ما تمّ من اتفاق يُعتبر إدانة لقوى الحرية والتغيير
المجلس العسكري كان أكثر وطنيةً وسارَع لحقن الدماء
موقفنا واضح ونُصر عليه وفي المواجهة ليست لدينا حدود
أولوياتنا كيف يُحكم السودان وليس من يحكمه
هناك ضبابية ومخاطر في المرحلة المقبلة
إذا تم تنفيذ الاتفاق بهذه الطريقة علينا الاستعداد لإنقاذ ثانية
حوار: هبة محمود سعيد
اعتبر القيادي بالجبهة الثورية التوم هجو، ما تم من اتفاق فجر الجمعة بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، إدانة في حق الأخيرة، لرفضهم اتفاقاً سابقاً بنوده أفضل من الآن ـ على حد تعبيره ـ لافتاً إلى أنهم في الجبهة الثورية وهي أحد أهم مكونات الحرية والتغيير، كانوا الدافعين الأساسيين للحوار المباشر مع المجلس العسكري قبيل انسحابهم من جلسة التفاوض لتغير الأجندة المطروحة والأولويات من قبل بعض الأحزاب بحسب ما ذكر.
وقال هجو إن انسحابهم من الاتفاق جاء حتى لا يضفوا عليه شرعية وصفها بالزائفة، موكداً أن مواقفهم واضحة جداً حيال المرحلة القادمة، مضيفاً أنه حال تم تنفيذ الاتفاق بمعزل عن الناس فعلى الجميع الاستعداد لمواجهة الإنقاذ الثانية.
*نبدأ بآخر التطوارت، وهي ما تم من اتفاق بين المجلس العسكري وإعلان قوى الحرية والتغيير، بمعزل عنكم عقب سحب مفوضكم وطلبكم التفاوض المنفرد مع المجلس؟
– نُبارك أولاً للشباب أصحاب الثورة الحقيقيين، ونقول إن التحدي الأكبر أمام القوى السياسية الآن هو أن تتفق على كلمة سواء، وأن تسقط الأجندة الحزبية والشخصية من أجل مصلحة الوطن، هذا أولاً، ثانياً ما تم من اتفاق هو خطنا واتجاهنا في نداء السودان وفي الجبهة الثورية، ونعتقد أن ما تم الاتفاق عليه كان ممكناً منذ الحادي عشر من أبريل، لكن للأسف الشديد التجاذبات والاستقطابات التي حدثت أخذت وقتاً طويلاً من الشعب السوداني، كما نعتقد أن الدماء التي سالت ما كان يجب أن تسيل، ولكنها إرادة الله، وأسأل الله أن يتقبلهم، ودعيني أقول وللأسف الشديد أن الذي تحقّق بعد إضاعة الوقت وإسالة الدماء هو أقل بكثير مما أُعطي، ونتمنى أن تكون هذه عبرة يعتبر بها الناس، وآن الأوان للقوى السياسية أن تبتعد من أسلوب الاستقطاب والمزايدات، وألا نكون كأهل الكهف، نمنا ثلاثين عاما وعدنا كأنه لم يحدث شيء.
*الاتفاق تم بمعزل عنكم عقب سحب مفوضكم وطلبكم التفاوض المنفرد مع المجلس العسكري؟
– نحن كنا الدافعين الأساسيين حول الحوار المباشر، ولكن في الحقيقة أصبحت الأجندة والأولويات المطروحة ليست أجندتنا، ولذلك انسحبنا حتى لا نضفي عليها شرعية زائفة، وموقفنا واضح جداً في المرحلة القادمة، ونعتقد أن ما طالب به الشباب تم تحقيقه، وثبت تماماً أن المجلس العسكري لم يكن يوماً من الأيام ضد الوفاق، ولم يكن متمسكاً بالسلطة، لكن المسألة مسألة أولويات.
