الخرطوم: سارة 28 اغسطس 2022م
تكرار سيناريو الأزمات والهبوط الحاد الذي سجّله الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى بسبب السياسات المتبعة والذي أدى بدوره إلى شح في موارد النقد الأجنبي التي زادت من الأزمات التي يعيشها المواطن.
الأيام القليلة الماضية، ارتفعت أصوات من ينادون بتغيير العملة…
وأقرّت الحكومة في وقتٍ سابقٍ بالتكلفة العالية لعملية تغيير العملة، بجانب أنها مُعقّدة جداً وتحتاج إلى نحو 600 مليون دولار وتباين آراء الخبراء على أهمية تغيير العملة للتمكن من ضبط السيولة المتداولة خارج المظلة المصرفية، مُحذِّرين في الوقت ذاته من الآثار السلبية الكبيرة التي تنجم عن وجود سيولة.
**المشكلة الاقتصادية
المستشار الاقتصادي د. عبد الله الرمادي قلل لـ(الصيحة) من أهمية طباعة العملة في هذا التوقيت خاصة الفئات الكبيرة 1000 جنيه، وقال ان الذين يفكرون في الأمر عجزوا عن إيجاد حلول للمشكلة الاقتصادية الحالية ويعتقدون أنّ الحل يكمن في تغيير العملة وهذا غير صحيح ولا يستند على منطق علمي وهذه الآراء مغلوطة، وقال إنّ طباعة العُملات في ظل مُعدّلات التّضخُّم التي فاقت مُعدّلاتها جموح الجموح والآن الاقتصاد دخل مرحلة الركود والكساد التضخمي عجز فيه المواطن عن شراء احتياجاته، لذلك قلّ الطلب على البضائع والإنتاج المحلي لعدم تزويد البنك الزراعي له بالسيولة لتمويل الموسم الزراعي الحالي، ومن قبله فقدنا مواسم كثيرة، هذا التدني في الإنتاج من أسباب ارتفاع مُعدّلات التضخُّم.
**أكبر العوائق
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي، إنّ من أكبر العوائق هو عدم وجود إحصائية دقيقة لدى بنك السودان لمعرفة حجم العملة المزيفة، فتغيير العملة يحتاج إلى 600 مليون دولار، بحسب دراسات سابقة.
وأضاف فتحي في حديثه لـ(الصيحة) في تقديري خطوة تغيير العملة تأخرت كثيراً، وظهرت إلى السطح مرةً أخرى بعد الانخفاض الكبير في سعر صرف الجنيه السوداني مُقابل الدولار كذلك اخبار الضبط الأمني للعصابات التي تقوم بتزوير العملات السودانية، بجانب الكتلة الهاربة واحدة من الأسباب الرئيسية التي قادت إلى تردي الاقتصاد السُّوداني، فكثيرٌ من التُّجّار يحتفظ بأموال طائلة خارج المصارف ويستخدمونها في أنشطة ومُضاربات لا تُخضع للرقابة الحكومية، وسط شكوك عن عمليات مشبوهة في قطاعي العقارات وتجارة العملة.
**التوازن الاقتصادي
وأوضح هيثم أن تغيير العملة سيُساهم في التوازن الاقتصادي بالبلاد، ووقف التضخم، وتشجيع الاستثمار والتمويل، وخفض الدَّين العام الحكومي المحلي، وامتصاص الكتلة النقدية التي تجاوزت 3 تريليونات جنيه وهي من أهم أسباب التضخُّم وانخفاض قيمة الجنيه وارتفاع سعر صرف العملات الحرة.
**
وواصل هيثم حديثه عن طباعة العملة الجديدة، وقال تحكمه عملية حسابية اقتصادية وينبغي أن تُراعي مُعدّل ارتفاع أسعار السِّلع والخدمات المُنتجة داخل الدولة الذي يتمثل في نسبة التضخُّم ومُعدّل النمو الاقتصادي المُتحقِّق، ويجب أن تتم عملية الطباعة للعملة على ضوء حساب حجم المتداول داخل الاقتصاد، على أن تكون العملة الجديدة أكثر متانة وقُوة ضد التزييف الشائع جداً حالياً وذلك (باعتراف السُّلطات الرسميّة نفسه)، وينبغي أن تراعي عدم تأثر أصحاب الأموال الذين يمتلكون حسابات جارية أو نشاطاً اقتصادياً قانونياً، وأن لا يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي.
** مُعالجة التشوُّهات
وشدد فتحي، على أهمية أن يراجع بنك السودان المركزي سياساته النقدية، وذلك لمُعالجة التشوهات الناتجة عن الممارسات المضرة باقتصاد البلاد بجانب العمل على زيادة وانتشار دائرة الفروع لكافة المصارف، لتكون موجودة في كل المناطق ذات الكثافة الإنتاجية والسكانية للحد من ظاهرة تداول النقد خارج نطاق النظام المصرفي.