16 اغسطس 2022م
سأل صحفي، الكاتب المصري الكبير (عباس محمود العقاد) من منكما أكثر شهرةً، أنت أم شكوكو؟ وشكوكو هذا مُهرِّج مصري هزلي شهير، يلبس ثياب المُهرِّجين لإضحاك الناس.
فردّ عليه العقاد باستغراب (مين شكوكو هذا)؟!!
عندما وصل خبر هذه المحادثة للمُهرِّج شكوكو، قال للصحفي، قل لصاحبك العقاد ينزل ميدان التحرير ويقف على أحد الأرصفة، وسأقف أنا على الرصيف المقابل، ونشوف الناس (حتتجمّع على مين)، وهنا رَدّ العقاد قل لشكوكو ينزل ميدان التحرير ويقف على رصيف ويخلي (رقّاصة) تقف على الرصيف الثاني المقابل له، ويشوف الناس (حتتجمّع على مين أكثر؟!).
عبارة العقاد رغم قسوتها، ولكنها تلخِّص واقعاً مريراً مفاده كلما تعمّق الإنسان في الابتذال والهبوط والانحطاط، ازدادت جماهيريته، وخاصةً في السُّودان هذه الأيام.. إنه في هذه السنين العجاف رُفع الوضيع وذُل الرفيع ومال الناس إلى السطحية والتهريج والسذاجة، فثمة انتقادات لهذا الميل العجيب المتدني المبتذل من زمن سقراط، ولكنه للأمانة لم يصل هذا المستوى الذي وصله أهل السُّودان.
لقد كتب الكندي الدكتور الان دونز كتاب (نظام التفاهة) وخلص فيه إلى أنّ التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام، لقد أمسكوا بكل شئ بكل تفاهتهم وفسادهم لغياب القيم الراقية والمبادئ والأخلاق الفاضلة، فطغى الفساد، وغابت القيم والذوق الرفيع، إنه زمن الصعاليك الهابط، فكم من شكوكو اليوم في السُّودان يُرفع، وكم من عقاد في غياهب الإهمال والسجون!!
إننا في عصر انحط فيه الوطن السُّودان، حتى صرنا لا نُميِّز بين مَن شكوكو ومَن العقاد.
السُّودان الذي كان إلى عهد قريب علماً في رأسه نارٌ بين الأمم، صار الآن تحت أخمص الأقدام.
غاب فيه الأمن والأخلاق والقيم، وانحط فيه الشريف، وعلا وسما الوضيع، وانزوى كل كريم عفيف شهم حتى لا يُقال له كذا وكذا!!
أيُّها السادة، أخاف على السُّودان وعليكم وعلى نفسي من عصر شكوكو هذا، الذي صار فيه يُقرِّر فولكر ومن على شاكلته في شأن السُّودان.. إنّها المأساة! إنّها المأساة! إنّها المأساة..!