*فيمِ تتركز أهم أولوياتكم؟
– أولويتنا واضحة جداً، وهي كيف يُحكم السودان وليس من يحكم السودان، ثم تأتي بعدها قضايا السلام وإحلاله ومناقشة جذور الحرب وجذور الأزمة السودانية، بعد ذلك نأتي إلى من يحكم وإلى التسميات، ونحن كما ذكرت لكِ موقفنا واضح، وسوف نصر عليه، وهو أنه ليس هناك قفز فوق الثوابت التي اتفقنا عليها والتي قامت من أجلها الثورة. وبعدها سيفهم الشباب من الذين ثاروا وقاتلوا من أجل الوطن ومن الذين ثاروا وقاتلوا من أجل الأجندة الحزبية.
*ألا ترى أن مطالبتكم بالحوار المنفرد مع المجلس إهدار لمزيد من وقت الشعب السوداني؟
الاتفاق الذي تمّ هو تطلّع وطموحات إيدولوجية فرضت نفسها على الأجندة الوطنية ليس إلا، ذات المجموعة وافقت على أقل ما رفضته، والآن يتحدثون عن الترشيحات رغم أننا لم نتفق حتى الآن على المعايير!! نحن في الجبهة الثورية لدينا رأي، الآن الناس يتحدثون عن كفاءات وطنية، فما هو المعيار للكفاءة الوطنية، وهل حكومة جبهة الهيئات في أكتوبر 1964 كانت كفاءات وطنية؟ وهل حكومة الجزولي دفع الله في انتفاضة 1985 كانت كفاءات وطنية أم ماذا، وما الفرق بين هذا وذاك.. الناس الآن يتحدثون عن أشخاص، ونحن ليس لدينا اعتراض على أي شخص لأننا داخل الجبهة الثورية ليست هذه أولوياتنا. المكاسب والمناصب و(المدافرة) آخر ما نهتم به.
*كيف لمُكّونٍ مثل الحرية والتغيير يقود ثورة بهذا الحجم دون وفاق بين مكوناته؟
لأن هناك أجندة خفية.
*أجندة بمعنى؟
هناك من يجيدون الاصطياد في الماء العكر.. الحكومة المدنية لم تكن في الأصل مثار خلاف، لأن المجلس الوزاري مدني، ولذلك أكرر أنه كان هناك اصطياد في المياه العكرة، وإذا كانت هناك نية تفاوض لكان هذا الاتفاق تم في خلال 24 ساعة عقب سقوط النظام.
*في وقت سابق اتهمت بعض أحزاب قوى الحرية والتغيير بأنها تحمل أجندة ولا تريد الاتفاق، وأمس الأول تم الاتفاق، كيف يُفسّر هذا؟
لا أبداً حتى الآن ولعلمك هذا الاتفاق فُرض على بعض الاحزاب فرضاً وكانت حتى آخر لحظة ضد التفاوض المباشر.
*فُرِض مِن قِبل مَن؟
فرضته الأغلبية المطلقة، نحن كنا القوى الدافعة للحوار المباشر.
*ولكنكم أتيتم في آخر اللحظات وانسحبتم؟
انسحبنا لأننا دخلنا في مرحلة ثانية، نحن كنا حتى آخر لحظة مع الحوار المباشر من أجل كسب الوقت، لكن الأجندة في مضمون الحوار كنا غير موافقين عليها، لأنها أجندة معكوسة، ومبنية على من يحكم، أضف إلى ذلك أن هذا الجسم الذي قاد الانتفاضة والثورة غير منظم، وكان من الممكن أن تضيع الثورة، لكن الأمور مرّت بسلام، ونعتقد أن التسارع والتسابق من أجل السلطة مسألة خطرة.
*خطِرة بمعنى؟
– هذه المسألة تعيدنا إلى الدائرة الشريرة، وهي حكومة مدنية تأتي بعدها حكومة عسكرية ثم صراع، وهذا ما حدث في 64. نحن لا نريد أن نكرر ما حدث، ولن نشارك في حدوثه، ولذلك نقول الآن المرحلة الأولى انتهت بخيرها وشرها، وكانت بها الكثير من الأخطاء، وكذا المرحلة الثانية التي أضاعت كثيراً من الوقت والدماء، ولكن لا نريد للمرحلة الثالثة أن تسير بذات المنوال.
