القيادي بقوى الحرية والتغيير وعضو لجنة التفكيك وجدي صالح لـ(الصيحة):
نحن بدأنا من عدم وحتى الآن لم نكتشف أننا أصدرنا قراراً بدون سند
الإقرار بالخطأ ثقافة ديموقراطية يجب أن نتعلَّمها جميعاً
نحذِر من العبث بأي معلومة أو بيِّنات أو مستندات كانت موجودة في مقر اللجنة قبل تجميدها
عطَّل الولاة العسكريين عمل التفكيك تحت ذريعة أنهم ليسوا بسياسيين
لم نستخدم قوة مدنية في المداهمات ولكن …!!
حوار: انتصار فضل الله
حذَّر القيادي بقوى الحرية والتغيير، وعضو لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الـ(30) من يونيو، المنحلة وجدي صالح، من العبث بأي معلومة أو بيِّنات أو مستندات كانت موجودة في اللجنة في مواجهة رموز أو عضوية النظام القديم قبل تجميد نشاطها.
وأشار وجدي في حوار أجرته معه (الصيحة) حول مسيرة عمل اللجنة منذ تكوينها وحتى تجميدها، إلى تعرُّض الملفات الخاصة بالخدمة المدنية للعبث، مؤكداً أنهم لم يستخدموا قوة مدنية في المداهمات التي تمت، ولفت صالح إلى أنه طوال عمل اللجنة وحتى تاريخ 25 أكتوبر، لم يتخذ أي قرار بتصويت أو أغلبية، وإنما كل قرارات اللجنة كانت بالإجماع من كل مؤسسات الدولة دون إبداء أي اعتراض.
إلى نص الحوار:
*أستاذ وجدي، ما المعايير التي تم بها اختياركم كأعضاء في لجنة التفكيك؟
ـ جاءت نتاج إعلان الحرية والتغيير الذي تم التوقيع عليه أول يناير 2019م، نص على إسقاط النظام وتفكيك بنيته وواجهاته التنظيمية والسياسية والاقتصادية، بعد الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري الانتقالي آنذاك تم الاتفاق -أيضاً- على تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو وتفكيك بنية نظام المؤتمر الوطني وأيضاً تفكيك واجهاته السياسية والتنظيمية، ثم أصبحت المهمة جزءاً من الوثيقة الدستورية وتم النص عليها في ثلاثة أماكن في الديباجة أو مقدِّمة الوثيقة وتم النص عليها داخل الدستور بأنها من مهام الفترة الانتقالية، تنفيذ الدستور لا تطبِّقه الجهات التنفيذية وإنما تطبِّقه التشريعات والقوانين وكان لا بد من صدور قانون بعد الاتفاق عليه في الحرية والتغيير وفي الإعلان السياسي وفي الوثيقة الدستورية أن يكون هناك تشريع ينظِّم عملية التفكيك فصدر قانون كان اسمه قانون إزالة التمكين ثم تم تعديله في العام 2020م، ليكون قانون التفكيك، وقال: القانون شكَّل لجنة تسمى بلجنة التفكيك لتنفيذ ما ورد في الوثيقة الدستورية أو تنفيذ ما ورد في القانون.
*مَن حدَّد تشكيل الأعضاء؟
ـ القانون هو من حدَّد أن تتشكل اللجنة من عضوين من مجلس السيادة ورئاستها والنائب من المجلس، ثم مقرِّر هذه اللجنة يكون وزير شؤون مجلس الوزراء بحكم منصبه، أريد أن أقول بأن هذا يؤكد الأهمية التي اتجه لها المشرع الانتقالي بضرورة هذه المهمة وسموها لذلك جعل هؤلاء الثلاثة ثم أضاف لهم ممثلين لكل الجهات، والقانون حدَّد بأن اللجنة تتشكَّل من ممثلي جهاز الأمن والمخابرات وممثل للقوات المسلحة وممثل للشرطة ووزارة الداخلية، وأيضاً ممثل للدعم السريع وهذه القوات النظامية لضرورة أن تكون جزءاً من صناعة القرار وتنفيذه داخل لجنة التفكيك هذه الجهات النظامية والعسكرية كانت ممثلة داخل هذه اللجنة برتب لواءات ثم بعد ذلك ممثل لديوان المراجع العام وممثل لوزارة العدل والعمل وممثل لوزارتي العمل والمالية، المهم بلغ عدد الممثلين لهذه الجهات (13) واللجنة عضويتها من (18).
