حوار: صلاح مختار 18 اغسطس 2022م
والي جنوب كردفان موسى جبر، لأول مرة التقيه، عندما بدأ يتحدث ركزت جيِّداً على حديثه، أول ملاحظة عليه أنه لم يخلط الأوراق كان مركَّزاً ومنضبطاً في حديثه، كما قلت ليس لي سابق معرفة ولكني عملت بأنه عاصر الولاية ضابطاً إدارياً ومن هناك عرفت لماذا كان حديثه محدَّداً لا يخلط فيه الأوراق، وهو رجل كما يقول البعض يحفظ (لوح) ابتعد عن التحدث في الأمور السياسية بحذر وكان واضحاً بأن الجهاز التنفيذي خبره ضابطاً تنفيذياً ولذلك كانت الأمور لديه واضحة. حتى عند الحديث عن مشاكل الأمن والحدود والإخفاقات التي صاحبت اتفاقية السلام. عموماً جلسنا معه وهو يزور الخرطوم لبحث قضايا الولاية مع المركز فماذا قال؟
لماذا الدعوة لمؤتمر تنسيقي بين الولايات؟
صراحة عقدنا مصالحات ووقعنا وثائق بين مكوِّنات كادوقلي الكبرى وفي ذات الاتجاه لدينا مشكلة منذ خمسة أعوام، بين الخلفان ودار نعيمة تم فيها جبر الضرر, وطلبنا من الطرفين التوقيع على وثيقة صلح وطلبوا منا عقد مؤتمر يعلنوا فيه الصلح. بالتالي تصبح خمس محليات في الجزء الغربي خالية من الاحتراب القبلي, الإشكال الآن في محلية أب كرشولا القطاع الشرقي، حيث التزموا بدفع الديات. نعمل في التصالحات حتى يتم إعلان الولاية خالية من الاحتراب والصراع القبلي. ولكن فوق كل ذلك هنالك تداخل كبير قبلي ورعوي وأمني بين الولايات المجاورة لجنوب كردفان مما يحتم علينا التنسيق فيما بينا.
ولكن هل يحتاج ذلك إلى مؤتمر؟
أنا أتأثر مثلما تتأثر الولايات الأخرى بالأحداث التي تقع فيها، لذلك رأينا أن نقدم دعوة لعقد مؤتمر أمني تنسيقي في كادوقلي لولايات كردفان الثلاث، بالإضافة إلى ولاية النيل الأبيض، لبحث المشكلة الأمنية والقضايا العابرة والاحتكاكات الرعوية وكل المشتركات فيما بين الولايات. ثم نضع خطة لذلك حتى نحارب الجريمة ونحاصر المجرمين. لا يمكن أن تكون هنالك ولاية صارمة وأخرى متساهلة في إجراءاتها الأمنية. بالتالي لابد من عمل موحَّد لتوسعة دائرة الأمن في الولايات المشاركة. لذلك حتى نوفر الأمن ونحافظ على تماسك النسيج المجتمعي أنشأنا آلية المصارحة والمصالحة والاستشارة وضعنا نظاماً ومنهجاً كي نوصل الناس إلى المصارحة وتقبل مصالحة واستشارة حتى يكون هنالك استشعار للجريمة قبل وقوعها تجعلنا نحافظ على الاستقرار.
بصراحة كم تصرف الحكومة على الأمن؟
في العام الماضي من يناير 2021م إلى 31 ديسمبر، نفس العام صرفت حكومة الولاية ما يقارب (640) مليون جنيه، أمام الأمن على حساب التنمية والخدمات وكثير من الأشياء صرفت كي نحافظ على الأمن رغم ذلك لم نرض طموحنا، الآن لجنة الأمن في اجتماعات لعمل حملات وحصار للمناطق المشبوهة, ولدينا حملات في بعض المدن تم القبض على الجناة، الآن ليس هنالك بلاغ ضد مجهول، في بعض المدن بالولاية حضرنا إلى الخرطوم والتقينا بالنائب العام وطالبنا بزيادة النيابات وهم مشكورين تم تعيين عدد كبير من القضاة للولاية, الآن المواطن شعر بأن هناك سلطة تعمل لفرض هيبة الدولة أكثر من الماضي, سوف نضع حداً لجرائم الطرقات من خلال المؤتمر التنسيقي لأنهم قد يحتموا بمناطق خارج سيطرة الحكومة، ولكن كثيراً ما أقول عبارة (الحرامية حنغطس حجرهم)، أما تسلِّموا وتتوبوا أو نواجهكم بالكيفية التي نعلمها .