*بخروجكم من الاتفاق وأنتم جبهة تضم حركات مسلحة وأحزاباً، يمكن أن نقول إننا أمام مرحلة ثالثة من الصراعات؟
– رأينا واضح جداً، هناك إشكالية حقيقية، وهي إشكالية الهامش والمركز، نحن لا نريد ما حدث في انتفاضة أبريل 85، وهي بعد أن تم تشكيل الحكومة تم التفاوض مع المتمردين، مع أن المتمردين هؤلاء جزء من الثورة ولهم الحق فيها، هذه المرة نحن فطنّا للأمر منذ البداية وللاسف الشديد بمجرد انطلاق هذه الثورة، تم التنكّر لنا وعُدنا للمربع الأول، المركز والهامش والذين يعيشون في الخرطوم يعتقدون أن هذه الثورة ملك لهم وأنهم يجب أن يجنوا ثمارها يأتون بالآخرين ليعطوهم بعض هذه الثمار، وهذا لن يحدث. ولا نريد العودة إلى مربع (الإنقاذ تو).
*لماذا تم التنكّر لكم؟
– نحن لا نرى سبباَ للتنكّر لاشخاص هم رفاق دربك، أتاحوا لك كل ما عندهم، وأنتم تتابعون أن كل نشاط المعارضة كان في الخارج في أراضي الحركات المسلحة التي دعتها وقاسمتها فيما تملك، ولكن بمجرد أن قامت الثورة تنكروا وتناسوا وأقصوا وليس سهواً، فهل من الصحيح إقصاء قوة كانت مقاتلة على مدار ثلاثين عاماً!! والأمر من ذلك شعارات الثورة التي كانت تقال (بالواضح وما بالدس) أثبتت كذبها، لأنه بعد نجاج الثورة أصبح جميع العمل بالدس، بدءاً من التنسيقية التي قيل لنا إنها مجموعة تواصُل مع المجلس العسكري، وذكروا لنا بالحرف الواحد أن هؤلاء مراسلات وسوف نجلس للهيكلة ولم نهتم، ولكن بقدرة قادر لجنة المراسلات هذه أصبحت تنسيقية، ثم أصبحت لجنة تفاوض، وتشريعية وتنفيذية وعلاقات خارجية.
*كل هذا أنتم بعيدون عنه؟
– للأسف الشديد.
*جميع أحزاب قوى الحرية والتغيير قامت بإقصائكم أم أحزاب بعينها؟
– أنا لا أريد أن أتهم أحزاباً بالتحديد، ولكنهم يعرفون أنفسهم جيداً، ولكن على أي حال سوف أحدد لك الآخرين الذين يوافقوننا الرأي، وظلوا يتحدثون عن هذه المسألة دون أخذ مواقف، على رأسهم حزب الأمة القومي الذي يوافقنا الرأي، لكن لم يتخذ موقفاً والفرق الذي بيننا وبينهم أننا انسحبنا.
*قضية السلام تُعَد أهم مطالبكم، ونجد أن أهم ما ستركز عليه الحكومة الانتقالية خلال الستة أشهر الأولى هذه القضية، فلماذا استبقتم الأمور؟
يتحدثون عن ذلك، ولكن الجدلية تظل قائمة، في أنهم أصحاب الثورة رغم أنهم كانوا معنا، وفكيف تُشكّل حكومتك ثم تأتي للتعامل مع المتمردين الذين هم نحن، والذي كان بالأمس يقاتل معي يأتي ليفاوضني، لماذا؟!! ما السبب في أن تتجاوزني في جميع المواثيق ثم تأتي للتفاوض معي. نحن وصلنا حافة الهاوية.. نحن نريد حتى الآن من يأتي ليقنعنا ما هي الحكمة في الصراع من أجل السيادة.! لماذا أنتم مصرون على السيادة وما الفرق في السيادة هذه وسيادة سوار الدهب، لماذا؟!!
