عبدالله مسار يكتب : الثبات على المبادئ
26 أغسطس 2022م
سعيد بن جبير الأسدي، هو عالم وتقي، درس العلم عند سيدنا عبدالله بن عباس، وكذلك لدى أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، وكذلك عند سيدنا عبدالله بن عمر. سكن الكوفة وكان من العلماء التابعين، انشق مع عبد الرحمن بن أشعث وقاما بثورة ضد بني أمية، قتله الحجاج بن يوسف الثقفي، وقبل قتله دار بينه والحجاج هذا الحوار.
قال الحجاج لسعيد بن جبير:
أنت (شقي بن كسير) وهو يعكس اسمه
فرد سعيد. أمي أعلم باسمي حين أسمتني.
فقال الحجاج غاضباً:
شقيت وشقيت أمك.
فقال سعيد: إنما الشقي من كان من أهل النار فهل اطلعت على الغيب؟
فرد الحجاج : لأبدلنك بدنياك ناراً تَلَظَّى.
فقال سعيد: والله لو أعلم أن هذا بيدك لاتخذتك إلاهاً يعبد من دون الله.
قال الحجاج: مارأيك فيّ؟
قال سعيد: ظالم تلقى الله بدماء المسلمين.
فقال الحجاج: اختر لنفسك قتلة يا سعيد.
فقال سعيد: بل اختر لنفسك أنت.
فما قتلتني بقتله إلا قتلك الله بها.
فرد الحجاج : لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحداً قبلك ولن أقتلها لأحد غيرك.
فقال سعيد: إذا تفسد عليِّ ديناي وأفسد عليك آخرتك.
ولم يعد يحتمل الحجاج ثباته
فنادى بالحرس جروه واقتلوه.
فضحك سعيد
ومضى مع قاتله.
فناداه الحجاج مغتاظاً ما الذي يضحكك؟
فقال سعيد: أضحك من جرأتك على الله وحلم الله عليك.
فاشتد غيظ الحجاج وغضبه كثيراً ونادى بالحراس اذبحوه.
فقال سعيد: وجهوني إلى القبلة.
تم وضعوا السيف على رقبته فقال: (وجَّهتُ وجهي للذي فطر السَّماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين).
فقال الحجاج: غيِّروا وجهه عن القبلة.
فقال سعيد: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ).
فقال الحجاج: كبوه على وجهه.
فقال سعيد: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ).
فنادى الحجاج: اذبحوه ما أسرع لسانك بالقرءان يا سعيد بن جبير.
فقال سعيد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
ثم قال: خذها مني يا حجاج حتى ألقاك. يوم القيامة.
ثم دعا قائلاً: (اللهم لا تسلطه على أحد بعدي).
وقتل سعيد
والعجيب بعد موته صار الحجاج يصرخ. كل ليلة مالي ولسعيد بن جبير كلما أردت النوم أخذ برحلي
وبعد خمسة عشر يوماً، فقط، مات الحجاج ولم يسلط على أحد من بعد سعيد.
رحمك الله يابن جبير
أين نحن من ثباتك وقوة حجتك وسلامة إيمانك؟
إنها صدق الإيمان والثبات على المبادئ.
رحم الله المسلمين الأوائل لم يبيعوا دينهم بدنياهم.