18 اغسطس 2022م
احتفلت القوات المسلحة السودانية بعيدها الثامن والستين في شندي، وقلنا في مقالنا عيد الجيش (١)، إنّ الحيش السوداني محل احترام غالبية الشعب السوداني، وإن الجيش السوداني هو حجر الزاوية في الدولة الوطنية السودانية، وقلنا إنّ الجيش حافظ على هيبته وقوته وانضباطه طيلة سنوات الحكم الوطني والأجنبي، وقلنا إنّ الجيش شارك في كافة الميادين العالمية والإقليمية والعربية وكان مثالاً للاحترام والتقدير، وقلنا إنّ الجيش طيلة هذه الفترة الطويلة لم ينهزم ولم ينكسر، وقلنا إنّ الجيوش من حولنا أغلبها انهار، ولكن الجيش السوداني يزداد قوةً وهيبةً ومنعةً ويجد تأييداً منقطع النظير من الشعب السوداني، وقلنا إنّ كل الأنظمة السودانية ساعدت في تطويره وخاصةً من حيث التسليح والتدريب والتأهيل، وقلنا إنّ الجيش منتشرٌ في كل بقاع السودان، وقلنا إنّ الجيش حافظ على استقلاليته ووطنيته رغم مُحاولة بعض أنظمة الحكم المختلفة لتسييسه، وقلنا إنّه يجتهد ليكون جيشاً قومياً، بل هو جيشٌ مهنيٌّ ويسعى لهيكلة وتنظيم نفسه دون تدخل الساسة، ولذلك هيّأنا للجيش السوداني.
في عيده الثامن والستين وفي هذه المناسبة، خاطب الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، الأمة السودانية في عيد الجيش ومن شندي، حيث تحدث عن الوضع في السودان حديثاً واضحاً، وقال إن الوقت يتسرّب من بين أيدي السودانيين، وإن البلد كلها في خطر، وإن السودان يكون أو لا يكون، ولذلك مطلوبٌ من القوى السياسية أن تصل إلى وفاق وطني يؤدي الى الاتفاق على اختيار رئيس الوزراء وتكوين حكومة تنفيذية تقود ما تبقى من مرحلة انتقالية وفق برنامج وطني مُتّفق عليه أو الذهاب الى الانتخابات المبكرة مُباشرةً.
أعتقد أن البرهان تحدّث عن اتفاق القوى السياسية للجلوس للحوار والذي يقود الى وفاق وطني حديثاً صريحاً.
صحيحٌ إنّ البرهان كرر هذا القول مرات ومرات، ولكن أعتقد أن الحديث الآن مختلف، لأنه في حديث سابق قال إن الجيش بصدد الخروج من الحياة العامة والحكم وتسليم السلطة للمدنيين، شريطة إجماعهم واتّفاقهم جميعاً دون عزلٍ أو إقصاءٍ، لأنّ الجيش على مسافة واحدة من الجميع.
كذلك أعتقد أنّ الظروف الآن اختلفت تماماً وخاصّةً من حيث التدخل الأجنبي في أمر السودان.
أعتقد أنّ البرهان جاد جداً في تسليم السلطة للمدنيين حين يتّفقون، وحال عدم اتّفاقهم أعتقد أنّ قيام انتخابات مبكرة ضرورة وطنية، لأن الحكم مُحتاجٌ لتفويض من الشعب ومكان ذلك الانتخابات.
عليه، أعتقد أنّ القوى السياسية يجب أن تفهم هذه الرسالة، إما اتفاقٌ على حكومة وبرنامج وطني أو انتخابات عاجلة.
ويُمكن للسيد الفريق أول البرهان اعتماد دستور ٢٠٠٥م، وهو دستور اشتركت فيه كل القوى السياسية حينه، ومن ثم تعيين محكمة دستورية وفق ذلك الدستور على أن يكون رئيسها رئيس الجمهورية مؤقتاً وهو رئيس مدني، ورئيس الجمهورية المدني يختار رئيس حكومة غير حزبية، وتشرف هذه الحكومة على الانتخابات. وتذهب القوات المسلحة والدعم السريع والقوات النظامية الأخرى إلى مجلس الدفاع الوطني، تهتم بالشأن العسكري والأمني والإشراف العام على الدولة وتترك العمل التنفيذي لمجلس الوزراء.
على العموم خطاب البرهان في شندي له ما بعده.. وغداً لناظره قريب.