانهزم الذي كان يراهن عليه… وعلى شبابه..
هُزم رغم إمداده له بمعينات – عصرية – تجعله قادراً على دحر العدو..
فشيع الجسد المسن إلى مثواه الأخير..
ومعه قلبٌ شاب!!.