*الخمسة المتبقين من أين؟
ـ القانون نصَّ بأن يتم اختيار خمسة أعضاء، من قوى الثورة وحدَّد ذات المعايير من الذين يشهد لهم بالنزاهة والاستقامة والأمانة وغيرها وهي المعايير التي تتوفر في الموظفين العامين فتم اختيارنا نحن خمسة لهذه اللجنة وجدي صلح، بابكر فيصل ود.صلاح منَّاع، كنا موجودين داخل اللجنة من قبل قوى الثورة ولما كانت المهمة ثورية وليست مهمة ممثلين أو موظفين لمؤسسات الدولة لذلك كان يقع عبئاً كبيراً على هذه المجموعة داخل اللجنة لأنها كانت تعبِّر عن روح الثورة وكانت هي التي تتصدى.
*كيف كان يتم اتخاذ قرارات اللجنة؟
ـ طوال عمل اللجنة وحتى 25 اكتوبر لم تتخذ أي قرار بتصويت أو أغلبية وإنما قراراتها كانت كلها بالإجماع وهذا يعني أن القرار عندما يصدر كان متوافقاً عليه من كل مؤسسات الدولة المعنية، لكن طبعاً يحاول الناس تصوير وكأنه هناك مجموعة صغيرة مسيطرة وهذه تهمة وشرف لا ندَّعيه، أن نقوم بهذه المهمة وينسب لنا هذا الشرف، ما أريد قوله كان معنا ممثلين لجهات كانوا مؤمنين بهذه المهمة وأدوا وعملوا معنا، أيضاً داخل اللجنة كانت هناك لجان فرعية مكوَّنة بنفس تشكيلة اللجنة العليا الأم، تضم نفس الممثلين بمستويات أقل، فهناك لجان لكل مهمة، لجان للعربات وللمنظمات وللخدمة المدنية للبنوك ولجنة للمؤسسات الإيرادية كلها كانت تعمل وفقاً للقانون.
*يعني أي قرارات أصدرتها اللجنة كانت الجهات التي ذكرتها موافقة عليها؟
ـ كل الجهات وافقت عليها دون أي اعتراض من خلال ممثلينهم.
*ماهي مهام اللجان الفرعية؟
ـ ترفع توصيتها وملخص عملها ليراجع من قبل السكرتارية والمقرَّرية ثم يرفع للجنة العليا للإجازة وإصدار القرار.
*ما هي الجهة التي حدَّدت الأسماء؟
ـ نحن رشحتنا قوى الثورة ” الحرية والتغيير ” لأنها في تلك الفترة كانت تمثل قوى الثورة الموقعة على الوثيقة الدستورية.
*ذكرت من ضمن تشكيلة لجنة التفكيك “قوات نظامية ” لكن الملاحظ أن هناك مداهمات استخدمتم فيها مدنيين؟
ـ هذا كلام غير صحيح، أول حاجة حتى القوات النظامية المشكلة في اللجان لا علاقة لها بتنفيذ قرارات اللجنة، بمعنى أن القوات النظامية الموجودة هي ليست القوات التي تنفذ القرارات وإنما يصنعون معنا القرارات، فالجهة التي نفذت القرارات الصادرة من اللجنة هي الشرطة بموجب أمر صادر من النيابة بمعنى أن النيابة هي من يصدر الأوامر والشرطة تنفذ توجيهات النيابة وليست توجيهات لجنة التفكيك، نحن ليس لدينا سلطة مباشرة على الشرطة أو النيابة العامة، ولم تكن هنالك قوة مدنية تداهم، ولكن كان هنالك ثوار مؤمنين بهذه العملية كانوا هم يجمعون المعلومات ويضعونها أمام اللجنة بالتالي تتحرى اللجنة من المعلومات وتؤكدها ثم تتخذ القرارات.
*على أي أساس وافقتم على تكوين لجان في الوحدات والولايات؟
ـ نعم، طبعاً قانون التفكيك أعطى اللجنة الحق في تشكيل لجان فرعية أو في الولايات وأعطاها الحق في أن تمنحهم بعض السلطات والصلاحيات وفقاً لما تراه، فنحن كنا نفوِّض بعض الصلاحيات شكَّلنا لجاناً في الولايات وشكَّلنا لجاناً في بعض المحليات السبع في ولاية الخرطوم ومنحناهم بعض الصلاحيات لكن لم نمنح أي لجنة لا فرعية ولا ولائية حق اتخاذ القرار، وإنما كل ما عليها رفع توصية للجنة العليا التي تنظر وتراجع التوصيات في اجتماع مكتمل بعدها نصدر قرارنا إذا رأينا أن التوصيات تصلح لأن تكون مشروع قرار يصدر بموجبه قرار، أحياناً نعيد التوصية للجنة مع بعض التوجيهات لتكملة نقاط النقص فإذا لم تكتمل لا نصدر قرار، فاللجان الفرعية ولجان الولايات لا تصدر قرارات إنما ترفع توصيات، الجهة الوحيدة التي تصدر القرارات هي اللجنة العليا.
