صلاح الدين محمد صالح يكتب : قصة قصيرة
1 سبتمبر2022م
لم يخطر على بالي ولو لحظات أن يكون هذا الرجل أخاً لزوجتي بالرغم من قرب المسافات المكانية والروحية بيننا؛ ليس لشئٍ، إلا لأنني قد دخلت عُش الزوجية بفترة طويلة، بل لدّي ولد شارف العاشرة من عمره؛ إلا أنّ قدر الله كان أكبر من أي شئ وجمعني بصلة النسب معه؛ لم يكن من أبناء دفعتي بل كنت أكبره بعامٍ كاملٍ وكان يكبرني في كل شئ علماً وفهماً وديناً وخُلقاً، ولم أكن أبزّه إلا في مجال الشعر والمطارحات الشعرية فلم يكن يستطيع اللحاق بي أو حتى مجاراتي في هذا المجال؛ كان زواجي بأخته صدفة جميلة، بل من أجمل الصدف على الإطلاق؛ لم أكن أعلم أن لديه أخوات وإن شئت الدقة فقل لم أعر الموضوع اهتماماً؛ فأنا كما قلت لكم ولدي في العاشرة من العمر ولم أكن من أنصار التعدد في الزواج لا لشئ إلا لحبي لزوجتي حباً أكاد أفوق فيه حب جميل لبثينة أو عنتر لعبلة، بيد أنني اكتم هذا الحب إلا من زوجتي؛ ولكن إرادة الله فوق كل شئ فتزوجت تلك الأخيرة بالرغم من حبي الجارف لزوجتي الأولى؛ دعوني أخبركم كيف التقيتها؛ فلقاؤنا كان استثنائياً بكل المعاني والمقاييس، فلم أنظر لها نظرة شرعية فاحصة مدقّقة، وإنما كانت نظرة عابرة جداً لم تتجاوز في تقديري آنذاك أكثر من ثوانٍ معدوداتٍ لكنها كانت كافية؛ كانت في زيارة لوالدتي لجلب بعض الأغراض ووجدتني أسألها هل أنتِ زوجة مهلب (صديقي)، فأجابتني بأنّها أخته فوجدتني أسألها للمرة الثانية وهل لمهلب أختٌ؟ عجباً لم أكن أعلم، ثم طأطأت رأسي وأكملت طريقي خارج البيت؛ إلا أن تلك النظرة أبت أن تفارق مخيلتي لمدة أيام، بل تعدتها قرابة الشهر فعلمت أن ما وجدته في قلبي أكبر من مجرد نظرة؛ ثم كانت المفاجأة في تلك الرؤيا التي رأيتها في المنام في أنها تسقيني كوباً من اللبن وليست هذه المفاجأة، وإنما المفاجأة كانت في أنها رأت الرؤيا ذاتها وقصّتها على أختي التي بدورها روتها لي؛ حينها تيقّنت أنه لا بد لي من خطبتها والزواج منها؛ ولكن مهلاً زوجتي كيف أخبرها؛ وكيف تتقبّل هذا الأمر وكيف ستتعايش معه وكيف وكيف؛ وأصابتني الحيرة وكدت أصرف النظر عن هذا الأمر حتى حدثت المفاجأة الأخيرة التي لم تخطر على بالي إطلاقاً؛ ربما لا تُصدِّقوني أعزائي القراء إذا أخبرتكم ولكنها حدثت فعلاً؛ نعم لقد رأت زوجتي الرؤيا في المنام؛ رؤية سقيا اللبن لا أدري متى رأت الرؤيا هذه ولكن عندما كنت أتناول في إفطاري الصباحي ربتت على كتفي برفق مصحوباً بشيء من القسوة وفي صوتها حزن واضح مع شيءٍ من الريبة وهي تسألني عن سر علاقتي بأخت صديقي مهلب؛ أجبتها بكل صدق إني لم أرها إلا مرة واحدة ولم أكن على دراية بأنها أخت مهلب؛ بالطبع لم أذكر لها تأثير تلك النظرة فأنا لست من الملائكة؛ فقصت لي الرؤيا؛ نظرت إليها بشيء من الغرابة والدهشة وأنا أقول لها؛ أجادة أنتِ فيما تقولين؟؟ أجابت بنعم وهي تقول لي باستغراب ولِمَ هذه الدهشة؟؟ أجبتها مطأطأ رأسي لأنني رأيت هذا الحلم؛ كادت أن تجن وهي تمسك بتلابيبي قائلةً ماذا تقول؛ لا أدري ما الذي حَدَثَ بعدها كلما أذكره بعد ذلك أنّها وافقت؛ لا تسألوني كيف حدث هذا وكيف وافقت؛ فالذي أرانا الرؤيا ثلاثتنا قادرٌ على أن يجعلها توافق؛ المهم أنها الآن في عصمتي وأنها زوجتي الثانية؛ نسيت أنّ أخبركم عن اسمها؛ تدعى (شهد) وكانت اسماً على مسمى؛ ومعها تحوّلت حياتي إلى شهد حقيقي.
كسرة:
لديّ محاولات أعزائي القراء مُحاولات قديمة في كتابة القصص الطويلة والقصيرة؛ أتمنى منكم إبداء آرائكم في هذه القصص عبر مُراسلتي في الإيميل: [email protected]
ودُمتم بخير