السر السيد يكتب : ضو البيت..ذاكرة للنسيان
3 سبتمبر2022م
كنوز محبة ..
من ضمن المسرحيات التي مثلت إضافة حقيقية وشكَّلت تحوُّلا نوعياً، بل كانت الأكثر تميزاً تأتي مسرحية “ضو البيت” التي جسَّدت استنفاراً للطاقات القصوى للإبداع والجمال فقد جمع هذا العرض المسرحي وفى حالة إبداعية نادرة, الشعراء محمد محي الدين الذي أعد نص المسرحية عن رواية الطيب صالح “بندر شاه- ضو البيت” والقدال وحميد وقاسم أبوزيد ويحيى فضل الله الذين كتبوا الأشعار والفنان مصطفى سيد أحمد الذي لحَّنها وأداها كما ضم ممثلين كبار حالت ظروف كثيرة في ذلك الوقت من مشاركتهم في العروض الكبيرة التي تقدم على خشبة المسرح القومى أو مسرح قاعة الصداقة.
ونذكر هنا تحديداً الممثل القدير محمد عبد الرحيم قرني وأعضاء “جماعة السديم المسرحية” أنفسهم, إضافة إلى أنه أي هذا العرض استطاع أن يعيد للمسرح وبعد غيبة طويلة فناناً كبيراً هو الكاتب والممثل الأستاذ الطيب المهدي. في هذا العرض غنى مصطفى سيد أحمد، كما لم يغن من قبل,غنى للشاعر حميد ولم يكن قد التقى به وجهاً لوجه كما أفادنى بهذا قاسم, غنى”يا مطر عز الحريق” وغنى له أيضاً “ولا النيل القديم يا هو ولا يانا” وغنى للقدال, “تقوم يا بيتنا بيت الطين..لتيبة يوم..شراية يوم”, وغنى ليحيى وقاسم, “زمنا بفوت وزمنا بجي..لا صبحا بفوت زي صبحا بجي”..
كل هذا الكون الإبداعي المهول, صوت المغنى, الرقص, التمثيل, الظلام, الضوء والقصص, أداره مخرج العرض الأستاذ قاسم أبوزيد أحد أهم صناع الصورة المسرحية الجديدة والمختلفة في السودان خاصة في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي وأحد الركائز الراسخة في صناعة تجربة جماعة السديم المسرحية, أداره بلغة مسرحية متناغمة رست بالعرض أو كادت على ضفاف ما يمكن وصفه “بالواقعية السحرية” مانحاً هذا العرض جدارة أن يقترب كثيراً من تجسيد عالم الرواية، بل عالم الطيب صالح.
عرضت “مسرحية ضو البيت” على مسرح قاعة الصداقة بالخرطوم ثالث أيام عيد الفطر المبارك في العام 1985م، ولمدة (22) يومياً وهى تعد المحاولة الأولى لجماعة السديم المسرحية “كجماعة مستقلة” في الدخول إلى عالم المسرح الخاص بدعم سخي من صديق الجماعة الأخ الأصم عباس. .يؤرخ لهذا العرض بأنه انتقل بالعرض المسرحي إلى آفاق إنتاجية كبيرة ويكفى أن نشير هنا إلى أن عدد الممثلين فيه قد تجاوز الثلاثين ممثلاً وممثلة, ويشهد له أنه استخدم أساليب لم تكن مألوفة في العرض المسرحي السوداني آنذاك وتحديداً في توظيف الإضاءة وفي توظيف قطع الديكور باختصار في القدرة على تفعيل “فضاء اللعب” بالمزاوجة بين ما هو واقعي وما هو تعبيري وبين ما هو “تقنية مسرحية” وما هو “تقنية سينمائية” ليكون هذا العرض تاريخياً هو التجربة الأولى التي يتم فيها توظيف إمكانات خشبة القاعة حتى حدها الأقصى كما شهد بذلك حينها المخرج والسينوغرافي الأستاذ مكي سنادة.
نذكر هنا شحذاً للذاكرة, إن الممثلة المبتدئة آنذاك والنجمة الآن سامية عبد الله قد جسَّدت “فاطمة بت جبر الدار” وعبد الرحمن الشبلي “سعيد عشا البايتات” وعباس الزبير “سعيد القانوني” ويحيى فضل الله “الطاهر ود الرواس” والسر السيد “الطريفي ود بكري” وعماد الدين إبراهيم “بندر شاه” ودخيل الله “بندر شاه الجد”وقرني “محيميد” والطيب المهدي “محجوب”.