توجّه (العسكري) بإعادة النظر في اتفاقه مع (التغيير) غير مقبول
الفراغ الحكومي أعاد أنصار نظام (الإنقاذ) بأكثر من مدخل
لسنا أعداء للمجلس العسكري والقضية قضية وطن
لهذا (…..) يجب إبعاد المؤتمر الوطني عن الحكومة القادمة
أرفض الإقصاء ويجب محاكمة من أجرم في حق الشعب السوداني
حوار: آمال الفحل
تصوير: محمد نور محكر
وصف نائب رئيس حزب الأمة القومي إبراهيم الأمين المشهد السياسي بالمعقد، نتيجة لتفاعلات وتراكم أحداث عمرها ثلاثون عاماً، مبيناً أن من يريد التحدث عن المشهد السياسي يجب عليه الإلمام بكل أطرافه، مشيراً إلى التحديات التي يواجهها السودان الآن والتي قال إنها كانت إفرازات طبيعية لعدم الاستقرار وعدم التوصل لاتفاق حول حكومة مدنية تدير الفترة الانتقالية، مما أدى إلى فراغ ترتبت عليه عودة أنصار النظام القديم بأكثر من مدخل، مطالباً الشعب السوداني بالسعي لإيجاد حل يجعل السودان بمنأى عن الصراعات الدولية والإقليمية.
وقال إبراهيم الأمين في حوار أجرته معه “الصيحة” إن الثورة مجتمعية شارك فيها كل الشعب السوداني نافياً أن تكون ملكاً لقوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري. مبيناً أن القضية الآن هي قضية وطن، مضيفاً بأنهم في حزب الأمة يتحدثون بلغة تحافظ على المصلحة العامة … إلى الحلقة الأولى من الحوار:
* بداية كيف يقرأ دكتور إبراهيم الأمين المشهد السياسي الآن؟
– المشهد السياسي فى السودان معقد جداً، وهذا التعقيد جاء نتيجة لتفاعلات وتراكم أحداث عمرها ثلاثون عاماً وأي حديث عن المشهد السياسي يجب على المتحدث فيه الإلمام بكل أطرافه، فالسودان دولة الآن مواجهة بكثير من التحديات، التحدي الأول هو التحدي الداخلي نتيجة لعدم الاستقرار وعدم التوصل لتكوين حكومة مدنية تتولى أمر البلاد، مما أدى إلى فراغ، هذا الفراغ ترتبت عليه عودة أنصار النظام القديم بأكثر من مدخل، صحيح تمت إزالة رأس النظام، لكن جسم النظام يمتلك الآن درجة عالية جداً من النفوذ، فهو يتحكم الآن في مفاصل الدولة في الخدمة المدنية ويتحكم في الموارد المالية، لأن كل الشركات التي كانت تعمل في تلك المرحلة ما زالت مستمر، وهى شركات لخدمة شريحة وليس لخدمة المجتمع السوداني، كما أن هنالك تحدياً آخر وهو نتيجة لحالة السيولة الموجودة في السودان، هنالك أطماع من دول خارجية، هذه الأطماع فيها تهديد لأمن السودان, السودان الآن محاط بدول مأزومة، هنالك أمن البحر الأحمر، وتكاد تكون كل دول العالم فيه بعدما أصبح بحيرة مفتوحة، كما أن هنالك ما يحدث في دول الجوار سواء كان في الجنوب والجنوب الغربي أو غرب السودان، فكل هذه الدول تتأثر بما يحدث في السودان لذلك على الشعب السوداني ان يسعى بكل جهده على إيجاد حلول تبعد السودان حتى لا يكون ساحة مفتوحة للصراعات الدولية والأقليمية تمهد لتطوير وبناء سودان في ظل نظام ديمقراطي تعددي.