لماذا لم تطالب الولاية من قبل بترسيم الحدود؟
طالبنا بترسيم الحدود بين ولاية جنوب كردفان والنيل الأبيض من قديم وقبل أربع أو خمس سنوات، شكلت لجنة من ديوان الحكم الاتحادي طلبوا من الولاياتين تمويل العمل، ولكن الولايات لم تلتزم شخصياً طالبت المركز مراجعة ترسيم الحدود مع النيل الأبيض لدينا مشاكل حدودية مع شمال كردفان في أكثر من موقع سوف نطرح خلال المؤتمر التنسيقي تلك النزاعات الحدودية بين جنوب كردفان والولايات المجاورة حتى لا يكون هنالك نزاع في المستقبل.
ولاية جنوب كردفان من الولايات التي شملها اتفاق سلام جوبا ما التأثير الذي طرأ على الولاية؟
سعيدون بالاتفاقية وهي تحقق مكاسب لأهل الولاية، في وجهت نظري إذا قارناها مع اتفاقية 2005م، تكلمت عن حق لكل أهل الولاية، ولكن اتفاقية 2005م، كان فيه نفس تقسيم بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية أنصبة الاتفاقية وضعها أشمل للولاية، ولكن في بطء في تنفيذها. لم تطبَّق الاتفاقية إلا من خلال تعيين نائب للوالي ولم نؤسس هياكل الحكم حتى الآن. بجانب ذلك الاتفاقية منحتنا قسمة الموارد، ولكن حتى الآن لم يتم تطبيقها. وأنا والي لا أستطيع عمل اختراق في الاتفاق، لأن موجهاتها في المركز. كذلك واحدة من إخفاقات الاتفاق عدم قيام مؤتمر نظام الحكم في السودان جعلنا لا نستطيع الحديث عن إقليم وبمزاياه أو ولاية
ما هي الملفات التي بحثتها بالخرطوم؟
أكثر الأشياء الملحة التي جعلتنا نأتي للخرطوم في هذا الظرف كان قضية تمويل الموسم الزراعي منها النقدي والرأسي وتوفير المدخلات والوقود، الأمر الآخر بالنسبة لتأمين الموسم الزراعي خلال هذه الفترة تكثر فيها المشاكل والنزاعات بين الرعاة والمزارعين.
ما فلسفة ذلك؟
لأن تأمين الموسم الزراعي يعني تجنب الاحتكاك بين المزارعين والرعاة بجانب ذلك تأمين القطعان كي تصل إلى مناطقها وترجع إلى مصائفها, لذلك حكومة الولاية تطرح سنوياً خطة الموسم الزراعي وهي خطة تأمينية شاملة، يتم رفعها للمركز كي يتم توفير التمويل.
ما مقدار ميزانية تأمين الموسم الزراعي؟
ميزانية العام الماضي كان (106) مليون، الآن الميزانية (350) مليون جنيه، وعندما طلبنا العام الماضي الميزانية وفر المركز (50) مليوناً، فقط، ما يعادل (48%) من الخطة، الباقي تم تغطيته بطريقتنا وشكَّل عبئاً كبيراً علينا, هذه المرة صدق المركز (100) مليون جنيه، لتأمين الموسم الزراعي كدفعة أولى أتوقع يكون هنالك دفعة ثانية وثالثة حتى يتم تأمين الموسم الزراعي .
وماذا عن توفير مدخرات الإنتاج؟
بخصوص توفير مدخلات الإنتاج تمويل المزارعين اجتمعت مع مدير عام البنك الزراعي ونائبه وتحصلت على تطمينات بذلك. من ضمن الخطط التي وضعناها كنا نهدف إلى زراعة (5) مليون فدان، ما بين الآلية والتقليدية البنك الزراعي في خطته التزم بتمويل نصف المساحة أقل من (10%), البنك الزراعي التزم بتوفير الوقود والسماد وزيادة المساحة إلى أكبر قدر في الولاية حتى وأن كانت إلى (5) ملايين فدان.
وماذا عن اللقاء الذي جمعكم مع الفريق الكباشي؟
قابلت المشرف على الولاية الفريق الكباشي وضعت أمامه قضايا الولاية بجانب استحقاقات العامين التي تكدست منذ عام 2020م، إلى يومنا هذا, وهو مشكور دعا إلى اجتماع ضم وزير الزراعة والبنك الزراعي وكيل وزارة المالية ومدير جهاز المخابرات الفريق مفضَّل وشخصي, الاجتماع ركز على محورين الموسم الزراعي واستحقاقات العاملين, الاجتماع أكد على توجيه البنوك بالعمل في العطلات فيما التزم وكيل المالية بتوفير تمويل التقاوى فوراً .
