تقرير: مريم أبَّشر
شكّلت المعابر الحدودية بين مصر والسودان مصدراً للتواصل المنتج لتبادل المصالح والمنافع بين الشعبين في وادي النيل، حيث وضعت إطاراً رسمياً و قانونياً للتبادل التجاري المقنن، بخلاف النهج القديم الذي كان السمة الغالبة فيه هي التهريب وبالتالي ضياع مقدرات البلدين خاصة السودان لصالح فئات بعينها ، غير أن هذه المعابر مرت خلال الفترة الماضية بالعديد من المنعطفات و المشكلات أدت في بعضها لإغلاقها، فيما دفعت الأوضاع السياسية التي يمر بها السودان حالياً وحالة عدم الاستقرار في دولاب العمل في الحكومة الانتقالية لتأخر عقد اجتماع اللجنة الفنية الخاصة بتقييم العمل والوقوف على المعوقات والعمل على حلها.
وعقد وكيل وزارة الخارجية أمس الأول، لقاءً بوزارة الخارجية مع السفير المصري بالخرطوم، حيث تطرَّق الإجتماع إلى بحث آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات وتطورات الأوضاع في الإقليم.
وركز الاجتماع الترتيبات الخاصة بعقد لجنة المعابر الحدودية بين البلدين مع التأمين على التواصل والتنسيق فيما يخدم مصلحة شعبي البلدين.
مشتركات
جملة من القواسم المشتركة تربط بين شعبي وادي النيل في مصر والسودان و هي علاقات وقواسم ضاربة الجذور، فضلاً عن التداخل الشعبى والقبلي و المنفعي بين البلدين خاصه مواطني المناطق الحدودية . هذه المشتركات جعلت من الأهمية قيام المعابر البرية والحدودية، والتي واجهت إجراءات تنفيذها في الماضي العديد من العقبات السياسية والإدارية، وتمكنت الدولتان من افتتاح المعبر البري «أشكيت- قسطل» و معبر أرقين بين البلدين، والذي حقق نتائج إيجابية ونجاحات كبيرة في معدلات تنقل الأفراد والبضائع والخدمات عبر الطريق البري بين الجانبين خلال الفترة الأولى للتشغيل . حيث شهدت تدفق فعَّال لحركة التجارة والسلع والأفراد بين البلدين بانسيابية كبيرة، مما ادى للنهوض بحجم التجارة والاستثمار بين شعبي وادي النيل في مصر والسودان، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري خلال المعبر البري ملايين الدولات من السلع والمنتجات المصرية والسودانية.
خطأ فادح
خلافاً لما يقال وماهو متعارف بالعلاقات الأزلية وأن المعابر تعود بالنفع لشعبي البلدين، إلا أن للسفير والخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة رأياً آخر ويعتقد وفق رؤيته أن إقامة معابر حدودية يعد خطأ كبيراً، وأشار إلى أنها أسمهت بشكل كبير في إهدار موراد السودان تصديراً و توريداً، لافتاً إلى أن كثيراً من الموارد التي تصل للسودان غير معروفة و غير ضرورية و اضاف ان اهدار موارد السودان كان ردة الفعل المباشرة له تمت من قبل الجماهير بإغلاقهم للطريق و يعتقد أن التصدير والاستيراد برغم وجود نقاط رسمية من جمارك وضرائب و تفتيش يتم بعضها دون قوانين عبر استخدام العديد من الأساليب خاصة من الجانب المصري . ويرى أبو شامة أن الخطأ تم بفتح الطريق وكان الأجدر ترك عمليات التبادل التجاري بين البلدين تتم عبر النقل النهري . يرى أن الجانب المصري وبما يمتلك من خبرات هو المستفيد من تصدير موارد السودان خاصه الماشية، وأضاف (أقاموا مسلخاً لتصدير لحوم السودان) . ويرى أن السودان ظلت حقوقه مهضومة من قبل الجانب المصري وأن النظرة المصرية للسودان لم تبارح مكانها واستشهد على ذلك بقيام السد العالي وإغراقه لأراضي سودانية دون مقابل . ووصف العلاقة بين الخرطوم والقاهرة بالدقيقة وأضاف تحتاج لناس أقوياء غير متساهلين وحسب قوله هنالك عمليات كبيرة تتم عبر الحدود تهضم عبرها موارد السودان.
مهمة ولكن!
كثير من المراقبين للعلاقات السودانية المصرية من منطلق الاستفادة و التواصل يروا أن أنشاء معابر تربط البلدين بشكل قانوني مهمة وضرورىة خاصة من الجانب المصري الذي بات في الآونة الأخيرة يعتمد في موارده على السودان و يرى الدكتور في العلاقات الدولية عبد الرحمن أبو خريس في إفادة لـ (الصيحة) أن فتح المعابر في تقديره مفيد للبلدين و الشعبين إذا ما أحسن الاستغلال، ولفت إلى أن أهم ما يواجه عمل المعابر هو عمليات الإغلاق التي تتم من كلا البلدين، وذكر أن الفترة الأخيرة شهدت هجرة عدد كبير من السودانيين عبر المعابر لمصر، وأضاف وفق ما يرد في الوسائط فإن السودانيين المقيمين هناك يواجهون تعامل غير جيِّد من الجانب المصري – على حد قوله و مضيفاً أن المصريين لديهم شروط محددة للدخول لبلادهم، وذكر أن أكثر من أربعة ملايين سوداني يقيمون بمصر وتستفيد من خبراتهم وعملهم، ودعا لأهمية توفيق أوضاعهم.
أما فيما يلي تصدير موارد السودان لمصر أشار أبو خريس إلى أن السودان يعيش حالياً أوضاعاً استثنائية جعلت من عائد صادراته دون المستوى المطلوب و المتوقع لجهة أن مواصفات صادراتنا معظمها دون العالمية و فق معايير الجودة، مضيفاً أن الجانب المصري يستورد مواد شبه خام ويطبق عليها معايير الجودة و بالتالي تصدر للعالم على أساس أنها منتجات مصرية ويرى أن السودان أن كان راغباً في أن تستفيد البلاد من موارده يجب عليها أن يعمل على تطبيق المواصفات العالمية عليها وعدم السماح بتصديرها خام، ولفت مراقبون إلى وجود خلل كبير أحياناً وتجاوزات تتم عبر المعابر ويروا ضرورة أن ينظر إليها في الاجتماعات التي تعقد بين الطرفين خاصة الاجتماع المرتقب وأضافوا أن كان السودان يرغب في الاستفادة من عائدات موارده عليه بتحسين إخراجها بإضفاء القيمة المضافة لها بدلاً من تصديرها شبه مواد خام.