29 اغسطس 2022م
النفير إرث سوداني اجتماعي أصيل، يعكس روح التعاون والتكافل السمحة بين المجتمع وهو تنادي الأفراد والمجتمع وتضافرهم، من أجل مساعدة جزء منهما لأحدهم، في عملٍ عجز عن أدائه بمفرده بسبب الفقر، المرض، العجز البدني أو قلة الأيدي العاملة المتاحة له لصغر حجم الأسرة، أو عدم وجود أهل وأصدقاء.
ومعلوم أن ولايات دارفور تعرضت لحروب وويلات نتج عنها نزوح ولجوء، وكان لزاماً على الجميع التكافل والصمود والتعاون والعمل الطوعي هو الوسيلة الأنجع لتحقيق ذلك، فكانت مبادرة تطوير الفاشر واحدة من واجهات العمل الطوعي الخدمي بالمدينة في ولاية شمال دارفور ولها أثرها الفعّال ودورها الكبير في إثراء ثقافة التطوُّع وقيمة التعاون العمل الجماعي، وما قامت به من بناء مدرسة عثمان بن عفان ونظافة “كوشة” مستشفى الفاشر وتزيين شوارع المدينة وعنابر المستشفى السعودي ورمال بوّابة مدخل المطار ناحية سلاح المهندسين، وأخيراً بناء مدرسة تمباسي وهو حي عريق وقديم منذ عهد السلطان علي دينار وقد تم إنجاز بناء المدرسة في فترة قصيرة جداًولو منحت لمقاول أو حكومة لما كان هذا الإنجاز بهذه السرعة وهذا عمل جيد يستحق الدعم والوقوف، ونقدِّر للأخوين محيي الدين شوقار وسلك ورفاقهما في المبادرة هذا الجهد وهم قدموا درساً حتى لأهل الحي، لأنهم ليسوا من سكان الحي، محيي الدين شوقار من حي الرديف وسلك من شمال الفاشر، بعملهما هذا وفي ظل الظروف الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والإهمال الذي طال جميع مناحي الحياة وترك آثاراً لا تخفى على أحدٍ، خاصّةً في ولاية شمال دارفور ومدرسة تمباسي التي أنجزت بالجهد الشعبي والتبرع الشخصي من البناء إلى البياض والسقف والشبابيك من رجال خُلّص وخيِّرين جادوا بما عندهم، وآخرون اقتطعوا من وقتهم وقوت أطفالهم.
واللافت للنظر في كشف التبرعات، تبرُّع الوالي نمر محمد عبد الرحمن بمبلغ خمسمائة ألف جنيه وعجز عن تسديد المبلغ، والوالي شخصية اعتبارية وما يقوله يبقى التزاماً ويبنى عليه في الحسابات باعتباره تبرع مسؤول، وعلق أحدهم قائلاً هذا تبرع سياسي، المهم المشروع أنجز من غير الحاجة لمساهمة الوالي المتواضعة وهو مبلغ يُوضع في كشف المُناسبات العادية ولا نلوم نمر، فهو عنوان لقادة حركات دارفور الذين لا نعرف لهم مساهمة في عمل طوعي او حتي علاج مريض اللهم إلا في إطار الأسرة الضيِّقة وقيادات حركات الكفاح المسلح لم تقرأ قول الله تعالى قال الله تبارك وتعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
وكنت قد تابعت زيارة مولانا محمد المختار النور الذي زار مصر مبعوثاً عن قيادته لبعض رموز المُجتمع ومُبدعيه والوقوف معهم فيما ألمّ بهم من مرض وفاقة، وحينها لو منحت الفرق بين ، مَن هو يخدم الآخرين، وبين مَن يستخدمه مطية للوصول الى السلطة والمناصب، ونمر لم يفترق كثيراً عن رفاقه الذين يكيدون له اليوم بقفل الطرقات والمتوقع أن تدفع ثمنه الولاية أجمع.
ونختم بقول الشاعر: إِذا الجودُ لم يرزقْ خلاصا من الأذى * فلا الحمدُ مكسوبا ولا المالُ باقيا. وللنفسِ أَخلاقٌ تدلُّ على الفتى * أكانَ سخاءً ما أتى أم تساخيا.
شكراً مبادرة تطوير الفاشر وقائدها محيي الدين شوقار وكل المبادرين.