الجلوس مع المكوِّن العسكري..حكم الأمر الواقع
الخرطوم: صلاح مختار 8 سبتمبر2022م
رغم أن رئيس بعثة الأمم المتحدة “اليونيتامس” والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس، أعرب عدم سعادتهم لانسحاب المكوِّن العسكري من المحادثات مع المدنيين؛ إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن الانسحاب أطلق ديناميكية جديدة بين المدنيين، تمثلت في المبادرات المتعددة والحوارات بين القوى المدنية المختلفة. ولكن هناك ثمة ملاحظة في حديثه بأنه اعتبر جلوس البعثة مع المكوِّن العسكري بأنه أمر طبيعي باعتباره السلطة الحاكمة بغض النظر كيف جاءت, ووصف علاقتهم بالمكوِّن العسكري بأنها طبيعية لأنهم يمثلون السلطة الوحيدة في البلاد، وأن بعثات الأمم المتحدة لديها علاقات مع السلطة في أي بلد بما في ذلك المكوِّن العسكري. وأضاف: (قابلنا أعضاء المكوِّن العسكري بعد 25 أكتوبر، أكثر مما قابلناهم قبله لأنهم السلطة الفاعلة في البلاد، وبدون إجراء مناقشات معهم لا يمكن أن يتم إحراز أي تقدُّم لأن السلطة في يدهم وهم من يقرِّرون الخطوات السياسية والاجتماعية والاقتصادية).
الشراكة والتوازن
بعض القوى السياسية لديها نفس وجه نظر البعثة الأممية، حيث يرى القيادي بتحالف قوى الحرية والتغيير التوافق الوطني نور الدين طه، أن حديث فولكر يتطابق مع رؤيتهم في التوافق الوطني حول المرحلة الانتقالية, لأنها قائمة على الشراكة والتوازن بين الأطراف المختلفة, وقائمة على التوافق مع أطراف الفترة الانتقالية, وبالتالي الشرعية الوحيدة التي يتم انتخاب القوى السياسية في مشروعيتها هي التوافق بين الأطراف المختلفة. وقال لـ(الصيحة): لا يستطيع المجلس المركزي لوحده أن يحكم الفترة الانتقالية, ولا نستطيع نحن كذلك أن نحكم لوحدنا, ولا المكوِّن العسكري يستطيع أن يحكم الفترة الانتقالية لوحده. ولا نترك الفترة الانتقالية للمجلس المركزي ليحكم لفشله فيها. وأضاف: كل ما يلزم نقول نوافق على أن الفترة الانتقالية تكون فيها الحرية والتغيير التوافق الوطني, كذلك المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير أن يكون جزءاً من الفترة الانتقالية.
المكوِّن العسكري
ويقول طه، إنهم ليس لدينا مشكلة في الجلوس مع المكوِّن العسكري, ولا يوجد حل دون وجود المكوِّن العسكري أن يكون جزءاً من الفترة الانتقالية. وانتقد بشد حديث القيادي في ائتلاف قوى الحرية والتغيير سلمي نور، قال إنها لا تعرف عن السودان وتعقيداته الداخلية, مبيِّناً أن السودان فيه مكوِّنات مختلف مدنية وعسكرية ومناطقية وجهوية, بعض تاريخها يمتد إلى أكثر من (7) آلاف عام, وهي لا تدري كيف كان السودان والسودانيين ثم تطوَّر إلى ضرورة وجود عقد اجتماعي بين السودانيين. كذلك هي لاتفهم قضايا السودان وتعقيداته هي تتحدث عن خرطوم 2 ولا تتحدَّث عن السودان.
تتعنَّت وتتمترس
ورفض طه، بشدة الحديث بوجود وكلاء وأطراف حقيقيين وغير حقيقيين لحل الأزمة السياسية, مؤكداً أن كل الأطراف هي أطراف حقيقية وأي طرف تم إبعاده سيكون مخرِّب للفترة الانتقالية. ورأى أن منهج الآلية الرباعية حتى الآن يحتاج إلى تغيير, لأن طريقة تفكير بعض القوى السياسية تجعلها تتعنَّت وتتمترس في مواقعها, وتعتقد أنها تجد دعماً من الآلية الرباعية, ولذلك تتمترس في موقعها. ولذلك تتحمَّل تأخير تشكيل الحكومة المدنية التي نفترض أن يتم تشكيلها.
حالة الرفض
إلى ذلك يقول المحلِّل السياسي دكتور صلاح الدين الدومة: إن حالة الرفض للجلوس مع المكوِّن العسكري أمر طبيعي وأسبابها تعود لعدم قبول أو وجود العسكر في السلطة وإنتاج شراكة مرة أخرى، باعتبار أن العسكر ليست لديهم عهود ولا أمان لهم أو ميثاق، وقال لـ(السوداني): في اعتقادي أن الحوار إن كان الغرض منه إجراء عملية تسليم وتسلم للسلطة وانتقالها من العسكريين إلى المدنيين فهو أمر مرحَّب به وينبغي على لجان المقاومة والقوى الثورية الأخرى القبول به بوصفه أحد مطلوبات تحقيق التحوُّل الديموقراطي، وأما إذا كان الغرض من الحوار منح فرصة أخرى للعسكريين للبقاء فإن موجة الرفض ستزداد ولن يكون هناك أي مستقبل للحوار. وأكد الدومة عدم وجود تعارض بين رؤى وأهداف المجتمع الدولي ولجان المقاومة أو الثورة السودانية، وقال إن الأهداف واحدة، فتحقيق التحوُّل الديموقراطي هو الغاية الأولى المطلوبة للكافة، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي وعبر منظماته المختلفة على المستوى الدولي والإقليمي ظل يلعب دور المسهِّل للحوار بغية الوصول إلى التحوُّل المدني الديموقراطي في السودان، وذلك منذ الوثيقة الأولى عقب الإطاحة بنظام الإنقاذ وهاهو يلعب -حاليًا- في نفس الدور لصالح أهداف الثورة.
حافة الانهيار
وكان فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة “اليونيتامس” والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالسودان، قال: إن البلاد على حافة الانهيار اقتصادياً وأمنياً وحذَّر من تطورات غير إيجابية في حال عدم تعاون الجميع لإنقاذ البلاد . وقال في مقابلة مع راديو “دبنقا”، إنه حان الوقت لوضع مصلحة السودان فوق المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والجهوية. وأكد ضرورة أن يتعاون الجميع مع بعضهم البعض بغض النظر عن الخلافات في وجهات النظر والمصالح، داعياً جميع القوى لعدم رفض الجلوس مع بعضهم. وقال: إن المشهد السياسي ازداد تعقيداً بعد إجراءات الـ(25) من أكتوبر، مما أثر سلباً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني .