منى أبوزيد تكتب : مكانها وين”..؟
18اغسطس 2022م
“عليها أن تكون كل نساء الأرض، وعليها أن تعرف متى تكون هذه ومتى لا تكون تلك، أعَانَها الله وإيَّاه”.. الكاتبة..!
حتى وقت قريب كانت هنالك دراسات اجتماعية ونفسية جادة تؤكد – على تباين مصادرها – أن الحب الحقيقي الذي يدوم إلى الأبد ما هو إلا وهم يغذيه خيال العُشّاق، وأن الحب الذي يجعلك لا ترضى عن شريك العاطفة والوجدان بديلاً – مهما كانت العقبات أو المُغريات – مكانه الروايات الرومانسية والأفلام التجارية..!
لكن وكالات الأنباء العالمية تناقلت – قبل فترة – خبر اكتشاف علمي جديد، جاء كنتيجة راجحة لدراسات وأبحاث مُستفيضة عكف عليها بعض العلماء في إحدى الجامعات الأمريكية. الاكتشاف مفاده أنّ الحب الحقيقي الذي يدوم إلى الأبد حقيقة علمية واقعية وليست واقعاً افتراضياً مقصراً على الروايات والأفلام الرومانسية..!
الحب الحقيقي الذي قام أولئك العلماء وقعدوا لإثبات وجوده ليس الحب العُذري الذي يتلظّى بنار الفراق وينضج على أتون الشُّعور بالحاجة والافتقاد، بل هو الحُب الذي يدوم إلى الأبد بين الزوجين، بعد أن يتمدّد الملل على أريكة الشغف، وبعد أن يتحوّل الهمس إلى شَخير، وبعد أن تصبح الرسائل الهاتفية التي كانت “من نوعية مشتاق ليك” إلى طلبات عاجلة مقتضبة على غرار “جيب معاك عيش”..!
نتائج تلك الأبحاث جاءت بعد دراسات مكثفة على زيجات وأزواج من مختلف الفئات، فقد اختار الباحثون أزواجاً حديثي العهد “ناس إنتِ سعيدة معاي”؟، وآخرين مرّ على زواجهم ما يكفي للتذمُّر على طريقة “أهلك غشوني”. ثم آخرين مرّ على زواجهم أكثر من عشرين عاماً، فتفرغوا للمناكفة “نضارة الجن دي مكانها وين”؟. “يا راجل قول بسم الله تسأل من النظارة وإنت لابسها” ..إلخ..!
وتجنباً لأي شبهة “استهبال” من أيِّ نوعٍ فق تم إجراء مسوحات مقطعية على أدمغة الأزواج في أثناء تعبيرهم عن حبهم لشركاء حيواتهم، فكانت النتيجة هي ظهور استجابات عاطفية عند بعض الذين مَرّ على زيجاتهم أكثر من عشرين عاماً، تشبه تلك التي تظهر على الأزواج حديثي العهد..!
وعليه، فقد ثبت علمياً أن الحب والإخلاص لشخص واحد إلى الأبد حقيقة علمية موجودة ومتعايشة مع وحش النكد وشيطان الملل. لكنني لا أعتقد أن الدراسة الحديثة تدحض القديمة بقدر ما تمثل كلتاهما وجهاً من وجوه الواقع والمعيش. فالرومانسية التي تتبخّر بعد مرور سنوات هي تلك التي تنهض على افتراض الملائكية والكمال والتفرُّد في الآخر، بينما العاطفة الأبدية في علاقات الزواج هي تلك التي تتّفق مع حق الآخر في الاختلاف، وبالتالي هي التي تصنع الاستقرار..!
الزبدة هي أن تختار البقاء مع شخص لم يعد يدهشك أو يفتنك وجوده، ولم يعد يخيفك أن تفقده، لكنك في ذات الوقت لا تستطيع – ولا تريد أن تستطيع – أن تكمل المشوار مع شريك آخر غيره، حتى وإن كان ذلك الجديد “من النوع الشديد”..!