صلاح الدين عووضة يكتب : شيء عجيب!!
22 أغسطس 2022م
في عقليتنا..
لا في غرامنا كما قال المغني: شيء عجيب في غرامك..
وإن كان الحال من بعضه..
فحتى غرامنا كله عجب؛ ومن عجائبه تجاهل التحذير من تلقاء المحبوب..
تحذير في شكل لافتة من لافتات الطريق..
ومكتوبٌ عليها بخطٍ عريض: احترس أمامك حفرة… أو مطب… أو صيانة..
أو ربما كُتب عليها: الطريق مغلق..
بمعنى أنت أيها المحب لا تمش في طريق غرامك هذا لأنه غير آمن..
ورغم ذلك يصر العاشق على السير فيه..
بل ويتلذذ بحالة كون طريق غرامه محفوفاً بالحفر… والمطبات… والمخاطر..
ويترجم تلذذه هذا نثراً بمداد الدمع يُرسله إلى معشوقته..
أو شعراً يحكي فيه عن سهرٍ أليم يحاول تبديده ساعاته بعد نجوم السماء..
فغناؤنا كله – إلا قليلا – سهرٌ… ودمعٌ… وعذاب..
وهذا شيء عجيب؛ أن تطغى بدواخلنا مساحة العذاب على مساحة الفرح..
وأمرنا كله عجب؛ ليس في مجال الغرام وحده..
فالعجب يغمرنا في كل شيء… ومن كل جانب..
تماماً كمياه الأمطار… والفيضانات… والسيول… هذه الأيام..
ثم يعيد التاريخ نفسه فينا؛ بكل تفاصيله… وحذافيره..
وقبل أيام كتبت كلمة بعنوان التاريخ؛ عن المعنى هذا نفسه..
فالتحذيرات لا نأخذها مأخذ الجد أبداً..
سواءً تحذيرات طبيعية – كتحذيرات الإرصاد فيما يلي الطقس – أو سياسية..
وهيئة الإرصاد ظلت تحذر منذ شهور..
وقلمنا هذا درج على أن يحذر قبل وقوع أي حدثٍ سياسي قبل فترة كافية..
كافية للانتباه… والمراجعة… وتلافي الأخطاء..
ولكنا لا نحرك ساكناً إلى أن تقع الكارثة؛ فالتحذيرات عندنا مجرد كلام..
والآن حدث ما كانت تحذر منه هيئة الإرصاد..
ففوجئ – ونحن دوماً نُفاجأ – الناس… وحكام الولايات… والحاكمون بالمركز..
دوماً نُفاجأ؛ ثم لا نتعظ… ولا نعتبر… ولا نتعلم..
والآن في غمرة غمر المياه لكثير من أنحاء بلادنا نعيد تحذيرنا للبرهان..
ونقول له: إذا وعدت فافعل..
وآخر وعدٍ من جانبه تجاوز الأيام العشرة التي حددتها للخطوة التالية..
وكان بمثابة تحذير للقوى السياسية إن لم تتفق..
وهو يعلم أنهم لن يتفقوا..
فقد جُبلوا على الأنانية… وشهوات النفس… وحب الذات… وآفة الإقصاء..
ويعلم أيضاً أنها بلا قواعد جماهيرية..
فهي محض حلاقيم… ولافتات… وظاهرة إعلامية..
فليستمع إلى تحذيرنا قبل فوات الأوان..
وليعلن عن تشكيل حكومة كفاءات مستقلة؛ وعن انتخابات بعد نحو عام..
وذلك قبل أن يُفاجأ ببروقٍ… ورعود… وزوابع..
ثم يغمره – ونحن معه – ما كنا نحذر منه..
يغمرنا من كل جانب… ومن فوقنا… ومن تحت أرجلنا..
ثم نيأس من كل شيء..
كيأس شعرائنا – ومغنينا – من وصل المحبوب..
ولا يبقى أمامنا سوى أن نسهر الليالي… ونعد أنجمها… انتظاراً للمحبوب..
والمحبوب هنا هو صندوق الاقتراع..
ونغني له كحال العشاق: شيء عجيب في غرامك..
فالحال – كما قلنا – من بعضه..
الإرصاد ترصد… وتحذر؛ ونحن نرصد… ونحذر؛ ثم يقع المحذور..
شيء عجيب… عجيب جداً..
عجيب خالص!!.