* أنتم مؤسسون فاعلون في تحالف إعلان قوى الحرية والتغيير إلا أنكم عجزتم حتى الآن في تحقيق أهداف التحالف .. لماذا؟
– كلمة عجز إذا قيلت تنطبق على المجلس العسكري، فالثورة السودانية ليست ملكاً للحرية والتغيير، كما أنها ليست ملكاً للمجلس العسكري، هي ثورة مجتمعية شارك فيها كل الشعب السوداني ورفعت شعارات محددة وهي تريد إقامة حكومة مدنية ديمقراطية، وبالتفاوض مع المجلس العسكري في المرحلة الأولى توصلنا إلى توافق في القضايا الأساسية، وما تبقى ليس بالشيء الكبير، لكن هنالك توجه داخل المجلس العسكري بأن يعيد النظر فيما يُتَّفق عليه، وفي تقديري هذا شيء غير مقبول، فإذا أنت اتفقت وتم الاتفاق على النقاط التي تم إعلانها خصوصاً أن نائب المجلس العسكري قال: لم نسمع بأن هنالك اتفاقاً لـ 67%% إلا عبر وسائل الإعلام في ذات الوقت أن كل ما تم التشاور حوله والاتفاق هو أن تكون الحرية والتغيير الممثل للثورة, أولاً تم الاتفاق أن تكون قوى إعلان الحرية والتغيير هي الممثل للثورة السودانية، كما أنه تم الاتفاق على أن يكون إعلان الحرية والتغيير هو برنامج الحكومة القادمة، وأن تتكون حكومة كاملة الصلاحيات وأن يترك حصرياً أمر تكوين الحكومة للحرية والتغيير. أما فيما يخص المجلس التشريعي، فكان محاولة أن يكون هناك مجلس، وأن تكون هنالك أغلبية للحرية والتغيير لكي يكون هنالك استقرار في الفترة الانتقالية.
*أليس في ذلك إقصاء للآخرين؟
– هذا لا يعني إبعاد الآخرين، لذلك تم تخصيص الأغلبية للحرية والتغيير، وإتاحة الفرصة للآخرين غير الحرية والتغيير، للمشاركة في المجلس التشريعي لإعطاء المجلس حيوية وتُعطى المعارضة فرصة على أساس أننا نريد أن نؤسس لديمقراطية مستدامة بعد هذه الفترة .
*ألا تعتقد أن الطرفين وقعا في خطأ الدخول إلى التفاوض قبل بناء الثقة بينهما؟
– لقد كانت الثقة متوفرة في البداية، ولكن بعد فترة بدأت في الاهتزاز، وكان من المؤمل أن تتم معالجة اهتزاز الثقة، ولكن أتى فض الاعتصام، ويجب أن يتم تحقيق للوصول للذين قتلوا الثوار، كما يجب محاسبتهم، فهذه هي من الأسباب التي أحدثت هزة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، لكن القضية في المقام الأول هي قضية وطنـ ونحن لسنا أعداء للمجلس العسكري، ولكن نتحدث بلغة أن نحافظ على المصلحة العامة، وليس مصلحة الحرية والتغيير، وبالتالي من أجل السودان يمكن أن تعاد الثقة ويمكن أن نبدأ من جديد.
* ألا ترى أن هناك تبايُناً في المواقف بينك وأنت ممثل حزب الأمة في قوى التغيير، وبين السيد الصادق المهدي الذي يتحدث بلسان مخالف لحديث إبراهيم الأمين؟
حزب الأمة من المكونات الأساسية التي أسست الحرية والتغيير، وأي حديث عن أن حزب الأمة عنده أكثر من رأي هذا غير صحيح وغير سليم، ربما أن التعبيرات يفسرها البعض بالصورة التي تخدم أجندة معينة، لكن حزب الأمة فيما يخص القضية العامة، وفيما يخص العلاقة بالحرية والتغيير، فله موقف واضح، وهو الذي سعى في الأيام الأخيرة لتكوين مكتب قيادي للحرية والتغيير لكي يشكل رؤية جديدة لقيادة المرحلة القادمة، وأي حديث عن خروج حزب الأمة من الحرية والتغيير غير وارد، لأن الحرية والتغيير هي انعكاس لثورة وجدت في الحرية والتغيير من يمثلها, وبالتالي نحن مع الثورة ومع المصلحة العامة للشعب السوداني في أن يحدث تغيير، وذلك بإزالة النظام السابق، وإزالة سياساته ورموزه وآلياته، هذا هو موقف حزب الأمة، ومن يتحدث بلغة مختلفة عن ذلك، فهو لم يسلك الطريق الصحيح.
