التأييد الذي حظي به اتفاق المجلس العسكرى وقوى والتغيير خلال الأيام الماضية خلق حالة من الارتياح في كافة الأوساط وهو خطوة مطلوبة لتطبيع الحياة العامة، وفك حالة الاحتقان السياسي التي سيطرة على المشهد بالداخل في الأشهر الماضية والاتفاق يؤكد أن السودانيين قادرون على تجاوز العقبات مهما ارتفع سقف الخلافات السياسية بينهم فالجلوس في طاولة واحدة والحوار حول القضايا الأساسية التي شغلت الساحة في الأشهر الأخيرة وتنازل الطرفين من حالة التعنت وعدم الموافقة على مجرد الجلوس للحوار وتبادل المقترحات كانت خطوات مطلوبة لتجسير العلاقة بين قوى التغيير والمجلس العسكري ونرى أن حجم التأييد الذي حظي به الاتفاق على المستويين المحلي والأقليمي يعظم من حجم المسؤولية لدى المجلس الانتقالي وقوى التغيير بالإسراع في التنفيذ والجدية في التعامل مع الواقع الجديد والمضي قدماً في استيعاب الجميع في المرحلة المقبلة دون عزل لأحد لأن الاتفاق الحالي هو بداية لتعبيد الطريق في العمل السياسي المشترك لإدارة الدولة السودانية ونرى أن هناك مكونات كبيرة وعريضة تجاوزها لا يخدم العملية السياسية في شيء وحتى لا عود الأوضاع إلى محطتها الأولى فمن باب أولى أن يتم استيعاب الجميع في المرحلة القادمة في الخطاب السياسي العام الذي يعزز للتسامح والتعالي فوق الخلافات السياسية ويتجه نحو العمل الجاد لمعالجة قضايا البلاد الأساسية المتمثلة في المسألة الاقتصادية وديون السودان الخارجية ومعاش الناس وتعزيز العلاقات الخارجية، فهذه التحديات وهي أساس العمل للمرحلة المقبلة، وهي المفتاح الحقيقي لأي نهضة متوقعة والعمل الجاد في تحقيق اختراقات أساسية فيها سيحدث التغيير للأفضل الذي يتطلع إليه الشعب السوداني، وسيغير الصورة الراهنة في الاقتصاد والعلاقات الخارجية، هذا بجانب القضية المحورية المتمثلة في استكمال مفاوضات السلام بين فرقاء دارفور والمنطقتين جنوب كردفان وجبال النوبة. إن التاييد الواسع للاتفاق عربياً وإقليمياً ودولياً لهو مسألة هامة لفتح آفاق مع شركاء السودان وإصدقائه في العالم للمساعدة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب لأن وضع السودان في قائمة الإرهاب خصم الكثير من رصيده على المستوى الخارجي وساهم في تأخر السودان كثيراً من ركب العلاقات الدولية والاستفادة من وجوده في المؤسسسات الإقليمية للاستفادة من الفرص التي تتاح للدول من المانحين للالتزام بتعهداتها تجاه السلام في السودان والاقتصاد والمشروعات التنموية الأخرى، وأيضاً مسألة إعفاء الديون التي أرهقت بفوائدها اقتصاد البلاد وحرمته من فرصه في الحصول على التمويل والقروض من مؤسسات التمويل الدولية، وساهمت في تراجع الجنيه السوداني وارتفاع نسب التضخم بصورة غير مسبوقة فى تاريخ اقتصاد البلاد، ولذلك فإن الرهان على الاتفاق لتخطي هذه العقبات يبقى أكبر من الأطماع الذاتية لتحقيق مكاسب في الحصول على الوظائف لكون البلاد أكبر وأعظم ومن العيب على ساستنا المفكرين والمخططين أن يعيش بلد في قامة السودان بتنوعه الاقتصادي والاجتماعي في حالة اللاوزن رغم أن دول لا تطال قامته عبرت واستقرت وصعدت فى سلم الدول المتقدمة اليوم.