عبد الله مسار يكتب : موت الغرب (٢)
24 اغسطس 2022م
قلنا في مقالنا موت الغرب (١)، إن ذلك كتاب ألفه الكاتب الأمريكي باتريك وهو يؤكد أن الغرب في طريقه للانفراط عبر الموت الأخلاقي أو عبر نقص السكان.
الآن ننظر في المقال الثاني في تكملة تلك الأسباب.
ويقول الكاتب باتريك إنّ الأرقام تصبح مخيفة أكثر عند تناولها لتشخيص مرض النقص السكاني على مستوى الدول والأمم بعد 50 عاماً من الآن.
ففي ألمانيا يهبط التعداد السكاني من 82 مليوناً إلى 59 مليون نسمة، وسيشكل عدد المسنين ممن تجاوزوا الـ65 عاماً أكثر من ثلث السكان.
أما إيطاليا، فستشهد تقلص عدد سكانها البالغ 57 مليوناً إلى 41 مليوناً وستصبح نسبة المسنين ٤٠٪ من التعداد العام للسكان.
وفي إسبانيا ستكون نسبة الهبوط ٢٥٪.
وستشهد روسيا تناقص قواها البشرية من 147 مليوناً إلى 114 مليون نسمة. ولا تختلف اليابان كثيراً في اللحاق بمسيرة الموت السكاني، فقد هبط معدل المواليد في اليابان إلى النصف مقارنة بعام ١٩٥٠. وينتظر اليابانيون تناقص أعدادهم من 127 مليوناً إلى 104 ملايين نسمة في عام ٢٠٥٠م.
أرقام مخيفة، لكن السؤال المحير لماذا توقفت أمم أوروبا وشعوبها عن إنجاب الأطفال وبدأت تتقبل فكرة اختفائها عن هذه الأرض بمثل هذه اللا مبالاة..؟
يقول المؤلف إنّ الجواب يكمن في النتائج المميتة لهذه الثقافة الجديدة في الغرب والموت الأخلاقي الذي جرته هذه الثقافة على الغربيين هو الذي صنع موتهم البيولوجي.
فانهيار القيمة الأساسية الأولى في المجتمع (وهي الأسرة)، وانحسار الأعراف الأخلاقية الدينية التي كانت فيما مضى تشكل سداً في وجه منع الحمل والإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية، إضافةً إلى تبرير لا، بل تشجيع العلاقات الشاذة المنحرفة بين الجنس الواحد، كل هذا دمّر بشكل تدريجي الخلية المركزية للمجتمع وأساس استمراره، ألا وهي الأسرة.
وعليه، يلاحظ أنه ارتفع الرقم السنوي لعمليات الإجهاض في الولايات المتحدة من ستة آلاف حالة سنوياً عام ١٩٥٦م إلى ٦٠٠ ألف عام ١٩٧٦م، واعتبرت عملية قتل الأجنة حقاً للمرأة يحميه الدستور.
وبعد عشر سنوات وصل الرقم مليون ونصف حالة إجهاض في العام الواحد، أما نسبة الأطفال غير الشرعيين فهي تبلغ اليوم ٢٥٪ من العدد الإجمالي للأطفال الأمريكيين، ويعيش ثلث أطفال أمريكا في منازل دون أحد الأبوين، إما بدون الأب وهو الغالب، وإما بدون الأم.
مؤشر آخر خطير، فقد بلغ عدد حالات الانتحار بين المراهقين الأمريكيين ثلاثة أضعاف ما كانت عليه عام ١٩٦٠م.
أما عدد مدمني المخدرات المدنيين وليس المتعاطفين فقد بلغ أكثر من ستة ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها. وقد تناقص كثيراً أعداد الشبان والشابات الراغبين في الزواج.
ومن الطبيعي لمجتمع يسمح بالحرية الجنسية الكاملة ويتيح المساكنة بين الرجل والمرأة دون أيِّ رابط شرعي أو قانوني في بيت واحد، وخوف الرجل من قانون الأحوال الشخصية الظالم حتى تأخذ الزوج نصف ثروته في حالة الطلاق واضطرار المرأة للقبول بالمساكنة بدون زواج بسبب حاجتها إلى رجل يقف معها ويحميها، ناهيك عن الحاجة البيولوجية أن يصل لهكذا نهاية.
اما قضية الشذوذ الجنسي وقانون الزواج بين الجنس الواحد فحدث ولا حرج، حيث بلغت حداً لم يكن ممكناً مجرد تخيله في السابق.
وقد كانت هيلاري كلينتون أول سيدة أولى في البيت الأبيض تمشي في تظاهرة لـ(مثليين) لإبداء تعاطفها مع قضيتهم ومطالبهم المشروعة.
وأخيراً يخلص المؤلف إلى القول إنّ هذه هي إحصائيات مجتمع منحط وحضارة تحتضر وتموت. إنّ بلداً مثل هذا لا يمكن أن يكون حراً، فلا حرية دون فضيلة ولا وجود للفضيلة بغياب الإيمان.
إنّ هذا الكتاب صرخة الوعي العربي للتمسك بالقيم والأخلاق بعيداً عن الانحلال وقتل الفضيلة ليكون موت الغرب فيه حياة المسلمين. ولذلك يتّضح أهمية الدين والتديُّن للحفاظ على حياة الإنسان.