*معايير اختيار أعضاء اللجان في الولاية ؟
ـ هي ذات المعايير التي تنطبق على أعضاء اللجنة العليا، أيضاً هذه اللجان حتى في الولايات فإن الوالي بحكم منصبه هو رئيس لجنة التفكيك ثم هناك ممثل للقوات المسلحة والدعم السريع وجهاز المخابرات والشرطة، في الولايات هناك بعض المكوِّنات الاجتماعية غير قوى الثورة ولجان المقاومة أضفنا في الولايات ممثلين داخل هذه للجان من لجان المقاومة -أيضاً- من المكوِّنات المحلية غير المركزية سواءً أكانت مجموعات ضغط أو سياسية أو اجتماعية موجودة في ولاية معينة أعطيناهم الحق في ترشيح هذه المجموعات في ولايات ذات طبيعة خاصة، فلجنة التفكيك كانت تعبِّر عن شعارات الثورة بشكل أو بآخر لكن العمل في الولايات كان إلى حد ما، وبقدر ما تم نعتبره إنجاز كبير، لأن الحكام العسكريين أخذوا فترة طويلة جداً لم يكونوا راغبين في القيام بمهمة التفكيك وبالرغم من أنه تم الاجتماع بولاة الولايات في حضور أعضاء مجلس السيادة أكثر من مرة فتحجج الولاة العسكريون بأنهم لا يستطيعون القيام بهذه المهمة تحت ذريعة أنهم ليسوا سياسيين ولا يعملون في العمل السياسي فعطَّلوا عمل التفكيك لحين تعيين الولاة المدنيين في الولايات .
* هل اللجنة كانت مخترقة من ناحية أمنية ؟
– أعتقد أننا لم نعان من اختراق طوال عمل اللجنة بقدر ما كنا نعاني من إعاقة لعملنا من بعض الشخصيات داخل مؤسسات السلطة الانتقالية، أقول وإذا كانت هنالك أي معلومات يمكن أن نقول طلعت خارج اللجنة لأنها مكوَّنة من كل مؤسسات الدولة، فبالتالي لن نستطيع أن نقول إنها محصَّنة بشكل مطلق .
*اعترفتم بأخطاء لازمت فصل بعض العاملين في الدولة ما هي أسباب هذه الأخطاء؟
ـ طبعاً أي زول مندهش لأننا أعترفنا بأخطاء، فهذه ثقافة لم يعشها الشعب السوداني طوال الثلاثين عاماً، التي سبقت الثورة ويمكن أن أقول إنها ثقافة غير موجودة، فالذي يعتذر أو يقر بالخطأ في السودان وكأنه قلَّل من قيمة نفسه، وللحقيقة نحن عندما طلعنا في هذا المؤتمر الصحفي وقلنا إننا ارتكبنا بعض الأخطاء ولكننا سنصححها وردت لي اتصالات كثيرة قالوا لي أنتو كدا بتنتحروا وبضيِّعوا اللجنة وكيف تقولوا مثل هذا الكلام، لكني افتكر أن المشفقين لا يعلمون أن ثقافة الاعتذار والإقرار بالخطأ ثقافة ديموقراطية يجب أن نتعلَّمها جميعاً ولا يوجد أحد محصَّن من الخطأ، فقط الأعداء حاولوا أن يصوِّروا هذا الاعتذار وكان كل قرارات اللجنة خاطئة وهو ما كان يتخوَّف منه المشفقين علينا من الاعتذار وقالوا لنا “حيستغلوه ” ضدكم، نحن قلنا ارتكبنا خطأ في حاجة معيَّنة وهي القائمة التي تم إنهاء خدماتها في وزارة النفط والمؤسسات التابعة لها ومجلس الوزراء، في بعض الأخطاء في القائمتين وراجعنا المسألة بعد الاعتذار عن الخطأ وصححناها وأصدرنا قراراً بعدم الاعتراف بأي تقارير تردنا من أي لجنة من اللجان التي تؤسسها مؤسسات السلطة التنفيذية.
