سلمان محمد الحسن.. واحدٌ من الأسماء المبدعة في مجال التصوير الفوتوغرافي.. في مصور أقرب للمفكر.. الصورة عنده قيمة حياتية وجمالية متكاملة.. فهي ليست صورة فحسب تعلق على جدار المنزل أو تحفظ في ذاكرة الهاتف.. ولكنه ينحت لأن تبقى الصورة في ذاكرة القلب.. محتفظة بكل ألقها وسحرها وعطرها.. إنه مبدع باستطاعته إيقاف الزمن في لحظة ما يتحكم فيها ويجعلها طوع عدسة كاميراته.. وبتقديري أن المصور سلمان محمد الحسن يقود ثورة في عالم التصوير الفوتوغرافي من خلال مشروع (ذاكرة الوطن).. الحوش الوسيع استطلعته عن الكثير من المواضيع التي تخص مشروعه الرسالي.
حوار: سراج الدين مصطفى
كوستي (ذاكرة الوطن) الصغير؟
لا تنفصل تجربتي الجمالية والبصرية عن البيئة الاجتماعية التي نشأت فيها منذ طفولتي الباكرة، مدينة كوستي الجميلة هي المكان الأول الذي تفتّحت فيه مداركي على قيمة رمزية الإنسان والطبيعة وتشمل هذه الذاكرة (كما هائلا من الثقافات والإيقاعات والسحنات).. كانت كوستي وسط السودان القديم ملتقى الطرق البرية وفيها أكبر ميناء نهري ومحطة سكة حديد يمر بها قطارات واو، نيالا والأبيض، وكانت تمثل سودانا مصغرا. كل هذا المزيج غذى الذاكرة البصرية لديّ.
الإحساس بالصورة والكاميرا هل هو فعل غريزي منذ الصغر؟
نعم الإحساس بالكاميرا والصورة غريزة. فمنذ نعومة أظافري شاهدت عمي البدري خليفة وابن عمي شبيكة محمد خليفة وهما يستخدمان كاميرا التصوير.. كذلك كوستي كان بها عدد من الأستديوهات، على سبيل المثال استديو صلاح واستديو الجوهرة.
ما هو الشئ الذي حبّبك في التصوير؟
التصوير يحفظ الذكريات وفي فترة أيام دراستي في المتوسطة كان المصور مميزاً عن باقي أقرانه، ولم يكن هنالك أي شخص يمتلك كاميرا وهي من الأشياء التي حببتني التصوير.
أول صورة التقطتها هل تذكر تفاصيلها؟
أول صورة التقطتها كانت للأسرة في البيت، بالتأكيد، وأتذكر ناس البيت كانوا جادين في تعاملهم معي مما أكسبني ثقة في نفسي.
لماذا اخترت مجال التصوير تحديداً كمنهج حياتي؟
لحبي وشغفي بالتصوير، أصبحت الكاميرا جزءا مني بمعنى الكلمة وهي أيضاً لها عائد مادي مُجزٍ، بالإضافة لإشباع الرغبة في داخلي.
حدثنا قليلاً عن مشروع ذاكرة الوطن؟
منذ أن بدأت التصوير، حرصت أن أحتفظ باي لقطة التقطها وكانت تلك الصورة نواة لمشروع ذاكرة الوطن. وفكرة مشروع ذاكرة هي التوثيق لمبدعي بلادي في مختلف المجالات ثقافية، فنية، رياضية، مهنية ….الخ.. ولكن بكل أسف نحن في السودان ذاكرتنا شفاهية وكل المبدعين متواضعين لدرجة أنهم لا يكتبون عن تجربتهم.. لذلك أنا أحاول من خلال البرنامج التوثيق قدر المستطاع.
لديك كتب مصورة؟ أحكِ لنا عن تجربتها…
في بداية التسعينات لم تكن حقوق الملكية الفكرية مفعلة في السودان، وجدت معظم صوري تستخدم دون حق مادي وأدبي، نفذت كتابا صغيراً سميته (أنا بلدي بلد الخير والطيبة)، عبارة عن ألبوم صور حفظت فيه أكثر الصور تداولاً، ثم توالت الكتب إلى أن شاركت كاتبا في إصدار كتاب مصور عن الخرطوم ثم كتاب عن النيل بنفس الشراكة وأخيراً كتاب النيل الخاص بي لوحدي.. ولديّ الآن كتابان في المراحل النهائية.
رحلة تصويرية تعتبر الأجمل لك في التصوير؟
كانت رحلة لكتاب النيل سليل الفراديس وكانت من بحيرة تانا وفكتوريا ومروراً بالسودان إلى رشيد ودمياط، حيث النيل من المنبع إلى المصب، وشاهدت فيها مناظر جميلة ومُدهشة، وتعرفت على ثقافات كثيرة كان الرباط بينها النيل.
هل وجدت أساسا متينا لمهنة التصوير من الأجيال السابقة؟
نعم وجدت أساسا متينا من مصوري وزارة الثقافة والأساتذة الكبار أمثال: شوقي الجمل وشوقي أبو عكر وصلاح عبد الله وعمر الزين وسليمان بخيت وآخرين.
المعارض التي شاركت فيها داخلياً وخارجياً؟
أقمت أكثر من خمسة عشر معرضا داخليا ومعارض خارجية في دول عربية، منها السعودية، الإمارات، قطر والعراق.. كذلك في ماليزيا، بلجيكا، ألمانيا، روسيا، إيطاليا وهولندا.
هل تعتقد بأنّ الغربة خصمت من مشروع ذاكرة الوطن؟
نعم الغربة خصمت الكثير بعد أن بدأت بقوة في التوثيق للمبدعين من داخل الأستديو، وكذلك انطلاق برنامج ذاكرة الوطن التلفزيوني الذي يعتمد على الصورة الفوتوغرافية، ولكني اغتربت وأصبحت أزور السودان في فترات متباعدة ولأيام قليلة.
ما هي الاشتراطات المطلوبة في المصور؟
1/ من أهم الاشتراطات لدى المصور أن يلم باستخدامات كل أجزاء الكاميرا، وأن يحترم نفسه ومهنته، وأن يكون مظهره يليق بظهوره في مقدمة كل احتفال.. وعليه أيضاً أن يحترم خصوصية من يصوره ويحترم الزمن المحدد لبداية التصوير.. وضرورة أن يتطلع للتزود بالعلم والمعرفة لمواكبة التطور المتسارع في المهنة.
دخول العولمة في مجال التصوير هل قلّل من قيمة الصورة الفوتوغرافية؟
بالعكس أرى أن التكنولوجيا خدمت أشياءً كبيرة في التصوير الفوتوغرافي متمثلة في نقلة كبيرة في مواصفات الصورة وحفظها وأصبحت المهنة جاذبة للكثيرين من محترفين وهواة.
كيف تستفيد من آخر التقنيات لتطوير مشروعك؟
الآن التقنية أصبحت متاحة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبحسب الإمكانات المادية بتواكب كل جديد من خلال البرامج الحديثة، كذلك قمت بشراء معدات تصوير وإضاءة لنبدأ من حيث انتهى الآخرون في الفترة القادمة بإذن الله تعالى.