*وماذا عن حديث الإمام الذي أشار فيه إلى أن المجلس العسكري (قاعد)؟
– هذا حديث غير صحيح، فالحرية والتغيير طيف واسع من الأحزاب وقوى مجتمع مدني وحركات مسلحة، لذلك تحدث درجة من التباين، فإذا لم يوجد تبايُن لا يوجد هدف، فالهدف واحد ومتفق عليه، لكن الجوانب الإجرائية قد يحدث فيها بعض التباين، والصادق المهدي بحسب تجربته وخبرته يتحدث بلغة قد تكون هادئة مقارنة بلغة الآخرين لذلك تحدث اجتهادات في التفسير، لكن أقول لك حزب الأمة جزء لا يتجزأ من الحرية والتغيير.
*هل الحرية والتغيير هي وحدها التي تمثل الثورة؟
– سؤال جميل جداً, لكن دائماً أي حراك جماهيري يقدم من يلتزم بما رفعه من شعارات، فالحرية والتغيير التزمت وطرحت نفسها كقيادة، كما أن هنالك أعداداً كبيرة جداً من الشعب السوداني كان بعضهم جزءاً من النظام السابق وبعض منهم من قال يجب أن يُمدّد للرئيس، وهناك من قال لا بد أن يكون البشير رئيساً للسودان مدى الحياة، وهم الآن يتحدثون بلغة مختلفة بالرغم من أنهم كانوا يمثلون آلية متحركة وداعمة للنظام بكل ممارساته القمعية، والآن يتحدثون كأنهم هم الثورة، وأنا لا أقول إن الحرية والتغيير هي الوحيدة الموجودة في الساحة التي تقود هذا العمل، لكن أقول هي التي تلتزم بإنفاذ الشعارات، وهي التي وضعت الإعلان الذي يتسق ما ينادي به الشعب السوداني كما أنها ترفض الإقصاء، كما أننا تحدثنا بألا يكون هنالك عقاب جماعي يعني ما في حزب يعاقب عقاباً جماعياً، فالإنسان الذي أجرم في حق الشعب السوداني يجب محاكمته ومعاقبته بالقانون.
*ترفضون الإقصاء، وفي نفس الوقت ترفضون مشاركة المؤتمر الوطني؟
– نعم، يجب إبعاد المؤتمر الوطني يى الحكومة القادمة، لأنه كان هو المتحكم في مفاصل الدولة، وهو الذي قاد كل العمليات التدميرية لكل ما يتعلق بمصالح الشعب السوداني، كما أن الذين لآخر يوم مع المؤتمر الوطني يجب عدم مشاركتهم، أما الذين كانوا مع الحكومة من الإسلاميين، لكنهم خرجوا منها وكانت لهم مواقف واضحة، وكانوا أكثر شراسة في مقاومة النظام السابق أمثال الدكتور التيجاني عبد القادر ود. الطيب زين العابدين ود. خالد التيجاني وأيضاً محمد محجوب هارون هولاء الناس لا يمكن إبعادهم عن اي عمل سوداني عام كما أن شباب الإسلاميين يوجد كثير منهم من تمرد على قيادته، وقاوم النظام، فهولاء لا يمكن عزلهم، لكن العزل يكون للذين كانوا جزءاً من الآلية القمعية، فهولاء يجب عدم مشاركتهم في الفترة الانتقالية، ولكن هذا لا يمنع أن يكون السودان مفتوحاً واستقبال السودانيين ومشاركتهم في المرحلة الانتقالية.