على خلفية إلغاء التقسيط الجمركي رفع سعر الفائدة.. التفكير الغائب لاستقطاب الموارد
الخرطوم: جمعة عبد الله 6 سبتمبر2022م
تواجه وزارة المالية، مصاعب جمَّة في توفير الاعتمادات المالية لمقابلة استحقاقات الصرف، ومما زاد الأمر تعقيداً هو توقف العون التنموي والمساعدات المالية من المجتمع الدولي والمانحين عقب قرارات “25 أكتوبر الماضي”، ونتيجة لذلك دخلت البلاد العام 2022م، بموازنة خلت من المصادر الحقيقية لتمويل الموازنة، رغم أن التغيير السياسي الذي تم بالبلاد كان قد أتاح فرصة لتحسين العلاقات الخارجية، مما يسهِّل من استقطاب العون، وظهرت بعض البشريات الإيجابية لهذا التغيير، بيد أن كل الآمال تبدَّدت بعد 25 أكتوبر الماضي.
قرارات لسد العجز
وفي سبيل معالجة التناقص الشديد في الإيرادات شرعت الحكومة في اتخاذ عدة قرارات للحصول على الإيرادات، بيد أن هذه السياسة انعكست وبالاً على قطاعات واسعة من الشعب، وساهمت في تعميق الضائقة المعيشية، وتمثلت في تحرير أسعار الكهرباء والوقود ثم إلغاء العمل بمسمى الدولار الجمركي، وزيادة الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة، فدخلت العديد من القطاعات الإنتاجية في محنة.
معالجات صعبة
ويشير مراقبون إلى صعوبة معالجة افتقار الموازنات السابقة للموارد الحقيقية في التمويل، حيث يبدو أن التخلص من هذا الإرث مهمة ليست بالسهلة، خاصة في ظل عدم وجود تغيير كبير من السياسات السابقة، وأولها وضع البلاد كدولة لا تملك الكثير من الموارد الحقيقية في الوقت الراهن، وبطء الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة، بالإضافة إلى تبعات سياسية تتمثَّل في عدم الاستقرار الناتج عن تأخر إحلال السلام الشامل بكل ربوع البلاد، وهذه معطيات مهمة تجعل من مواصلة الحكومة الجديدة في نهج سابقتها بتخصيص موارد كبيرة للإنفاق العسكري.
وكان آخر ما صدر عن الحكومة هو قرار وزارة المالية بإلغاء نظام التقسيط الجمركي، رغم أن التقسيط الجمركي لم يكن سهلاً ولم يكن متاحاً للجميع وكأن لا يتم إلا بموافقة رئيس هيئة الجمارك، حيث يتم الاتفاق على مدة التقسيط مع الجمارك وكانت في حدود 3 أشهر، ونحتاج لتأكيد المدة، بيد أن الأمر له عدة سلبيات وفق ما يقول المحلِّل الاقتصادي وخبير الاستيراد، قاسم الصديق.
يقول الصديق لـ (الصيحة): إن التقسيط قد يسهم في تعطيل التخليص وإمكانية الدخول في غرامات الأرضيات وتحجيم الاستيراد بسبب ضعف التمويل للمستورد، ويترتب على هذه ضعف الإنتاج من انخفاض دورة رأس المال وإمكانية تشريد العمالة، بالإضافة إلى ضعف الإنتاج الذي يؤدي بدوره إلى خفض الإيرادات.
يضيف الصديق، كل هذا يعني خفض إيرادات الضرائب بشقيها أرباح الأعمال والقيمة المضافة، مشيراً إلى أن وزير المالية فكَّر في العائد السريع المالية ولم يدرس الأثر السلبي على إيرادات الخزينة العامة.
كان بإمكان وزارة المالية التواصل مع بنك السودان لرفع سعر الفائدة على الودائع البنكية لجذب مدخرات المواطنين حيث أن (80%) من الكتلة النقدية في خزائن خارج القطاع المصرفي ومن ثم يسهل على وزارة المالية الاقتراض من البنوك التجارية وتثبيت التقسيط الجمركي حيث أن ميزة الفائدة المرتفعة توجد لدى شهامة، لكن تخوُّف المودعين من تآكل رأس المال بسبب أي ارتفاع محتمل في سعر الدولار، بيد أنه يستدرك أن الدولار يدخل شهره الخامس مستقراً، كما أن تحويل المواطنين لمدخراتهم للبنوك يعزز من خفض الكتلة النقدية وبالتالي عدم لجوء أصحاب الودائع لشراء الدولار كمخزن للقيمة.
ونادى الصديق برفع سعر الفائدة وأن تلجأ وزارة المالية للاقتراض من البنوك التجارية وليس من البنك المركزي مع إعادة نظام تقسيط جمركة الاستيراد.
ونوَّه إلى أن سعر الفائدة يتراوح بين (10 – 12%) ويختلف من بنك لآخر، في مصر رفع بنكهم المركزي إلى (18٪) وطلب كم مليار من الشعب وحصل عليها في أيام قلائل.
وقال: إن مشكلة وزارة المالية في طلب قروض من المواطنين ولن تجد استجابة إلا بتوفير ضمانات كافية هو عدم ثقتهم في سداد الصكوك المالية في وقتها وذلك من تجربة الناس مع شهامة التي تعجز باستمرار عن سداد أصل الدين وتدفع من الأرباح لطالبي استرداد الودائع وأدخلت المودعين في خسارة رؤوس أموالهم المحجوزة لديها وقد أتى عليها الدولار بقفزاته المتتالية والعالية سابقاً.