حمدوك ولا جوك جوك
* هذا العنوان جاء على نسق المثل السوداني البليغ (كتلوك ولا جوك جوك)، وهو يعني أن الموت أرحم من تَرَقُّبِه. فمثلاً اتفاق المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير (قحت) رغم اعتراض الكثيرين عليه ومن بينهم بعض مكونات (قحت)، نفسها إلا أنه أفضل من حالة التَرَقُّب التي سبقته.
* رشحت في (الميديا) ترشيحات كثيرة لمن يشغل (وظيفة) رئيس الوزراء، لكن قبل ذلك، كان ينبغي أن يصدر (وصف وظيفي) لشاغل هذه الوظيفة في هذه المرحلة الاستثنائية من عمر البلاد.
ورغم أن اختصاصات وصلاحيات الجهاز التنفيذي هي أوضح من سواها في المجلس التشريعي للفترة الانتقالية والمجلس السيادي، إلا أن هذه الفترة الانتقالية بالنسبة للجهاز التنفيذي نفسه تختلف عن الفترتين الانتقاليتين بعد ثورتي أكتوبر 1964م وأبريل 1985م، فاليوم يوجد استقطاب سياسي أعمى واصطفاف جماعي أصم وتنافس حزبي مكتومٌ محمومٌ من أجل البقاء في معسكرات يرتاب بعضُها في نوايا البعض، بدليل أن كل من رَشَحَ ترشيحه لرئاسة مجلس الوزراء خرجت سيرته السياسية في (النيو ميديا) بجانب سيرته العلمية والعملية. ومن عجبٍ أن جميع المرشحين ذوو علاقة بالأحزاب وخاصة اليسارية! ومهما يكن فليعلم صاحب الوظيفة العامة أن كنَّاساً يحمل وصْفَهُ الوظيفي كمبادئ في سلوكه العملي ويجيد عمله؛ خير من رئيس حكومة لا يحسن تصريف المهام والأعمال الموكلة إليه بأخلاق تسبق العرف الوظيفي والتنظيم اللائحي والتَّقْعِيد القانوني والتأصيل الدستوري. فإذا لم يكن مستقلاً فإن أهم سمات الحكومة التي يقودها هي أنها حكومة مستقلة حسب ما جاء في اتفاق العسكري والتغيير.
* وقبل الوصف الوظيفي لَيْتَهُم بضعون شرطاً مهماً هو أن من شغل منصباً في الحكومة الانتقالية لا يحق له أن يشارك في حكومة ما بعد الانتخابات، حتى يتفادى الجميع شبهة الدعاية الانتخابية من خلال الوظيفة العامة المكتسبة بالتعيين. وليتهم يضعون شرطاً آخر يقول: إن 60% على الأقل من التنفيذيين ينبغي أن لا تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، فالشباب هم صُنَّاع الثورة ووقودها، على أن لا يزيد سن الـ40% المتبقين عن 65 عاماً. ويمكن أن يخفف شرط السن في التشريعي والسيادي، فالثورة كانت صراع أجيال قبل أن تتحول إلى صراع سياسيين.
* ليس عجباً أن تتفق قوى الحرية والتغيير مع الرئيس السابق عمر البشير في تقييم الدكتور عبد الله حمدوك، ويتم ترشيحه لمنصبين رفيعين في الدولة هما وزارة المالية، ثم رئاسة الوزراء. فالرجل سيرته العلمية في مجال الاقتصاد ممتازة وسيرته المتصاعدة في وظائف المنظمات الدولية جيدة. وربما أبطأ به تصنيفه السياسي الذي سبقه باعتباره يسارياً كما نشر البعض غير أنه وحسب (الجزيرة نت) قد شرع في التنازل عن جنسيته البريطانية ليعود بوثائقه السودانية سودانياً خالصاً أسمرَ (لا شِيَةَ فيه) مما يؤكد أن الرجل تم ترشيحه وقَبِل الترشيح؛ هذا إذا صح خبر تخليه عن الجنسية البريطانية.
* ورغم أن كلاً من محمد أحمد المحجوب والصادق المهدي كانا يصلحان حتى في منصب الأمين العام للأمم المتحدة إلا أنهما قوبلا بمتاريس وترابيس في رئاسة وزراء السودان؛ فهل تشفع الخبرة في المنظمات الدولية لحمدوك؟.. لكننا على طريقة (تسقط بس) نقول لحمدوك (أمسك بس) وحمدوك ولا جوك جوك.