*بالتأكيد هناك أزمة ثقة فرضتها ثلاثون عامًا من حكم العسكر؟
– لماذا ذهبوا إليهم أمام القيادة العامة إذاً، وهم الذين أتوا وقالوا لنا هؤلاء شركاؤنا!! المسألة باعتقادي ليست مسألة عسكر ولا مدنيين، نحن جميعنا سودانيون فما الذي يعطيك الحق أنت كحزب سياسي أن تقول للعسكري السوداني أنك لا تريده.
ما حدث بعد يوم 11 أبريل يؤكد أن هناك أجندة سياسية دخلت، وأنا هنا أهنئ المجلس العسكري لأنه كان أكثر وطنية، وسارع لحقن الدماء، ولولاه لكانت الدماء مستمرة حتى الآن مثلما يحدث في سوريا، فكيف لك أن تغفل دوراً مثل هذا، وتعلم أن هناك طرفاً ثالثاً متربصاً. وعلى فكرة هذا الاتفاق يشكل إدانة لقوى الحرية والتغيير، فلماذا قبلوا بالاتفاق الآن بعد إسالة الدماء في وقت رفضوا فيه اتفاقاً سابقاً كانت بنوده أفضل من الآن، هذا سؤال بحاجة إلى إجابة، والسؤال الثاني هو أن المجلس التشريعي يعتبر أهم من المجلس السيادي، فلماذا يريدون رئاسة المجلس العسكري؟؟ الإجابة تكمن في أن هذا المكّون ليس جسماً واحداً ولا توجد جهة تتخذ قراراً، المسألة كلها مزايدات ومدافرات.
*مُكّون بهذا الشكل برأيك كيف يمكن أن يدير المرحلة المقبلة؟
– هناك ضبابية شديدة ومخاطر، ويجب أن يحدث تراجع وإعادة ترتيب للصفوف، الآن الاتفاق تم، لكن يصبح مربط الفرس، وهو تنفيذه بمعزل عن جميع الناس، وإذا تم تنفيذه بمعزل عن الناس، فعلينا الاستعداد للإنقاذ تو، خاصة أنك تعتبرني لست جزءاً من هذه الثورة.
*هذا يعني أننا أمام تصعيد جديد من قِبلكم؟
– أبداً، نحن لن نُصعّد، لكن لا يمكن لأي جهة أن تُطالبني ألا أدافع عن حقي في الثورة وحقي كسوداني وحقي كقيادي في ألا يتكرر ما حدث في أكتور 64 وأبريل 85 والعودة إلى المماحكات السياسية مرة أخرى والأجندة المقلوبة.
*ما هي الخطوة المُقبلة من جانبكم؟
– نتفاكر حولها، ونحن تعودنا على هكذا مواقف، والخطأ هو خطأ إذا جاء من يمين متطرف أو يسار متطرف وسوف نواجهه.
*ستواجهونه بماذا؟
– في المواجهة ليست لدينا حدود، النظام “الفات” واجهناه بالبندقية والمفاوضات والانتفاضة.
*من الممكن استخدام ما ذكرت؟
– والله لا نريد أن نسبق الأحداث، ونتمنى ألا نضطر إلى ذلك.
*ستكون لكم جولة أخرى مع المجلس العسكري للتفاوض المنفرد؟
– (دي جاينها)، لكن قبل ذلك السيد رئيس الجبهة الثورية مني أركو مناوي والأمين العام لنداء السودان الآن طلب أن نتلاقى بأسرع فرصة ممكنة كقوى سياسية وكقوى حرية وتغيير بدون أي اقصاء لأحد وأن نتوافق على كلمة سواء من أجل السودان، ومن أجل مخاطبة جذور الأزمة السودانية.
*متى سيكون الاجتماع؟
– في أقرب فرصة مُمكنة، ونتمنى أن تكون هناك استجابة، لن نضيع أي فرصة للتوافق، وواجبنا توعية الشباب أن السم في الدسم.
*أخيراً، ماذا بشأن قائمة الترشيحات المقدمة من قوى التغيير، أين أنتم منها؟
لا يمكن أن أشارك معك في ترشيحات وأنا أختلف معك في الأولويات.