هنالك مشكلة تعاني منها الولاية متعلقة باستحقاقات العاملين؟
صحيح كانت الخطوة الثانية في الرحلة إلى الخرطوم بحث استحقاقات العاملين. حيث كانت حجة وزارة المالية بأن الاستحقاقات لكل السودان وليس جنوب كردفان وحدها وقالت لا تستطيع استثناء ولاية عن ولاية أخرى, ولكن قلت بأن هناك ولايات لديها مداخيل ويمكن الانتظار بيد أن ولاية مثل ولاية جنوب كردفان رغم أنها غنية لم تستغل مواردها بسبب وجود أكثر من معوِّق يمنع من استغلال الموارد. ولذلك طلبنا باستثناء ولاية جنوب كردفان في ذلك الشرط. لأن هناك شلل أصاب العمل في الولاية.
لديكم رأي فيما أقدمت عليه المالية بزيادة المرتبات؟
واحد من الأشياء التي نأخذها على وزارة المالية, لا يمكن أن تزيد في المرتبات وليس لديك ما يوازيه من مدخلات لتغطية الزيادة, الأمر الثاني عندما ظهرت المشكلات استثنوا المعلمين من السداد ما أدى إلى تحريض الآخرين بالمطالبة بحقوقهم بذات القدر, وترى إذا الدولة استطاعت سداد استحقاقات المعلمين لماذا لا تسدد استحقاقاتنا؟ ولكن رد السيادي بأن المشكلة طرحت ولديهم رؤية للحل وطلبوا منا إمهالهم (72) ساعة، لطرح الرؤية إلى المجلس السيادي.
البعض يخشى من سيطرة المركز على الموارد؟
لا نريد أن نجعل المركز شماعة بالنسبة لنا كولاة في حقيقة الإيرادات. لِمَا لا نبتدع مواعين إيرادية غير تقليدية نحقق من ورائها إيرادات للولايات؟ نحن مستوى حكم فيدرالي لماذا نضع شماعتنا على المركز؟ لأن مطلوب منا كسلطة حكم محلي فيدرالية مالية. بجانب هنالك ضرورة أن يسرع المركز على تشكيل مفوَّضية تقسيم الموارد حتى تعلم كل ولاية مواردها ومن هذا يمكن أن تتحمَّل كل الالتزامات من تنمية أو خدمات أو غيرها ويمكن سد الفجوة إذا ظهر في منطقة أخرى.
وكيف ترى مواعين الولاية الإيرادية؟
لديَّ الآن في الولاية أكثر من (60) منجماً، للذهب تعمل بالطرق التقليدية ولكنها غير فاعلة، بسبب أن المواطن في كثير من الجوانب مُعيق لاستغلال تلك الموارد. هناك عوامل الأمن وعدم الاستقرار وعدم توفير البُنى التحتية. ولذلك أوجه رسالة إلى المركز بأننا في جنوب كردفان لا نستجدي ولكن نطلب بدعم المركز حتى نقف على أرجلنا وبعد ذلك نتحمَّل الآخرين.
رغم حديثك لم تشر إلى هيئة جبال النوبة الزراعية؟
دعني أكون دقيق جداً معك، أنا لا أفتي ومالك في المدينة، هيئة جبال النوبة الزراعية سبق أن اجتمعت معهم في المكتب وسبق أن اجتمعت كذلك مع مجدي ميرغني، تحدثنا معهم في هذا الخصوص, قدَّمنا لهم الدعوة في إطار توسعة زراعة القطن في هذا المشروع, فوق كل ذلك لدينا (6) محالج للأقطان موجودة بالولاية، والمزارعون عرفوا ميزة زراعة القطن من ناحية الأسعار ومنتظرين أن نحقق ذلك.
حتى لا تستجدى الولاية المركز لماذا لا تطوِّر الولاية الخارطة الاستثمارية؟
كنا على قناعة تامة أن القطاع العام وحدة لا يحقق أرباحاً، لذلك كنا منتبهين لاستقطاب القطاع الخاص, لدينا إدارة في وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية للاستثمار ولدينا خارطة استثمارية قديمة تجدِّد وتحدث فترة بعد فترة. ونسعى كحكومة كي يكون لدينا أكثر من مورد ودخل من الشراكات مع بعض شركات القطاع الخاص الناجحة وخاصة التي تعمل في مجال الذهب, كذلك وقعنا مذكرة تفاهم مع جهاز المغتربين لإقامة مؤتمر تجاري استثماري اقتصادي من خلاله نقدِّم الدعوة للشركات المحلية والدولية والإقليمية نعرض فيها مقدرات الولاية. وبالتالي الآن لدينا تشريعات مرنة تشجع المستثمر للدخول والعمل في أكثر من منشط في المجال الزراعي ومع جهات كثيرة في مجال السياحة والصناعة, ولدينا مشروعات بنظام البوت. صحيح لم نروِّج عنها نسبة للظروف السياسية الراهنة. نحن نفكِّر تفكيراً خارج الصندوق ولا نريد التفكير داخل الصندوق.