الوزراء كانوا قد عيَّنوا لجان تفكيك حليناها كلها وعمَّمنا ذلك بموجب قرار من اللجنة ورفعناه لوزير شؤون مجلس الوزراء بدوره عمَّمه لكل المؤسسات لا نعترف بأي تقرير يردنا أو نبني عليه قراراً إلا من خلال اللجنة التي شكلناها حتى نبعد عن المكاسب والمصالح الخاصة، لأن هنالك بعض المؤسسات فيها أفراد تتضارب مصالحهم.
*يعني هذه ليست اللجان التي قمتم بتشكيلها ؟
ـ نعم، هي ليست لجاننا والخطأ الذي أقرينا به أننا أخذنا بتقاريرهم لذلك تراجعنا مباشرة، وأشير إلى أنه بصدور القانون هناك من شكَّل لجاناً بموجب صدور القانون وقلنا لهم ليس لديكم السلطة، لأن القانون حدَّد الجهة ونحن مع الجهاز التنفيذي للدولة أوقفنا كل اللجان التي شكلت سواءً أكان وزيراً أو وكيل وزارة وهذا الخطأ الوحيد .
*هل اتخذت اللجنة قرارات بدون مستندات ؟
ـ حتى الآن لم نكتشف أننا أصدرنا قراراً بدون سند وبيِّنات خاصة فيما يتعلق باسترداد الأموال بدليل أننا لم نراجع أو نلغي أي قرار يتعلق بالأموال، نحن كل الذي ألغيناه قرارات تتعلق بالخدمة المدنية فقط وهي وارد الخطأ فيها سواءً من خلال المستندات الموجودة أو من خلال التقارير، علماً بأن هذه الملفات الخاصة بالخدمة المدنية تم العبث بها خلال الفترة حكم فيها المجلس العسكري الانتقالي وهي الفترة من السقوط في أبريل وحتى تشكيل الحكومة في نهاية سبتمبر 2019م،
بالتالي أقول لا يوجد قرار بدون سند فأي قرار أصدرناه نحن مبني على حيثيات ومستندات والآن بعد انقلاب تم الاستيلاء على الموقع بكل مستنداته ومعلوماته ولم ندخل المقر حتى الآن ولم تتم أي إجراءات عملية لتسليم وتسلم لذلك نحمِّل قيادة الانقلاب مسؤولية العبث بأي معلومة أو بيِّنات أو مستندات كانت موجودة في اللجنة في مواجهة رموز أو عضوية النظام القديم، ولكن طبعاً الناس أصبحت على علم بأنه تم إلغاء القرارات بواسطة الانقلابين وإعادة تمكين الكيزان من الناحية الاقتصادية بإعادة أموال الدولة لهم وإعادة تمكينهم إلى الخدمة المدنية بإعادتهم إلى الخدمة وإلغاء كل القرارات، لكن أنا على يقين بأن هذه الثورة مستمرة ولن تتوقف وسنسقط هذا الانقلاب وسيعيد الشعب السوداني مهمة التفكيك وسيفكك بنية نظام الثلاثين من يونيو، وأيضاً البنية التي أعاد بنائها نظام 25 أكتوبر، لنبني مؤسسات دولة مدنية ديموقراطية كاملة إن شاء الله .
*كيف هي علاقة لجنة التفكيك مع الشارع ؟
ـ أولاً، اعتز بأننا في لجنة التفكيك نحن المؤسسة الوحيدة التي صنعتها الثورة ولا يوجد غيرها وهذه من نقاط ضعف الفترة الانتقالية المنقلب عليها، فكان لابد من تأسيس وإنشاء مؤسسات حقيقية لتحقيق أهداف الثورة دون الاعتماد على الهيكل الموروث من النظام البائد سواءً أكان مؤسسات شبابية أو نسوية أو مؤسسات لتقوم بتنفيذ مهام الثورة، مهمة التفكيك أوكلت للجنة التفكيك، فأنا بحي الثوار المؤمنين بعملية التفكيك الذين عملوا معنا لأن لجنة التفكيك كانت جديدة والمهمة جديدة، لم نكن نتمتع بخبرة وتجربة سابقة ولا نملك ملفات، نحن بدينا من العدم وقدرنا أن نؤسس مؤسسة بمستند القانون حوربنا بدون أي إمكانيات مادية حوربنا من داخل مؤسسات السلطة الانتقالية حوربنا مِن مَن تحالفوا مع بعض الذين انتسبوا لهذه الثورة ووقفوا ضد أهدافها في عملية التفكيك، أيضاً كانت هناك لوبيات اقتصادية تشكَّلت في مواجهة اللجنة وعملت جميعها ضدنا.