رغم حديثك ولكن الولاية لديها مشكلة البُنى التحتية؟
بالنسبة للبُنى التحتية هي مشكلة ورثناها من زمان، مثلاً الطريق القومي من الأبيض كادوقلي كان يحتاج إلى صيانة وتأهيل نجحنا في صيانته ويعاد تأهيله بعد مطاردة. أما الطريق الدائري الحيوي تعترضه كثير من العقبات حتى أن مواطني الولاية سمَّوه (طريق البعاتي) الذي يبدأ من العباسية رشاد أبوجبيهة كلوقي تلودي الليري. هذا الطريق يمثل حلم لأبناء الولاية منذ القدم، أخيراً بعد معاناة المركز بصدد توقيع عقد لإكمال الطريق مع إحدى الشركات الكبرى. لا أريد الإفصاح الآن. لدينا طريق آخر تم التوقيع على عقد تشييده وهو هبيلا الدلنج وهو جزء من طريق الدلنج أم برمبيطة دلامي المرحلة الأولى تم التوقيع عليه ورسى لشركة “زادنا” حيث يبدأ العمل الأيام المقبلة. لدينا طريق آخر مهم وهو طريق الرهد سدرة أبوكرشولة بصدد بعض الترتيبات، حيث نبحث عن شركة للتنفيذ نتوقع بنهاية العام يبدأ العمل. لدينا داخل المدينة تصديق بـ(15) كيلو، من الطرق المسفلتة. في مجال الكهرباء تعاقدنا مع شركة هارموني لتوصيل الكهرباء بجانب الخط الناقل أم روابة العباسية سيبدأ العمل في غضون اليومين وسيتم تسليم الشركة المسار. تفاكرنا مع عدد من المستثمرين بنظام البوت لتوفير الكهرباء, أمام أكثر من خيار . أما بالنسبة لمطار كادوقلي استلمنا المبلغ الأول لتأهيل المطار وسوف يتم توسعة وتأهيل المطار ليكون مطاراً دولياً.
كيف يؤثر عدم توقيع حركة الحلو على السلام في عملية التنمية؟
بالتأكيد له أثر، ولكن هنالك سلام مجتمعي، وإذا ذهبت ورأيت لا تشعر بأن هنالك حرباً، اختفت مظاهر التسلُّح، ولكن يظل من خلال الممارسة إغلاق الطرق الرئيسة من الدلنج كادوقلي في المساء دون محاذير أمنية يعني هنالك مشكلة.
هل هنالك تواصل مع حركة الحلو؟
على المستوى الشخصي هنالك تواصل ولكن لا يُعد ذلك قياساً، نحن قيادات رسمية متواصلين ولكن تظل مسألة علاقات عامة ليس حلاً للمشكلة. أما أسواق التواصل الاجتماعي هي عربون للناس، حيث يزور السكان في مناطق الحركة الأسواق، حيث تتوفر كل السلع وتعتبر حركة عادية، ولكن في النهاية نشعر بأن هنالك قابلية للسلام المجتمعي.
تسبب ندرة المياه في صراعات لماذا لم تستفد من حصاد المياه؟
هذا الملف أصبح الشغل الشاغل لأنه يخلق الصراع على الموارد, قبل عامين حصل اقتتال في قدير بسبب حفر بئر حتى الآن نحقن الدماء، كثير من المشاكل خاصة في هذه الأيام بسبب وجود مورد مياه داخل أراضي زراعية, بجانب شح المياه نفسها يتسبب في الاقتتال، كذلك الرحلة الطويلة التي يُستغل فيها الرعاة بشكل قبيح جداً، لذلك أولينا مشروعات حصاد المياه أولوية قصوى وبدأنا بالساهل، لدينا تصاديق لأكثر 46 بئراً، ارتوازية، مكتملة تواصلت عن طريق جهة أجنبية، لطلب مشروعات حصاد المياه قمنا بتجهيزها, كذلك الحفائر والسدود وخزانات المياه واحدة من المشروعات الجميلة التي لها مرونة, لدينا وحدة هندسية كبيرة جداً طرحنا ذلك لمجلس السيادة لصيانتها وافق على ذلك. كذلك نركز على مشروع المياه بشقيها المحلي وعن طرق المانحين وعن طريق التعاقد المباشر مع الجهات الأخرى. كذلك لدينا مشروع مع بنك التنمية الأفريقي لتوصيل المياه من حوض السعاته الجوفي لمدينتي الدبيبات والحمادي. إذاً ستحل مشكلة المياه في المحليتين بشكل جذري.